غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - على الرغم من دعوة القيادة الفلسطينية الواسعة لمقاطعة مؤتمر وارسو الذي جاء تحت شعار "دعم مستقبل سلام وامن الشرق الأوسط"، إلا أنَّ بعض الدول العربية كانت حاضرة وبقوة في هذا المؤتمر، على خلاف الدول الأوروبية التي كان حضورها ضعيفًا.

لم يقف الأمر عند حضور العرب في هذا المؤتمر فقط، بل كانت هناك لقاءات علنيّة بين رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزراء خارجية عرب، الأمر الذي دفع نتنياهو يتغنى بهذه اللقاءات.

وكان وزير الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، اجتمع أمس الأربعاء، برئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في وارسو، وذلك استمرارًا لزيارة نتنياهو إلى بلاده، حيث وصل علوي إلى الفندق الذي ينزل الأخير.

وقال نتنياهو، في بيان صدر عن مكتبه، إنَّه "يسرني الالتقاء بكم مرَّة أخرى. القرار الشجاع الذي اتَّخذه السلطان قابوس بدعوتي إلى زيارة سلطنة عمان يحدث تغييرًا في العالم. إنَّه يمهِّد الطريق أمام أطراف كثيرة أخرى للقيام بما تفضلتم به، أي الامتناع عن التمسك بالماضي والمضي قدمًا نحو المستقبل".

وأضاف أنَّه "أطراف كثيرة تحذو حذوكم بما فيها أطراف تتواجد هنا في المؤتمر. أشكركم على هذه السياسة الإيجابية التي تتَّجه نحو المستقبل والتي قد تؤدي إلى تحقيق السلام والاستقرار لصالح الجميع. أشكركم باسم المواطنين الإسرائيليين وأسمح لنفسي بأن أقول ذلك أيضًا باسم الكثيرين في الشرق الأوسط".

لقاءات مؤسفة

القيادي في حركة فتح، عبدالله عبدالله وصف لقاءات وزراء الخارجية العرب مع نتنياهو بالمؤسفة جداً لأنَّها تخرج عن النص المعلن عن هذه الدول التي تعتبر أنَّه لا يمكن تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" قبل أن تلتزم بمبادرة السلام العربية التي تؤكّد على إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وبعد ذلك يأتي "التطبيع".

وأكَّد عبدالله في حديثه لـ"النجاح الإخباري" الخميس أنَّ نتنياهو يريد من هذه اللقاءات مساعدته في الانتخابات القادمة، لأنَّه يفتح من خلالها علاقات مع الدول العربية، مشدّداً على أن الفلسطينيين ضدَّ أيِّ محاولة لتطبيع العلاقات الإسرائيلية مع أي دولة عربية قبل أن تحلَّ قضية فلسطين.

وأضاف أنَّه "خلال لقاء الرئيس محمود عباس بخادم الحرمين الشريفين قبل يومين أكَّد على الموقف المعلن في دعم حقوق الشعب الفلسطيني"، منوّهًا إلى أنَّ اللقاء بنتنياهو لا يساعد على دعم هذه الحقوق.

وأعلن نتنياهو اليوم الخميس، أنه سيلتقي وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، خلال اجتماعات مؤتمر وارسو للشرق الأوسط

وقال نتيناهو ردا سؤال وجهه الصحفيين فيما إذا كان سيلتقي الوفد السعودي خلال اجتماعات مؤتمر "وارسو": "نعم" !

مساندة نتنياهو

في ذات الإطار، يرى المحلل السياسي جهاد حرب أنَّ لقاءات نتنياهو مع العرب في "وارسو" تأتي في إطار "مساندة" نتنياهو في الانتخابات القادمة، وفي نفس الوقت الإضرار بالمصالح الفلسطينية.

وقال حرب لـ"النجاح الإخباري": تضرُّ هذه اللقاءات بالمصالح الفلسطينية على اعتبار أنَّ أيَّ عملية تصفية مع الاحتلال الإسرائيلي من قبل الدول العربية تحديدًا قبل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي هو مخالفة واضحة للمبادرة العربية للسلام التي قدَّمتها السعودية عام (2002) في بيروت، واستمرت بالتمسك بها".

وأضاف أنَّ نتنياهو يريد من هذه اللقاءات إظهار القدرة على اختراق العالم العربي من خلال النظم الحاكمة"، معربًا عن تخوفّه من ضغوطات أمريكا على الدول العربية من أجل قلب مبادرة السلام العربية.

إقرأ أيضاً: 60 دولة في وارسو لتأسيس تحالف ضد أنشطة إيران

وكانت حركة فتح أكَّدت أنَّ "مؤامرة" وارسو هدفها تصفية القضية الفلسطينية، ومحاولة أمريكية- إسرائيلية، لتمرير صفقة العار والترويج لأفكار لا يقبلها أو يتعاطى معها إلا كل خائن للقدس والأقصى والقيامة.

وقالت فتح في بيان سابق لها: إنَّ أيَّ لقاء عربي مع نتانياهو، أو تطبيع أيًّا كان شكله مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، هو بمثابة طعنة للقدس ولشعبنا الفلسطيني وللدماء الفلسطينية النازفة، وهدية مجانية لتل أبيب، وتشجيع على احتلالها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني.

لقاءات بروتوكولية

من جهته، قال المحلل السياسي رياض العيلة إنَّ " نتنياهو يعيش في حالة انتخابات، وأيّ لقاء مع أيّ زعيم عربي مهما كان مستواه يعتبر إنجازًا بالنسبة له في عملية الانتخابات".

وأضاف العيلة خلال حديثه لـ"النجاح الإخباري"، أنَّ هذه عبارة عن مسرحية يستفيد منها نتنياهو في عملية الانتخابات ليس إلا"، مشيرًا إلى أنَّ جميع لقاءاته مع العرب بروتوكولية سواء سريَّة أو علنية.

وأكَّد أنَّ مؤتمر "واسو" لم ينجح ولم يستطيع الوصول لتحقيق أهداف ما دام الراعي المشارك والمسير له منحاز انحيازًا تامًا لإسرائيل في قضية القدس واللاجئين والأونروا وحتى إغلاق البنوك أمام السلطة.

وأوضح العيلة أنَّ أمريكا تريد إجبار القيادة الفلسطينية على عملية الالتزام بالرؤية والموقف الأمريكي الذي هو موقفًا إسرائيليًّا، مشدّدًاً على أنَّ هذا الأمر مرفوض كليًّا من قبل القيادة الفلسطينية.

إقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تنفي مشاركتها بمؤتمر "وارسو"

ورفضت أطراف مهمة حضور المؤتمر مثل روسيا والمفوضية الأوروبية والفلسطينيون وتركيا وقطر، مع تمثيل متواضع لعدد من الدول مثل مصر وفرنسا وألمانيا، ولم تشارك من القوى الأوروبية بوزير الخارجية إلا بريطانيا، بينما يشارك بقوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يريد استغلال المؤتمر لدعم حملته الانتخابية.