تمارا حبايبة - النجاح الإخباري - شهدت بلدة بيتا، جنوب نابلس، حادثة مروعة تضاف إلى سلسلة الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين والمتضامنين الأجانب، حيث استشهدت المتضامنة الأميركية عائشة نور أزغي (المعروفة باسم "إيسنور" وفق جواز سفرها الأميركي) إثر إصابتها برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء مشاركتها في فعالية تضامنية سلمية ضد الاستيطان.

فعالية بيتا ضد الاستيطان ليست جديدة، فهي جزء من الاحتجاجات الأسبوعية التي ينظمها الأهالي منذ أربع سنوات احتجاجًا على الاستيطان المتواصل على أراضيهم، خصوصًا في منطقة جبل صبيح. الاستيطان في هذه المنطقة يندرج ضمن السياسات التوسعية الإسرائيلية التي تهدف إلى مصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنين، ما يجعل هذه الاحتجاجات جزءًا أساسيًا من مقاومة الأهالي للاحتلال.

الفعالية التي كانت تشارك فيها عائشة نور أزغي شهدت حضورًا لمتضامنين أجانب، بينهم 12 شخصًا من مختلف الجنسيات، الذين جاؤوا للتعبير عن دعمهم للنضال الفلسطيني السلمي في وجه الانتهاكات الإسرائيلية
وفي يوم الحادثة، تواجدت قوات الاحتلال بكثافة في المنطقة، وكان انتشارهم مكثفًا قبل بدء الفعالية. بعد صلاة الجمعة مباشرة، أطلق الجنود قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين السلميين، ثم تبع ذلك إطلاق الرصاص الحي بشكل متعمد نحو الحشود. عائشة أُصيبت برصاصة حية في رأسها، على مسافة قريبة تُقدر بين 200 إلى 250 مترًا، وهو ما يدل على استهدافها المباشر. إصابتها وُصفت بالحرجة جدًا، ونُقلت إلى مستشفى رفيديا الحكومي في نابلس، لكن الرصاصة التي اخترقت الجانب الأيسر من رأسها تسببت بنزيف داخلي حاد أدى إلى استشهادها بعد وقت قصير من وصولها إلى المستشفى.

وفقًا لشهادات منظمين وشهود عيان، منها شهادة موسى حمايل الناشط ضد الاستيطان، فإن قوات الاحتلال تعمدت استخدام العنف المفرط والرصاص الحي في تفريق المتظاهرين. حمايل أكد أن وجود المتضامنين الأجانب لم يكن صدفة، وأنه كان من الواضح أن الجيش الإسرائيلي يهدف إلى إرسال رسالة من خلال هذا الاستهداف. فعلى الرغم من سلمية الاحتجاجات وغياب أي اشتباكات كبيرة بين المتظاهرين والجنود، لجأ جيش الاحتلال إلى إطلاق الرصاص الحي، في تصعيد للعنف غير مبرر.

من الجدير بالذكر أن استهداف المتضامنين الأجانب ليس حدثًا منعزلًا ففي الأسابيع القليلة التي سبقت حادثة عائشة، تعرض متضامن أميركي آخر من أصول تايلندية لإطلاق نار من قبل قوات الاحتلال في نفس المنطقة. هذا النمط المتكرر من العنف تجاه المتضامنين يهدف إلى ثنيهم عن المشاركة في الاحتجاجات الفلسطينية السلمية، ومنع وصول القصص الفلسطينية إلى العالم الخارجي عبر الشهادات المباشرة لهؤلاء المتضامنين.

ردود الفعل المحلية والدولية: إدانة واستنكار

حادثة استشهاد عائشة أثارت موجة من الإدانة على المستوى المحلي والدولي. غسان دغلس، محافظ نابلس، وصف ما حدث بالجريمة البشعة، ووجه رسالة واضحة للرئيس الأميركي جو بايدن، مشيرًا إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي قتل المتضامنة الأميركية برصاص أميركي، كما قتل أطفال غزة وجنين من قبل". دغلس دعا المجتمع الدولي والولايات المتحدة إلى تحمل مسؤولياتهم في وقف العدوان الإسرائيلي المستمر، مُحملاً حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن مقتل عائشة.

كما أدانت فصائل فلسطينية مختلفة الجريمة وطالبت بفتح تحقيق دولي في استهداف المتضامنة، معتبرة أن استشهادها دليل جديد على أن الاحتلال الإسرائيلي لا يتوانى عن استهداف كل من يقف ضد سياساته، سواء كان فلسطينيًا أو أجنبيًا.

دور المتضامنين الأجانب: جسر للتواصل مع العالم

المتضامنون الأجانب مثل عائشة يمثلون حلقة وصل مهمة بين النضال الفلسطيني والرأي العام الدولي. حضورهم في الاحتجاجات السلمية ليس مجرد دعم رمزي، بل يحمل دلالات سياسية مهمة، حيث يُسهم في نقل معاناة الفلسطينيين إلى العالم الخارجي، مما يضع الاحتلال الإسرائيلي تحت مزيد من الضغط الدولي.

ومع ذلك، يُدرك الاحتلال خطورة هذا التواصل، ولذلك يسعى إلى قمعه بكل السبل فاستهداف المتضامنين يهدف إلى خلق حالة من الرعب والترهيب في صفوفهم، ومنعهم من المشاركة في الفعاليات الفلسطينية، ما يعكس توجهًا واضحًا لمنع تسليط الضوء على جرائم الاحتلال عبر هذه الأصوات الدولية.