نابلس - ميساء أبو العوف - النجاح الإخباري - انخفضت رخص البناء الصادرة خلال الفترة الماضية بحوالي 45% خلال الربع الثاني من العام 2020،  ما أثر بشكل ملحوظ على القطاع العمراني في فلسطين والذي شهد تراجعا كبيرا في الآونة الاخيرة، ويعزي الكثير من المقاولين والمستثمرين ذلك الى ما تمر به فلسطين من أوضاع اقتصادية وسياسية صعبة للغاية، فأزمة الرواتب والبنوك ، اضافة الى جائحة كورونا وما تسببت به من تكوين تخوفات لدى المواطنيين بأن القادم أسوأ.

وكان الجهاز المركزي للإحصاء قد ذكر، أن عدد الرخص الصادرة في فلسطين انخفض بنسبة 45% خلال الربع الثاني من العام 2020، مقارنة بالربع الأول من العام 2020، كما سجل انخفاضاً بنسبة 46% مقارنة بالربع المناظر من العام 2019، وانخفض عدد رخص الابنية الجديدة بنسبة 48% مقارنة بالربع الاول من عام 2020، وانخفضت بنسبة 40% مقارنة بالربع المناظر من عام 2019.

وقد سجل عدد الوحدات السكنية الجديدة انخفاضاً بنسبة 50% خلال الربع الثاني من العام 2020 مقارنة بالربع الاول من العام 2020، وسجَل انخفاضاً بنسبة 44% خلال الربع الثاني من العام 2020 لدى مقارنته بالربع المناظر من العام 2019.

تخوفات من القادم

المواطنة مرح عصام تقول أنه من غير الممكن أن  تقبل على شراء اي نوع من انواع العقارات بسبب الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه، فلا احد يعلم ماذا تخفي الايام والشهور القادمة، وما اذا ستكون هناك ضائقة أكثر سوءا مما نحن عليه الان ام سيكون هناك انفراج لهذا الوضع، مضيفة:" الحكومة لم توضح ولم تفسر ما يجري فهناك فجوة كبيرة بين تصريحات الحكومة والمواطنيين والحياة الاقتصادية التي يعيشها كل مواطن".

" الله يعين المواطن" هكذا بدأ المواطن عثمان حديثه والذي يرى أن الوضع في البلد من سيء لاسوأ قبل ازمة كورونا وكيف الان، فقد تدمر كل شي ، واغلقت العديد من المصالح أبوابها  ولا يوجد فرص عمل كما ان الرواتب لا نأخذ منها شيء وتذهب معظمها لتسديد الديون كما ان البنوك لا تتعامل مع المواطن وفق الاجراءات الواجت اتباعها خلال هذه الظروف".

ويوافقهم الرأي الموظف اسحاق قائلا:"لا يوجد رواتب، والوضع الاقتصادي صعب، كما أن الدفعة الاولى المطلوبة للشقة العظم ومبلغ التشطيب مبلغ كبير جدا ، وهو ما يجعل اي مواطن يعجز عن شراء اي شقة في هذه الايام".

ويؤيد المواطن عبد الرحيم آراء المواطنين قائلا:"انا كمواطن من الصعب ان اشتري شقة ولو كنت مخطط لذلك في السابق لان مدخراتي ذهبت في طريق اخر وجائحة كورونا ضغطت على الراتب وعلى كل المدفوعات فأي هامش كان للشراء لم يعد موجود وهناك تخوفات من القادم".

ويرى احد المواطنين والذي فضل عدم ذكر اسمه أن غلاء اسعار الشقق المعروضة للبيع وهي عظم  بمثابة كارثة للشباب حتى في ازمة كورونا ونقصان كل الاسعار فإن اصحاب العقارات يفكرون بالربح وليس في منح الناس القدرة على امتلاك شقة خاصة بغض النظر سواء كان ذلك استئجار او تملك، داعيا الى تشجيع الاستثمار في مناطق سي لتخفيف الضغط على المدن بسبب الاكتظاظ والازدحام.

عجلة الاعمار تسير ببطء شديد

من جهة اخرى أكد رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينين زاهر حميدات ان هناك تراجعاً في القطاع العقاري بشكل عام، وذلك نظرا للظروف التي يعيشها العالم أجمع، بحيث انخفضت جميع المشاريع الاستثمارية  في الدولة مقارنة مع الاعوام السابقة.

