تمارا حبايبة - النجاح الإخباري - "الله أكبر .. الله أكبر"، تلك التكبيرات كانت على لسان الفتى صالح حمدان أثناء تكالب مجموعة من الأردنيين عليه وهم يقطعون يداه ويفقأون عينه، دون أن يشعر بآلام الساطورة التي تنقض على يداه، وهم يضحكون عليه، كما قال الفتى.

وهزت جريمة الزرقاء بحق الفتى حمدان، الشارع العربي عامة والأردني خاصة، بعد تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للفتى وهو غارق بدمائه ويداه مقطوعتين وعينه مفقوءة، دون أي ذنب اقترفه.

هذه الجريمة البشعة لم تكن الأولى وليس الاخيرة، فقد سبقها جريمة ابنة مدينة جرش، التي توسلت بزوجها ليترك لها عيناً واحدة ترى بها فلذة أكبادها، وبعدها بأربعة أيام جريمة بلطجية انقضوا على تجار بالسيوف لرفضهم دفع إيتاوات لهم.

خلفية القصة  

بدأت أحداث هذه القصة بحسب بيان لمديرية الأمن العام الاردني على خلفية حادث ثأر بين عائلة ووالد الطفل الذي قتل أحد أقربائهم دفاعا عن النفس، مما دفع بهم إلى الانتقام من الفتى صالح " 16عاما" الذي لا علاقة له بالحادث مطلقاً.

"تناوبوا على قطع يدي وفقأ عيني "

رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا فيديو للفتى صالح يروي فيه قصة ما حدث لحظة خروجه لشراء الخبز لعائلته.

يقول صالح "ليلة الحادث صليت قيام الليل, وصلاة استخارة، بعدها نمت وصحيت على صلاة الفجر وذهبت للصلاة بالمسجد ورجعت بعد انتهاء الصلاة".

وأضاف، "ذهبت في ساعات الصباح لشراء الخبر، وفي الطريق رأيت أحد مرتكبي الجريمة. وعلى الفور ركضت، ورأيت باصاً طلبت منه أن يوصلني لآخر الطلعة.. لأتفاجأ أن الباص معهم وطلعو معي 10 أشخاص،  وحطو المفك ببطني عشان ما أصرخ ، وأنا ضليت احكي الله أكبر الله ".

ورغم حالة التعب والانهاك الذي كان فيها الفتى حمدان جراء ما أصابه من أذى، إلا أنه آثر أن يروي تفاصيل الجريمة فيقول "أخذوني من عند المخبز وضلو يضربوني على اجري وانا احكي بس يارب، الله اجعلهم بردا وسلاما علي، ونزلوني على منطقة بعيدة في بيت وكل واحد ضربني بوكس، بعدين أخدوا ايدي عالطاولة وضربوني على راسي بالبلطة، بعدين بالبلطة عايدي اليمين، واليد الثانية كلهم ضربوني عليها كل واحد ضربة وهمى بضحكوا وبكفروا " وهيك أنا صرت بدون يدين".

لم يكتف الجناة بهذا القدر، فواصلوا الاعتداء عليه  بفقئ عينيه وضربه بأداة حادة في وجهه، وتصوير الحادثة. وبعدما أنهو فعلتهم، تركوا الفتى في منطقة خالية من السكان، ثم وضعوا يديه في كيس وأرسلوه إلى أمه.

لم تكن هذه هي الجنحة الأولى التي يرتكبها المجرم الرئيسي في هذا الحادثة، فمصدر أمني أشار في لقاءات صحفية إلى أن "مرتكب الجريمة بحقه ما يقارب 170 أسبقية جرمية،  وسلم للقضاء 170 مرة بدون تقصير، ثم قامت الجهات القضائية بإخلاء سبيله بحكم القانون في كل هذه المرات".

التوصيف النفسي لمرتكبي الجرائم دون خوف

الإخصائية الاجتماعية فاتن أبو زعرور أوضحت في حديث لـ النجاح الاخباري، أن الجهاز النفسي لهؤلاء الأشخاص مضطرب جدا، لدرجة المرض، وليس مستبعداً أن يكون الشخص وصل إلى مرحلة "السادية" أي التلذذ في تعذيب الاخر، ولا يتحرك له أي وجدان وضمير أو رادع".

وتضيف أبو زعرور "هذا الحالات يجب أن تكون في المصحات النفسية لأنها تؤذي الاخرين ومن الممكن أن يصل بها الحال إلى إيذاء ذاتها، إلا أن جريمة فتى الزرقا تختلف قليلا، فمرتكب الجريمة بحقه أكثر من 170 قيد ما يعني بأن التصرف لم يكن بناء على ردة فعل، إنما هو تربى على الفعل الاجرامي والعدواني، واستباحة الحق العام، وبالرغم من أن البيئة والتنشئة تلعب دورا مهما في هذا الموضوع إلا أنها ليست الأساس.

ولفتت أبو زعرور إلى أنه من الممكن أن يكون المجرم قد نشأ في بيت سليم ولاحقا تعرض لتجربة في الشارع مع الأصدقاء أو في حياته شكلت لديه اضطرابا في شخصيته."

الاخصائي النفسي د. محمد الخواجا قال:" إن الأثر النفسي على الضحية يمثل جرحا كبيرا على المستوى النفسي والذي يرافقه لفترة طويلة هو وألمه، وهذا الألم يؤثر على حياته وعلى شخصيته وعلى طريقة تفكيره وبالتالي على سلوكه وعلاقاته مع الناس ويصبح عرضة لإصابته بمرض الاكتئاب واضطراب توتر ما بعد الصدمة.

