النجاح الإخباري - في ظل رماد الحرب وضجيج الانقسام، تنكشف ملامح وثيقة تاريخية لتشكيل قيادة مدنية جديدة لإدارة غزة. بوساطة قطرية مصرية، يقترب اتفاق بين فتح وحماس قد يغير الواقع في القطاع المحاصر. فهل يكون هذا التحرك بداية عهد جديد، أم مجرد فصل آخر في سلسلة الانتظار؟
الكشف عن الوثيقة الكاملة لتشكيل قيادة مدنية في غزة
ويدور الحديث حول مباحثات تجريها حركتا فتح وحماس للتوصل إلى اتفاق يُفضي إلى تشكيل لجنة إسناد مجتمعي، تتولى إدارة شؤون قطاع غزة وتعمل تحت إشراف مباشر من السلطة الوطنية الفلسطينية، بموجب قرار يصدره الرئيس محمود عباس.
وتم الكشف عن الوثيقة الكاملة لتشكيل قيادة مدنية في غزة من خلال لجنة إسناد مجتمعية وستكون هذه اللجنة هيئة وطنية إدارية مكلّفة بتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في القطاع، كجزء من خطوة وطنية تهدف إلى تخفيف آثار الحرب وتعزيز جهود إعادة الإعمار في ظل الأوضاع الاستثنائية التي يشهدها القطاع.
تفاصيل الوثيقة
وبحسب مصادر مطلعة فإن الاتفاق يتضمن إنشاء صندوق دولي لإعادة إعمار غزة، تشرف عليه الدول المانحة، مع ضمان مشاركة ممثل عن وزارة المالية الفلسطينية ومساعد من لجنة الإسناد، بما يحقق أعلى مستويات الشفافية والرقابة الفعّالة لضمان نزاهة عملية الإعمار وفعاليتها.
مرجعية اللجنة وأهدافها
اللجنة تتبع إداريًا للحكومة الفلسطينية، وتعمل وفق الأنظمة والقوانين المطبقة في أراضي الدولة الفلسطينية، مع خضوعها للرقابة من الجهات المختصة. تهدف إلى الحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة على حدود عام 1967، مع التأكيد على عدم المساس بوحدة النظام السياسي الفلسطيني في الضفة الغربية، القدس، وغزة.
التشكيل والمعايير
تتألف اللجنة من 10 إلى 15 عضوًا، يتم اختيارهم من الشخصيات الوطنية المستقلة ذات الكفاءة والخبرة في إدارة الشؤون العامة. ويُراعى عند اختيار الأعضاء الالتزام بالنزاهة والشفافية، وضمان تمثيل تخصصات متنوعة تشمل الصحة، التعليم، التنمية الاجتماعية، الزراعة، الحكم المحلي، وإعادة الإعمار.
المهام الأساسية
اللجنة مكلفة بعدة مهام جوهرية، من بينها:
1. تقديم الخدمات الأساسية: تشمل الصحة، التعليم، التنمية الاجتماعية، والزراعة.
2. إدارة شؤون القطاع: معالجة آثار الحرب والإشراف على أعمال الإغاثة.
3. التواصل مع الحكومة الفلسطينية: لضمان التنسيق والتكامل بين اللجنة والحكومة.
4. إعادة الإعمار: دعم جهود إعادة تأهيل البنية التحتية والمرافق الحيوية بالتنسيق مع صندوق دولي للإعمار تشرف عليه الدول المانحة.
صلاحيات اللجنة
تتمتع اللجنة بصلاحيات اتخاذ القرارات اللازمة لتنظيم أعمالها، وإعداد اللوائح المنظمة، بما يضمن تحقيق المصلحة الوطنية وتيسير العمل.
آلية العمل
وبحسب الوثيقة يبدأ عمل اللجنة بعد اجتماع فلسطيني موسع في القاهرة بدعوة من الرئيس الفلسطيني، يهدف إلى وضع اللمسات الأخيرة على تشكيل اللجنة. ستعمل اللجنة على تفعيل معابر القطاع بناءً على الآليات السابقة، ومنها تشغيل معبر رفح وفق اتفاقية 2005.
نفي حكومي
وفي تصريح مقتضب اشار مصدر حكومي واسع الاطلاع ان المقترح المنشور حول اللجنة تم رفضه، وأن هناك تفاصيل لا زالت بحاجة إلى نقاش مستفيض.
مرحلة انتقالية ومشهد جديد
وحول الموضوع أكد المحلل السياسي جهاد حرب في حديثه لـ"النجاح الإخباري" أن تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي في غزة يأتي في إطار "أداة لاقناع الأطراف الدولية بوجود شخصيات فلسطينية مسؤولة عن استقبال إدارة القطاع في مرحلة انتقالية"، في ظل الوضع الحالي للقطاع تحت الاحتلال. وأضاف أن هذه اللجنة "مرتبطة بالسلطة الفلسطينية" وقد تكون خطوة نحو "إمكانية الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار"، إلا أنه رأى أن "هذا ليس الخيار الأمثل للفلسطينيين"، إذ يفضل أن تكون الحكومة الفلسطينية "موافقة عليها وتعمل في قطاع غزة والضفة الغربية من أجل توحيد المؤسسات الفلسطينية وإعادة الحياة للقطاع".