وتابع في حديث لـ" النجاح الاخباري":هناك تخوفات لدى المواطنين من الحالة الوبائية الموجودة في البلاد بسبب جائحة  كورونا، وهو ما دفع المواطن الى تاجيل مشاريعه المخططة لوقت لاحق".

ولفت حميدات الى ان عجلة الاعمار تسير لكن ببطء شديد، وأرجع السبب في ذلك الى الوضع المالي العام للناس، وكذلك التراجع في ضخ السيولة الى الاسواق.

وأردف :"الامور كانت ميسرة والنفقات التشغيلية كانت تصدر بموجب شيكات اجلة في كثير من الاحيان لكن في ظل أزمة كورونا فلا أحد يقبل الشيكات".

ودعا رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينين كافة الجهات المسؤولة الى ضرورة دراسة هذه المسائل الهامة، واتخاذ قرارات جادة بالمساعدة الحقيقية وتحديدا القطاع البنكي وذلك بطلب تسهيلات يتم منحها للمواطنين وقروض ميسرة حتى يستطيع اي شخص امتلاك منزله الخاص.

التخمة في الأبنية

بدوره أوضح عضو اتحاد المقاولين الفلسطينين ومدير عام شركة برذرز للمقاولات بشير حنني أن الواقع العمراني في فلسطين يعاني من التخمة في الابنية، حتى أن معظم الشقق السكنية والعقارات وحتى المحال التجارية باتت  فارغة ما جعل الاقدام على شراء الشقق والعقارات ضئيلا للغاية.

وأضاف في حديث لـ " النجاح الاخباري": انخفاض تراخيص البناء بنسبة 50%  جاء ليتم تشجيع العاملين في مجال العقارات والمطورين والمستثمرين للبناء بتكاليف اقل ولافساح المجال امام المواطن للحصول على شقة اوعقار او محل تجاري بسعر  اقل، وذلك نظرا للواقع الاقتصادي والركود الذن نعيشه حاليا وتردي الاوضاع الاقصادية والجمود السياسي والذي اثر بشكل سلبي على الواقع العمراني.

وتابع :" نسعى قدر الامكان لتنظيم هذه المهنة وخاصة العقارات نظرا لاهمية هذا الموضوع فهو يخص كافة قطاعات وشرائح المجتع الفلسطيني. فالجميع بحاجة لعقارات واماكن سكنية".

ولفت حنني الى ان الامر يجب ان يخضع لعملية تنظيم اقتصادي سواء من حيث التكلفة او من حيث طريقة الدفع سواء نقدا او من خلال الاقساط طويلة الامد، وهذا واقع يجب ان يتم معالجته وتنظيمه من خلال التنسيق مع المطورين والمستثمرين من جهة وما بين الجهات ذات العلاق في السلطة الوطنية الفلسطينية من جهة اخرى.

وأشار الى انه وخلال الاونة الاخير لن يكون هناك ارتفاع على تكاليف البناء فعلى العكس ما يشهده هذا القطاع انخفاض،  مضيفاً:"  المستثمرين والعاملين في مجال العقارات عانوا من الشيكات الراجعة، وعدم استكمال العقود المبرمة ما بينهم وبين المواطنين الامر الذي ادى الى تخفيض سعر التكلفة الى حد ما.

اما فيما يتعلق بالخسائر التي تكبدها القطاع العمراني خلال العام الماضي أكد حنني أنها خسائر واضحة بشكل جلي وخاصة فيما يتعلق بعملية البيع بالاقساط طويلة الامد والظروف الحالية التي عاشها الفلسطيني في ظل أزمة كورونا وما قبلها،  فقد أثرت على مدى الالتزام بدفع الاقساط المترتبة على المواطنين الامر الذي ادى في النهاية الى حدوث خلل في نوع من الموازنة العامة لدى هؤلاء العقارين،  وبالتالي عدم الحصول على الاستحقاقات المالية في الوقت المناسب ما ادى الى تغير سياستهم تجاه هذا القطاع.