وأوضح الخواجا لـ "النجاح الاخباري"، أن أهم صفات المعتدي هي الاستخفاف بسلامة نفسه أو سلامة الآخرين والافتقار إلى الإحساس بالندم واللامبالاة القاسية لمشاعر الآخرين، مع الإشارة إلى ضرورة عدم وصف المعتدي بالمريض النفسي حتى لا يربط المرض النفسي بالعنف لان هذا الربط خاطئ ويزيد من الوصمة".

قانون العقوبات الأردني ام الشريعة الاسلامية

في البحث وقراءة لقانون العقوبات في الأردن فإن المجرمين الذين قطعوا يدا طفل الزرقاء وعذبوه وفقأوا عينيه، يترتب عليهم عقوبة لا تتجاوز 10 سنوات مع الأشغال الشاقة.

حيث تنصّ المادة (335) من قانون العقوبات الأردني أنه "إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو إلى تعطيلها أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة، عوقب الفاعل بالأشغال المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات". فيما تصل عقوبة الاختطاف الى 6 سنوات".

وأكد د. عبد اللطيف ربابعة أستاذ القانون الجنائي في جامعة الاستقلال والمتخصص في علم الإجرام أن هذه الجريمة تعتبر من الجرائم الخطيرة في القانون الأردني والجنايات الكبرى حيث تتضمن أكثر من تصنيف بداية من الخطف مرورا بإحداث عاهة مستدامة وصولا إلى الشروع في القتل حيث أن مثل هذه الممارسات كانت من الممكن أن تؤدي إلى القتل".

وأشار ربابعة في حديث لـ "النجاح الاخباري"، إلى أن هذه الافعال التي جاءت بتعدد قائم على العمل يمكن أن تصل عقوبتها ما بين 15-20 سنة وهذا القانون هو الذي يسري في فلسطين والاردن كذلك مع تعديل بسيط.

وعن وصف علم الاجرام لمرتكبي الجريمة أشار ربابعة إلى أن هؤلاء الاشخاص هم متمرسون بالإجرام خاصة وأنهم مسجلين بقيود إجرامية مسبقة وخطيرة نتيجة تراكمات اجتماعية وظروف اقتصادية تراكمت وأدت إلى التمرس في الإجرام ويحتاجون إلى علاج نفسي طويل الامد.

مطالبات بالإعدام

وعلى منصات التواصل الاجتماعي طالب الآلاف بعقوبة الإعدام، والاف مؤلفة تطالب بعقوبة القصاص على الطريقة الشرعية والعشائرية.

الإعلامية ألاء العملة قالت "بأنه يجب تطبيق مبدأ العين بالعين والسن بالسن، وأن يتجرع المجرمون ألم نفس التجربة ستقطع أيديهم بلا تخدير وتقلع أعينهم دون مقاومة وسيعودون بعدها للمجتمع ويكونوا عبرة لكل من يراهم، لن يجرأ أحد على إيذاء أحد، وستعود للدولة هيبتها ويعم الأمان."

وأضافت" المافيا الروسية تواجه أقوى جيش في العالم، وكلها جماعات بدأت بشخص أو اثنين ثم لغياب الرادع تمادت وامتدت."

"نريد بحقهم الاعدام لا نريد ان تُحَل القصة بفنجان قهوة وعطوات وجاهات

لأنه عبئ علينا جميعا وعلى أطفالنا جميعاً غداً سيخرج من السجن ويفعل جريمة بشعة أخرى.

نحن في الاردن من حقنا الأمن والأمان" هكذا غردت إحدى مستخدمات موقع الفيسبوك

فيما علق أحدهم  "من أمن العقوبة أساء الأدب، قضية بهذا الحجم يجب أن تكون برسم أعلى المستويات لاتخاذ العقوبة الرادعة بحق المجرمين وحتى يقتنع المواطن بقوة الحق والقانون وتطوى الصفحة ويعتبر كل مجرم، وإلا على أهل الفتى التحرك وأخذ الحق باليد مهما كلف الثمن وتسجيل موقف يحسب لهم و يرد اعتبارهم".

المحامي محمد نسور غرد عبر توتير "بالنسبة لعقوبة مرتكبي جريمة الزرقاء فإن الإعدام لمنفذي جريمة لزرقاء هو مستبعد لأن تكييف الجرم هو أحداث عاهة دائمة وحيث أن أحداث العاهة الدائمة كان متعمدا وليس فعلا أفضى إلى وقوعها فالمحكمة ستقضي بالحد الاقصى١٠سنوات على الفاعلين".

كما علقت الملكة رانيا، على الحادث من خلال حسابها الرسمي، على "فيس بوك"، وقالت: "كيف نعيد لك ما أنتزعه المجرمون، وكيف نلملم أشلاء قلب أمك وذويك؟ كيف نحمي أبناءنا من عنف وقسوة من استضعف الخلق دون رادع".

ووفقا للتقرير الإحصائي الجنائي فإن معدلات الجرائم المرتكبة في الأردن خلال العام الماضي 2019 ارتفعت بنسبة زادت على 7%، مقارنة مع عام 2018، وكان أصحاب الأعمال الحرة هم الأكثر ارتكابا للجرائم، بينما جاء المتعطلون عن العمل في المرتبة الثانية.