وفيما يتعلق بصندوق إعادة الإعمار الذي سيروّج له خلال الفترة القادمة، أكد حرب أن "الدول المانحة ستكون مسؤولة عن الإشراف على إدارة أعمال هذا الصندوق"، وأوضح أن هناك "مستويات محددة من الرقابة على آليات إنفاق الصندوق"، وأشار إلى أن "الحكومة الفلسطينية قالت إنها ستكون شفافة في إدارة الأموال المتعلقة بإعادة الإعمار". وأضاف: "من المبكر الحديث عن إعادة الإعمار في قطاع غزة، ما لم يكن هناك اتفاق لوقف الحرب وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي".
وفي رده على تساؤلات حول المشهد السياسي في غزة، قال حرب: "إن الاحتلال الإسرائيلي قد يستغرق وقتًا طويلًا للانسحاب من قطاع غزة"، مشيرًا إلى أن "الجيش الإسرائيلي يقدر تكلفة وجوده في غزة بـ25 مليار شيكل، ما يجعل عملية الانسحاب على فترات ممكنة، ولكن لا أعتقد أن المدة ستكون طويلة إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار". وأوضح حرب أن التغيرات الإقليمية والجغرافية قد تتيح "فرصة للحديث عن ترتيبات أمنية وسياسية مستقبلية بين قطاع غزة وإسرائيل".
وأضاف حرب أن "التطورات التي شهدها القطاع قد تكون مدخلًا لمفاوضات مستقبلية تفضي إلى انسحاب إسرائيلي من بعض المناطق ذات الكثافة السكانية، كما جرى في لبنان"، مشيرًا إلى أن "هذا الانسحاب قد يكون تدريجيًا في مراحل تتخللها ترتيبات أمنية وسياسية".
في حين يرى المحللون أن هذه الخطوة التي تأتي في سياق الجهود الوطنية لتعزيز صمود أهلنا المنكوبين في قطاع غزة. من خلال تقديم خدمات نوعية وتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار،وأن لجنة الإسناد المجتمعي تعكس الالتزام الوطني بالقضية الفلسطينية، رغم كل التحديات السياسية والاقتصادية.
بالإضافة إلى أن هذا الإطار الوطني الشامل يعكس وحدة الصف الفلسطيني والتأكيد على أهمية الشراكة الوطنية في إدارة الأزمات ودعم صمود الشعب، مع الالتزام بالمضي قدمًا نحو تحقيق تطلعاته في الحرية والكرامة.
وبينما يسعى الفلسطينيون إلى إعادة ترتيب أوضاع غزة وسط رماد الحرب والانقسام السياسي، تتزامن هذه الجهود مع تهديدات أمريكية جديدة داعمة للاحتلال الإسرائيلي تزيد من تعقيد المشهد.
ترامب يهدد الشرق الأوسط بجحيم لم يشهده التاريخ
وفي خطوة تصعيدية لافتة، أطلق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تصريحات نارية وصفها المراقبون بأنها الأخطر في سياق التوترات الجارية في الشرق الأوسط. وهدد ترامب بشن "أكبر هجوم في تاريخ الولايات المتحدة على الشرق الأوسط" إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس في غزة بحلول 20 يناير المقبل، واصفًا تداعيات ذلك بـ"الجحيم الذي لم يشهده التاريخ".
هذه التصريحات تحمل دلالات خطيرة، إذ تزامنت مع مساعٍ فلسطينية للتوصل إلى تشكيل لجنة إسناد مجتمعية تدير شؤون قطاع غزة وتعمل تحت إشراف السلطة الفلسطينية، وسط استمرار الحرب وما يترتب عليها من تحديات إنسانية وسياسية هائلة.
ترامب، المعروف بمواقفه الصارمة تجاه الشرق الأوسط، أضاف تهديدات مباشرة بأن "الكل سيدفع الثمن" في حال لم تتحقق شروطه، مما يضع المنطقة بأكملها أمام احتمالات كارثية. وأكد محللون أن تهديداته تأتي في إطار أجندة واضحة تهدف إلى تمكين إسرائيل وتوسيع نفوذها، داعين إلى ضرورة وجود موقف عربي موحد لمواجهة هذه التحديات المتصاعدة.
وفي تعقيب على تهديدات ترامب، أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت' العبرية أن إسرائيل جاهزة لإتمام صفقة تبادل أسرى، لكنها غير مستعدة لوقف الحرب في غزة. وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب هو الوحيد الذي يمتلك القدرة على فرض وقف الحرب والتوصل إلى صفقة تبادل. وأضافت أن التهديد الشديد الذي أطلقه ترامب يهدف إلى تسريع المفاوضات الجارية وراء الكواليس لإتمام صفقة الأسرى.
من جهة أخرى، يرى ترامب أن أفضل استراتيجية له تكمن في بدء فترته الرئاسية دون الحاجة إلى التدخل أو اتخاذ قرارات بشأن قضايا الحرب في الشرق الأوسط، وبالأخص في غزة.
الخبراء يجمعون أن ترامب، رغم كل الجدل المحيط بشخصيته، لا يتردد في تنفيذ تهديداته. وهذا يجعل الحاجة ماسة إلى تسريع التوصل إلى وقف إطلاق نار، وتوحيد الصف العربي، لمنع حدوث تصعيد شامل قد يعصف بالمنطقة بأسرها.
التاريخ قد يشهد منعطفًا جديدًا مع هذه التصريحات، إذ لم يسبق أن استخدم رئيس أمريكي مصطلحات بهذا المستوى من الحدة، مما يزيد من حدة الضغوط الدولية على الأطراف كافة لاحتواء الأزمة قبل فوات الأوان.