نابلس - النجاح الإخباري - بعد أن وقعت دولتي الامارات والبحرين اتفاق تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في 15 سبتمبر الجاري، في البيت البيض برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، تقترب دولة عربية جديدة من التطبيع، في انقلاب كلي بموقفها حيث رفضت التطبيع أول الشهر الجاري وشددت على أن المجلس الانتقالي السوداني ليس من صلاحياته إبرام اتفاقات، لكن ما أعلن عن تحول في الموقف السوداني والقبول بالتطبيع مقابل رفع السودان من لائحة الدول الإرهابية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ودعمها بـ 7 مليار دولار أمريكي، وتفاصيل أخرى، وهو ما لم يجد معارضة أمريكية ، وكذلك إماراتية التي ضغطت واستعدت لدعم السودان مالياً مقابل التطبيع، لتلتحق بركبها.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد أكد في مرات عدة، أن هناك دول عربية ستلحق بالإمارات والبحرين، للتطبيع مع "إسرائيل".

وتشير أغلب التوقعات إلى أن "السودان" هي الدولة التالية بعد الامارات والبحرين، خصوصاً وأن مصادر أكد توصل السودان والإدارة الأميركية إلى اتفاق يتضمن حذف اسم الخرطوم من اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، يتوقع أن يتم الإعلان عنه في غضون أيام، إضافة إلى "اتفاق مبدئي" على دور تطبيع العلاقات مع "إسرائيل".

هذا وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تستعد لإزالة السودان من قائمة الدول، التي ترعى الإرهاب في الأسابيع القليلة المقبلة، في محاولة لتحقيق فوز في السياسة الخارجية قبل الانتخابات، وذلك وفقاً لأربعة أشخاص لديهم معرفة مباشرة بخطة وزارة الخارجية الأمريكية في هذا الشأن، وقالت الصحيفة إن الخطوة ستعرض للخطر تعويض ضحايا "الهجمات الإرهابية" التي تزعم المحاكم الأمريكية بأنها نُفذت بدعم من الخرطوم.

وكان السودان على قائمة الإرهاب منذ عام 1993، ونتيجة لذلك، تم منعه من تلقي المساعدة العالمية، التي من شأنها أن تساعد في استقرار الحكومة الجديدة ودعم الديمقراطية، وأكدت الصحيفة الأمريكية أن هذه الخطوة ستمهد الطريق لتطبيع العلاقات بين السودان وكيان الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الاتفاق الدبلوماسي الكامل المتوقع بين السودان وكيان الاحتلال سيكون صعباً، إن لم يكن مستحيلاً، إذا بقيت السودان على لائحة الإرهاب.

وكشفت الصحيفة أن إدارة ترامب ستمضي قدماً في الخطوة دون تشريع من الكونغرس، والذي كان يضمن تعويضات فورية لضحايا تفجيرات ضد السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا عام 1988 والمدمرة كول، ونقلت الصحيفة شهادات من الضحايا تقول إن السودان ستخرج من القائمة دون أي عقوبة، وأشاروا إلى أن السودان ليس لديه أي سبب لتعويض الضحايا بشكل كامل، وقال ريز خالق، الذي أصيب في الهجوم على السفارة الأمريكية في نيروبي "هذا مؤلم ومزعج للغاية".

وتتضمن خطة وزارة الخارجية الأمريكية وضع أموال التعويضات في حساب ضمان، ليتم الإفراج عنها للضحايا بمجرد أن يمنح الكونغرس السودان الحصانة من المطالبات القانونية المستقبلية للهجمات الإرهابية السابقة، ولكن الكونغرس يرفض إدراج الحماية القانونية في مشروع الإنفاق الذي تم التفاوض بشأنه هذا الأسبوع.

ومن غير المتوقع أن ينتظر ترامب قرار الكونغرس، وسط حماسه في عقد المزيد من اتفاقيات التطبيع بين الدول العربية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، حيث تعهد بأن خمس دول أخرى ستدرس إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، وقال مسؤولون إنها تشمل السودان، وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب ينظر للاتفاقيات كمثال على البراعة الدبلوماسية لإدارته.

في ذات السياق، أكدت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية نقلاً عن مصادر مطلعة، إن الطرفين توصلا إلى اتفاق يقضي بدعم أميركي للسودان قدره 7 مليارات دولار، وحذف اسم الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتحديد دورها في اتفاقيات السلام العربية - الإسرائيلية، والتفاوض بين الطرفين على إصدار تشريع يضمن عدم ملاحقة الخرطوم في أي قضايا مستقبلية، مشيراً إلى أن السودان وافق مبدئياً على تطبيع علاقته مع "إسرائيل"، مشترطاً تنفيذ حزمة المطالب التي تقدم بها للفريق الأميركي في مباحثات أبوظبي الرفيعة المستوى التي استمرت ثلاثة أيام.

