نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - في خطوة أمريكية جديدة تكمل ما سبقها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها اليوم، الإثنين، أنَّ قرار الولايات المتحدة خفض تمثيلها الدبلوماسي لدى الفلسطينيين سيدخل حيزَّ التنفيذ الإثنين عبر دمج قنصليتها في القدس بسفارتها لدى إسرائيل.

وجاء في البيان أنَّه "في الرابع من مارس 2019، سيتم دمج قنصلية الولايات المتحدة العامة في القدس بسفارة الولايات المتحدة في القدس لتشكلا بعثة دبلوماسية واحدة".

وكانت القنصلية الأميركية في القدس مثَّلت بحكم الأمر الواقع سفارة لدى الفلسطينيين منذ توقيع اتفاق أوسلو في تسعينات القرن الماضي.

 وعليه ستصبح القنصلية في القدس جزءًا من السفارة الأميركية، وواشنطن تشرع بتخفيض تمثيلها الدبلوماسي لدى الفلسطينيين.
وأكَّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنَّ هذه الخطوة التي أعلن عنها في أكتوبر لن تشكِّل تغييراً في السياسة وتهدف إلى تحسين الفاعلية فقط.

المحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي د. حسين الديك يرى أنَّ هذا الموقف المألوف لأمريكا الداعمة بشكل مطلق للوجود الإسرائيلي.

محلِّلًا الموقف لـ"النجاح الإخباري" بعدّة نقاط:

أولًا: هذا الموقف تتويجًا للموقف الأمريكي الرسمي منذ وصول الرئيس ترامب للبيت الأبيض في الدعم المطلق لإسرائيلي وحصار الفلسطينيين.

وهو استكمال للخطوات السابقة، التي قدّمتها أمريكا كالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة، ووقف المساعدات المالية، والحصار الاقتصادي.

ثانيا يرى الديك أنَّ هذا القرار هو رسالة ضغط جديدة على القيادة الفلسطينية.

ثالثا: هو رسالة لنتياهو والإسرائيليين بتنفيذ الوعود التي قدَّمها ترامب لنتنياهو.

رابعا : فيه إرضاء لليمين المسيحي في الولايات المتحدة، وللقاعدة الانتخابية للرئيس ترامب، وكجزء من الدعاية الانتخابية في (2020)

الاضافة الجديدة

وبيّن الديك أنَّ هذا يضيف للمشهد، انتهاء التمثيل الدبلوماسي الرسمي بين الولايات المتحدة والفلسطينيين، وتحويل كافة البرامج التي كانت تنفذها القنصلية الأمريكية في القدس بشكل مباشر مع المؤسسات الفلسطينية إلى دائرة الشؤون الفلسطينية في السفارة الأمريكية لدى إسرائيل في القدس،  موضّحًا، أنَّ أيَّ نشاط أو اتصال أو خدمات يجب أن تمرَّ من خلال السفير "ابانريكي ديفيد فريدمان" وموافقته عليها

وهذا يمثِّل تحديًّا للموقف الفلسطيني الرافض لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، بحسب الديك.

ويتابع أنَّ فيه إجبار للفلسطينيين بالتعامل مع السفارة ضمن سياسة الأمر الواقع في كل مايتعلق بخدمات الفيزا والشؤون القنصلية.

والأهم ّمن ذلك كّله إنهاء وظيفية القنصل الأمريكي العام في القدس

فاليوم لا وجود لقنصل أمريكي في القدس الذي كان يمثل الإدارة الأمريكية لدى الفلسطينيين.

وأضاف الديك أنَّ هذه القرار ينهي فترة امتدت (175)عامًا من التمثيل القنصلي الأمريكي في القدس، منذ عهد الرئيس الأمريكي "جون تايلور" (1844م.)

واستدرك الديك أنَّه في ظلِّ العواصف السياسية التي تعصف بالرئيس ترامب في واشنطن من قضية حالة الطوارىء، وجدار المكسيك، وتحقيقات المحقق مولر، واعترافات محامي ترامب السابق مايكل كوهين، وفشل قمة هانوي بين ترامب وكبم جون اون، يحاول ترامب كسب تاييد اللوبي اليهودي في أمريكا، وتحويل الرأي العام لتأييد ترامب.

