نابلس - أيام حنني - النجاح الإخباري - في أحد شوارع مدينة نابلس تتربع مكتبة البلدية، وعند دخولك إليها تألف المكان، ويستقبلك رجل بابتسامته، حاملًا شعاره بالحياة أنَّ "الأمل يولد من رحم المُعاناة"، فإذا سقيناه بالإصرار، كبر وكان نهجاً نسير عليه في حياتنا.

بداية القصة

يروي رائد حويطي البالغ من العمر (47) عاماً قصته  لـ "النجاح الإخباري"، قائلاً: "حدثت الإعاقة عندي عندما كان عمري سنة ونصف تقريبًا، بسبب خطأ طبي، حيث أعطاني طبيب في عيادة مخيم بلاطة إبرة بالخطأ أدت لحدوث شلل نصفي في رجلي اليمنى".

وأضاف حويطي: "عانيت كثيرًا في البداية، فأجريت عدَّة عمليات جراحية، بالإضافة إلى العلاج الطبيعي، والرعاية الصحية في مستشفيات القدس، ويافا، وحيفا، وبقيت حوالي سبع سنوات بعيداً عن منزلي وعائلتي، أعاني ألم الغربة وألم الإعاقة بسبب الأخطاء والاهمال الطبي".

وأشار حويطي إلى أنَّه عانى صعوبة بالغة في البداية، لكن الوضع بدء يتغير عند دخوله مدرسة الوكالة في مخيم بلاطة، حيث حاول الاندماج مع الأطفال الآخرين، وتخطى إعاقته.

موضحًا أن الدور الأكبر يعود لعائلته وأصدقائه في تجاوز محنته وتعايشه معها.

محب للرياضة

وتابع حويطي حديثه فيما يخص مشاركته بالأنشطة الرياضية قائلاً: "بعد عدّة سنوات بدأت بممارسة بعض الأنشطة الرياضية، فكنت العب كرة السلة على الكرسي المتحرك، بالإضافة إلى العاب القوة مثل رمي الرمح، والقرص، وأول مشاركاتي الرياضية كانت في مسابقات كمال الأجسام النصفي، وفي الفترة الأخيرة بدأت بلعب بعض الرياضات الفردية مثل السباق على الكرسي المتحرك".

وأوضح حويطي أنَّه حقَّق تسع بطولات دولية ومحلية في السباقات الفردية على الكرسي المتحرك للمسافات الطويلة في المراتب بين الأولى والثالثة، ودائمًا يشعر بالفخر لأنَّه تمكَّن من تمثيل وطنه في دول أخرى، وتحقيق إنجازات كبيرة.

وأشار حويطي إلى أنَّه سافر من فلسطين إلى الأردن على الكرسي المتحرك في يوم المعاق العالمي بتاريخ (3/12/2015)، قاطعًا مسافة قدرها (80 كم)، وقابل ملك الأردن في الديوان الملكي.

وشارك حويطي في مسابقة تسلق الجبال قي عجلون وعمان، كأول فلسطيني من ذوي الإحتياجات الخاصة يشارك بتلك المسابقة لمسافة (25) مترًا.

تضامن مع يوم الأسير

وأكَّد حويطي أنَّه في يوم الأسير توجَّه من حاجز زعترة جنوب مدينة نابلس إلى دوار المنارة في مدينة رام الله على الكرسي المتحرك، بمسافة قدرها (53 كم)، للمشاركة في إحياء يوم الأسير، رغم حالة الطقس السيئة حينها، بالإضافة للكثير من المبادرات المشابهة لها في مدينة طولكرم وغيرها من المدن الفلسطينية.

"تلقيت الكثير من الشتائم من قبل المستوطنين أثناء قيامي بتلك المبادرات، ولكن لكل شخص طريقته في المقاومة" أضاف حويطي، وهو يشعر أنَّه قدم دعماً للأسرى ودافع عن قضيته بطريقته الخاصة.

وينهي حويطي حديثه  لـ"النجاح الإخباري" عن الأنشطة الرياضية قائلاً: "لم أتجاهل إعاقتي يوماً، بل تقبلتها وأحببتها لأنَّها كانت جزءًا من شخصيتي، وكانت تدفعني لأقدم أفضل ما لدي، ولم أشعر أبداً أنني عاجز عن فعل شيء، لأننا نحن من نصنع العوائق، فهناك عدد كبير من الأشخاص استسلموا لأعاقتهم، ولم يحاولوا التعايش معها".

تحقق حلمه

تنهد حويطي ويتذكر تفاصيل اليوم الذي عمل فيه كشرطي مرور قائلاً: "كان العمل بالشرطة الفلسطينية بالنسبة لي حلماً، ولكنني استطعت تحقيقه مدة يوم، حيث نشرت على حسابي على الفيسبوك منشورًا عبرت فيه عن رغبتي في أن أكون شرطيًّا بمعنى الكلمة على كرسي متحرك مدة يوم واحد".


وتابع:"قامت دائرة العلاقات العامة والإعلام في شرطة نابلس بتلبية رغبتي، ومنحوني العمل  كشرطي مرور برتبة مساعد أول في عمليات شرطة المدينة ليوم واحد، ثم انتقل لمراقبة حركة المرور في ميدان الشهداء".

وفيما يخص عمله في مكتبة بلدية نابلس أضاف حويطي: "أنا الآن أب لأربعة أولاد وأربع بنات، وموظف في مكتبة بلدية نابلس العامة منذ عام (1994)، بالبداية كنت عامل نظافة، وبعدها أصبحت أهتم بالمزروعات الموجودة في حديقة المكتبة، وبالرغم من إعاقتي إلا أنني أقوم بواجبي في عملي على أكمل وجه".

ودعا في نهاية حديثه ذوي الاحتياجات الخاصة إلى عدم الاستسلام للعجز وإطلاق العنان لمواهبهم لترك بصمة واضحة ربما يتفوقون بها على الأصحاء، مؤكّدًا أنَّ القانون يكفل لهم العمل بالمؤسسات الحكومية بنسبة (5%).