وفي الخرطوم، ينتظر أن يعقد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان اجتماعاً مشتركاً بين مجلسي السيادة والوزراء، للخروج بموقف موحد بشأن المفاوضات مع الجانب الأميركي، خصوصاً مسألة التطبيع مع "إسرائيل"، وذلك على خلفية إبداء بعض أحزاب التحالف الحاكم "قوى إعلان الحرية والتغيير" اعتراضها على التطبيع، وأبرزها "حزب الأمة" بزعامة الصادق المهدي، و"الشيوعي"، و"البعث" وأحزاب قومية أخرى.

ويتوقع أن تدفع الحكومة السودانية تعويضات ضحايا تفجير المدمرة الأميركية "إس إس كول" في خليج عدن، وضحايا تفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، الموضوعة في حساب مشترك، يتم الصرف منه حال إكمال بنود الاتفاق.

وعاد البرهان إلى الخرطوم، بعد أن قاد وفداً وزارياً رفيع المستوى مكوناً من وزير العدل نصر الدين عبد الباري، وعدد من الفنيين في الملفات المختلفة، أجرى مباحثات مع وفد أميركي في أبوظبي استمرت ثلاثة أيام، وتناولت ملفات العلاقات السودانية - الأميركية وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. بيد أن البرهان لم يكشف رسمياً عن تفاصيل ما جرى في أبوظبي، واكتفى بالقول إنه سيجري مشاورات مع الحكومة.

وتشير تسريبات دبلوماسية إلى أن الحكومة الانتقالية السودانية، تعمل بدأب وبعيداً عن الأعين، باتجاه تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، فيما أشارت تصريحات رسمية "إسرائيلية"، إلى أن التطبيع المرتقب سيتم قبل نهاية هذا العام، وذلك بعد أشهر من اللقاء المثير للجدل بين رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، بمدينة عنتيبي الأوغندية في فبراير (شباط) الماضي.

وكشف وزير الاستخبارات "الإسرائيلي" إيلي كوهين، النقاب، عن صفقة وشيكة مع السودان، يُتوقع أن تُفضي إلى توقيع اتفاقية سلام بين البلدين، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عنه يوم الأحد قوله: "يُتوقع أن تتم هذه الخطوة التاريخية قريباً، وربما قبل نهاية العام الحالي"، وأن بعثات مشتركة تعمل على قدم وساق للتوصل لاتفاق.

بدوره دعا المتحدث الرسمي باسم الخارجية السودانية، حيدر بدوي صادق، في نشرة على حسابه بموقع الحوار السوداني الشهير على الإنترنت "سودانيز أون لاين"، السودانيين للصلح مع "إسرائيل" بالقول: "أقول لكل السودانيين.. اصطلحوا مع إسرائيل".

وألمح صادق إلى ترتيبات تجري في الخفاء بين قيادة الدولة و"إسرائيل"، وقال: "أقول للرئيسين البرهان وحمدوك، احترموا شعبكم واكشفوا له ما يدور في الخفاء بشأن العلاقة مع إسرائيل"، وتابع: "لإسرائيل أقول، نحن شعب عريق يعرف مصالحه جيداً، ولن نرضى بعلاقات غير متكافئة كتلك التي أقامها نظام الهوس الديني المباد".

أفادت وسائل إعلام عبرية بأن اجتماعا جديدا من المتوقع أن يعقد قريبا بين رئيس وزراء الاحتلال "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان.

ونقلت عن مصادر مقربة من مجلس السيادة السوداني قولها، إن اللقاء المرتقب من المتوقع أن يعقد خلال الفترة القريبة القادمة في أوغندا، مثل الاجتماع الأول بين نتنياهو والبرهان الذي جرى هناك أوائل فبراير الماضي.

ونقلت عن مصادر سودانية، أنه من المقرر أن يعقد في قاعة العباسي- شرق مستشفى الزيتونة بالخرطوم، في 26 سبتمبر الجاري، مؤتمر صحفي سيتم خلاله الإعلان عن تدشين "جمعية الصداقة السودانية الإسرائيلية".

وسبق أن أكد البرهان الذي زار الإمارات مؤخرا، أنه بحث مع مسؤولين أمريكيين خلال الزيارة عدة مواضيع بما فيها "السلام مع إسرائيل".

يأتي التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي، في الوقت الذي يرفض فيه الفلسطينيون هذا التطبيع، ويؤكدون أنه يمثل خيانة للقضية الفلسطينية، وعدم التزام بالإجماع العربي المتمثل في المبادرة العربية للسلام.