ويرى أنَّ كل تلك الخطوات هي تنفيذ فعلي تمهيدًا لما يعرف بصفقة القرن التي ينوي ترامب تقديمها في أيّار القادم.

وأضاف، أنَّ هذه الخطوات التي تقوم بها الإدارة الأمريكية الحالية تأتي للضغط على الموقف الفلسطيني الرافض لصفقة القرن

أما بخصوص تصريح وزير الخارجية الأمريكية حول أّنَّ هذا القرار لا يعتبر تغييرًا في موقف الإدارة الأمريكية من القدس، يرى الديك أنّه تصريح إعلامي فقط، و وزارة الخارجية الأمريكية بعيدة كلَّ البعد عن القرارات التي تمَّت، إذ إنَّها قرارات مباشرة من البيت الأبيض.

واختتم حديثه بالقول: " إنَّ ملف القدس نقل منذ استلام الرئيس ترامب الحكم من وزارة الخارجية إلى البيت الأبيض، وصفقة القرن هي مبادرة من الرئيس ترامب وصهره ومستشاريه، ولايوجد أيَّ تدخل لوزارة الخارجية الأمريكية في إعداد بنودها وتفاصيلها.

 

وفي هذا السياق عقّب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح على قرار دمج الولايات المتحدة قنصليتها مع السفارة في القدس، قائلاً "إنَّ هذه الخطوة حلقة في مسلسل إجرامي لإرغامنا على التعاطي مع سفارة أمريكا التي وضعت رغم أنفنا بعد إعلان القدس عاصمة لإسرائيل"، مشدّدًا على أنَّ أمريكا بهذه الخطوة قطعت كلَّ أشكال العلاقة مع الشعب الفلسطيني.

وأضاف: "أمريكا تريد أن نتعامل لتثبيت مخطَّطها بصفقة القرن وأن نؤمن أنَّ إسرائيل هي قدر المنطقة ولا يمكن إلا أن نتعامل معها وفقًا لقراءات الإدارة الجديدة الأمريكية ومبعوثيها الذين هم في غاية التطرف اليهودي".

وبحسب زكي فإنَّ هذه الخطوة ستكون سابقة لخطوات عديدة، مشيرًا إلى أنَّ الإدارة الأمريكية هزمت في أفغانستان وسوريا وستهزم في العراق، ولديها مشاكل خارجية مع كثير من البلدان كالمكسيك وفنزويلا.

وتابع: "الولايات المتحدة رأس الأفعى وقاعدة إسرائيل في المنطقة، وهيمرجعيّتها التي تتقدم في المنطقة للتكامل بوضع استعماري وسيطرة مطلقة وهيمنة على ثروات ومقدرات المنطقة".

وبيّن زكي أنَّه في العهد السابق كانت الإدارة الامريكية تمارس العداء التاريخي لفلسطين من خلال اتّخاذ كلِّ المواقف سواء الفيتو في الأمم المتحدة والدعم اللامحدود لإسرائيل ولكن بصورة غير مكشوفة، منوّهًا إلى أنَّ إدارة ترامب تنظر لفلسطين على أنَّها الحلقة الأضعف، ظنًّا منها أنَّ العرب تخلَّوا عنها بسبب أوضاعهم الداخلية.

واستدرك، "لكن العرب يؤكِّدون الآن في كلّ البرلمانات والمؤتمرات على أنَّ القضية الفلسطينية هي الأولوية بالنسبة لهم"، مؤكِّدًا في الوقت ذاته أنَّه كلما تمادى ترامب وإدارته سيجد سدًا منيعًا في وجهه "وأنَّ العملاء الذين يراهن عليهم "حمولة ركب" لا قيمة لهم في المنطقة".

اقرأ أيضا: أمريكا تدمج قنصليتها مع سفارتها في القدس

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية  أعلنت في بيان لها،" اليوم الإثنين، أنَّه سيتم دمج قنصلية الولايات المتحدة العامة في القدس بسفارتها في القدس لتشكلا بعثة دبلوماسية واحدة".

وأُعلن قرار إنشاء بعثة دبلوماسية واحدة في القدس، في تشرين الأول الماضي، من جانب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.

الجدير بالذكر أنَّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن أنَّ القدس عاصمة لإسرائيل في (كانون الأول/ 2017) ونقله السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في (أيار/مايو).