غزة - هاني أبو رزق - النجاح الإخباري - كثيرة هي الأزمات التي تعصف بقطاع غزَّة خلال السنوات الماضية، لم يسلم منها غاز الطهي، السلعة الأساسية التي لا يمكن لأي منزل الاستغناء عنها، إلا أنَّ الكثير من المواطنين الغزيين اتجهوا مؤخَّرًا لتعبئة اسطوانات الغاز بنظام الكيلو بدلًا من تعبئة الاسطوانة بشكل كامل نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

صعوبات جمّة أبرزها انقطاع الغاز خلال الطهي ما يدعو المواطن أحيانًا للتوجه لجاره لإكمال طبخته ليطعم أولاده.

الحاجة أم محمود والتي تعرّضت لهذا الموقف قالت: "على قد لحافك مد رجليك"، أنا بعبي الجرة بنظام الكيلو يعني حسب المصاري اللي معي و مش من مقدوري أعبي جرة الغاز كاملة؛ لأنه التكاليف المادية بالنسبة لزوجي اللي ما بشتغل كثيرة".

أصحاب محطات تعبئة الغاز اضطروا للتعامل مع هذه الظاهرة لإرضاء المواطنين، حيث اتَّجه العديد منهم لتعبئة اسطوانة الغاز بنظام الكليو، والذي يبلغ سعره خمسة شواكل. 

المواطن محمد شملخ وهو أحد موزعي اسطوانات الغاز، قال لـ"النجاح الإخباري" :"العمل في توزيع الغاز أرهقني خلال الأيام الماضية بسبب عدم مقدرة الناس على دفع سعر تعبئة اسطوانة الغاز مقابل نقلها من منازلهم إلى محطة التعبئة، فأنا أفكر بالاتجاه إلى عمل أخر بدلًا من هذا العمل الذي بدأت به قبل 5سنوات" .

ويتابع شملخ : "بلا شك الأوضاع الاقتصادية صعبة في غزة، وتعطل الناس وتشلّ حياتهم، لذا توجهوا نحو تعبئة الاسطوانات بحجم 2 كيلو و3 كيلو لعدم قدرتهم على دفع ثمن اسطوانة كاملة".

وأردف قائلا: "أصبحت أفاوض الزبائن من أجل حصولي على المبلغ المالي المطلوب لذلك ".

وبيَّن شملخ أنَّه يحصل على  (3- 4) شواكل مقابل عملية نقل الاسطوانة من منازل المواطنين إلى محطة تعبئة الغاز، مشيرًا إلى أنَّ عدد محطات تعبئة الغاز يبلغ (80) محطة منتشرة في قطاع غزة .

أحمد أبو شعبان صاحب محطة لتعبئة الغاز، يقول :"الكثير من الناس يأتي ولا يملك سوى(15) أو (20) شيكل، نضطر لتعبئتها تماشيًا مع حالتهم".

وتابع قائلًا : "منذ ما يقارب الثلاثة شهور بدأ أصحاب المحطات يتعاملون بهذا النظام، ولم تمر على المواطنين أو حتى أصحاب المحطات ظروف صعبة مثل هذه الظروف، موضّحًا أنَّهم في حال رفضوا تعبئة الغاز الذي وصفه بنظام القطارة لن يعملوا ويكسبوا الرزق".

وأشار "أبو شعبان" إلى أنَّ سعر الاسطوانة التي يبلغ حجمها (12) كيلو هو (64) شيكلًا، مبّيًنا أنَّ المحطة كان يوجد بها ما يقارب السبعة موظفين، أما الأن فوصل عددهم إلى ثلاثة فقط .

ومن جانبه يقول الخبير الاقتصادي الدكتور أمين أبو عيشة: "تدلُّ هذه الظاهرة إلى سوء الأوضاع ليست فقط الاقتصادية بل المعيشية والحياتية، فالغاز من المتطلبات الأساسية للعائلة الفلسطينية .

وأشار أبو عيشة إلى أنَّ هذا الوضع جاء نتيجة لانخفاض مستويات الدخل وتراجعها في قطاع غزة وزيادة معدلات البطالة وقفزها فوق (52%) وانعدام معدلات النمو، وتعاظم مستويات الفقر لمستويات تصل (55%) وهي معدلات قياسية للقطاع.

وتابع أبو عيشة، قائلًا لـ "النجاح " :" تعبئة اسطوانات الغاز بنظام الكيلو لا يكفي احتياجات المواطنين الشهرية من الغاز ولا حتى الاحتياجات الأسبوعية، فهذا يدل على العوز وصعوبة العيش وخراب الظروف الحياتية للمواطن في القطاع وكارثية الحالة المعيشية التى وصل اليها المواطن داخل قطاع غزة.

وبيَّن أبو عيشة أنَّه جرَّاء الأوضاع الصعبة تأثر المواطنين بشكل كبير وأصبح تفكيرهم في شراء الطعام دون النظر لمتطلبات أخرى حتى وأن كانت ضرورية وتلزمهم في حياتهم اليومية،  فبات من الصعوبة توفير تلك المتطلبات نتيجة للانقسام والحصار الذي يتعرض له قطاع غزة على مدار (12) عامًا .