وطالب حنني الحكومة بضرورة التدخل بشكل مباشر في عملية دعم وتشجيع الاشتثمار من هذا النوع من خلال تخفيض تكلفة الانتاج وتقديم الدعم والمساندة للمطورين والعقارين بحيث يتم تشجيعهم على الاستثمار وتقديم الامتيازات الخاصة لهم حتى يتسنى لهم الاستمرارية في تقديم المشاريع النموذجية والمشاريع المطلوبة لتغطية احتياجات البلد.

وكان الجهاز الاحصاء المركزي قد لفت الى وجود نوع من الانخفاض ولو كان ضئيلا جدا،  وسبب ذلك انخفاض تكلفة مواد البناء وعدم الاقبال على شراء الشقق.

الكود الأردني لشروط السلامة العامة

بدوره أكد المطور العقاري في شركة أجياد للعقارات جعفر الخياط ، أن السعر العقاري في مدينة نابلس تضاعف خلال الخمس سنوات الاخيرة، حيث كان سعر المتر يترواح بين (220-250 )دينار أما  حاليا ارتفع من (350-400) دينار.

وتابع في حديث لـ" النجاح الاخباري": السبب في ذلك يعود الى محدودية الارض، اضافة الى القوانين الجديدة التي اقرتها  الحكومة في موضوع الكود الاردني (مواصفات الدفاع المدني وقوانين النقابة والبلديات) والتي زادت من تكلفة البناء وبالتالي ارتفاع سعر متر الشراء امام المواطن.

وأوضح الخياط أنه منذ عام ونصف تقريبا، أقر مجلس الوزراء الفلسطيني الكود الاردني لشروط السلامة العامة في الابنية والذي يشترط على كل بناء بوجود درج هروب باطون بحيث يكون بعيدا حوالي15 -17م عن الدرج العادي. وفي منطقة نابلس على وجه التحديد فإن المساحات تتراوح ما من 500-600 م واذا ما اراد المستثمر وضع درج هروب يصبح من الصعب التصميم. مشيرا الى ان الكثير من قطع الاراضي اصبحت لا تصلح لتصميم البنايات السكنية.

وأردف قائلا:" من الصعب تنفيذ متطلبات الكود الاردني ، لأنه يأخذ من مساحة الشقة ويصعب تنفيذه في الاراضي صغيرة الحجم."

وطالب مجلس الوزراء الفلسطيني بإعادة النظر بقوانين البناء والكود الاردني واعتماد كود فلسطيني يتماشى مع الوضع الفلسطيني.

 وأكد ان تراخيص البناء ستنخفض بشكل أكبر نتيجة تلك القوانين، لان المواطن لا يستطيع شراء شقة بسعر(400دينار )للمتر، كما ان سعر الارض مرتفع، وتكاليف البناء مرتفعة، علاوة على ان الشروط التي وضعت هي شروط تعجيزية وهذه الشروط أدت الى رفع تكاليف البناء.

وأوضح الخياط بأن الطلب على السكن لا يتوقف بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة،  مضيفا بأن الفئة التي تستطيع الشراء في الوقت الحالي هي الفئة التي لم تتأثر بأزمة الرواتب ولم تتأثر بالوضع الحالي وهي فئة محدودة ومحصورة.

ولفت الى انه ونتيجة لازمة كورونا فإن الكثير من القطاعات تأثرت بشكل كبير، كما ان الشيكات الراجعة أثرت على المستثمرين العقارين ما أدى الو وجود تعثر مالي فهم يعتمدون عليهافي استمرار واستكمال مشاريعهم العقارية.

ودعا الحكومة الى تسهيل موضوع عمل احياء سكنية جديدة خارج حدود المدن، مطالبا بضرورة تأمين كافة الخدمات من شبكات مياه وكهرباء وصرف صحي حتى يستطيع المواطن العادي امتلاك بيت فقد أصبح امتلاك منزل في الوقت الحالي حلم صعب المنال للكثير من فئات الشعب.

وما بين ظروف اقصادية وصحية صعبة، وقوانين تزيد من أسعار الشقق السكنية. تزداد توقعات المستثمرين بانخفاض تراخيص البناء بشكل اكبر نتيجة القوانين التى جعلت من سعر متر الشراء للشقة السكنية يصل الى ما يقارب 400 دينار أردني. ما يجعل المواطن الفسطيني عاجزا عن امتلاك منزل حتى بات ذلك حلما صعب المنال لدى فئة كبيرة من أبناء الشعب الفلسطيني.