الخليل - أحمد زماعره - النجاح الإخباري -  اعتدنا ارتياد المقاهي والمطاعم و"الكوفي شوب" الزاخرة بالديكورات العصرية الحديثة، والتي تمتاز بالرقي والفخامة والألوان الزاهية، والإضاءات بألوان ومناظر تسرُّ الناظرين، حتى أصبحت عنصراً من عناصر المنافسة بين المقاهي لجذب الزوار إليها.

لكن قهوة "العقد" في البلدة القديمة في مدينة دورا جنوب محافظة الخليل، تعود بك إلى العصور القديمة، أقواس المبناني التي بدأت بالاندثار، في مبنى قديم يعود إلى مئات السنين، وأدوات تراثية عفا عليه الزمن حاضرة في كلّ زاوية، هذه وغيرها عوامل تجذب الزوار لمقهى "العقد".

ويتيمز مقهى "العقد" عن غيره من المقاهي بطابعه التراثي بكل محتوياته، يعود جزء منها إلى مئات السنين، بالإضافة إلى الجلسات والأجواء داخل المقهى التي تعيد الذاكرة إلى الزمن الجميل، كذلك طريقة تقديم المأكولات والمشروبات بصبغة تراثية، وملابس العاملين فيه تراثية بحتة.

"حبّيت أرجع الناس لأصلهم، لماضيهم، لتاريخهم العريق، للتاريخ إللي الأجيال الحالية مابتعرفوا"، بهذا الوصف بدأ منير الشرحة صاحب المقهى يروي لـ"النجاح الإخباري" عن الفكرة التي ولدت لديه من أجل إنشاء مقهى ذي صبغة تاريخية قديمة".

وتابع الشرحة: "الفكرة بدأت قبل نحو عام، وتحديدًا في فصل الشتاء الشبّان يتوجهون للمقاهي لقضاء الوقت، ويرتادون المقاهي بكثرة، وبدأت بعقد واحد، ولفظة العقد تطلق على البيوت القديمة، وضعت فيه عدّة طاولات، ثمَّ لاقى المقهى رواجًا كبيرًا بين المواطنين، فاضطررت لتوسعته ليشمل عدّة عقود".

وأردف قائلًا: "الهواية الأساسية لدي هي جمع الآلات والمعدات التراثية القديمة جدًا، والتي بعضها اندثر ولا أحد يعرف عنها شيء، وبالتالي نشأت الفكرة بدمج المقهى مع التراث، ودمج الحاضر بالماضي".

حول اختياره اسم  "العقد"، قال منير الشرحة إنَّه اختار الاسم لجهل الشباب الصغار به، و"بالتالي من يزور المقهى سيتعرف على معنى العقد، من خلال وجود المقهى في مبنى قديم جدا، ويظهر بداخله طريقة البناء القديمة" أضاف الشرحة.

وعن مدى تقبل المواطنين لفكرة مقهى تراثي، بيّن أنَّ الإقبال منذ البداية كان محصورًا لفئة الشباب، المولعين باترتاد المقاهي، لكن عندما اشتهر المقهى بصبغته التراثية القديمة استقطب حتى كبار السن."

وعبّر الشرحة عن سعادته عندما يرى كبار السن يرتادون المقهى، ويعيشون الأجواء القديمة التي اندثرت، ويتمنون تلك الأمجاد القديمة، وتعود بهم الذاكرة إلى الذكريات الجميلة، من خلال الجلوس على الجلسات العربية الأصيلة، ويقضون أوقاتًا جميلة باللعب في طاولة "الزهر" والألعاب القديمة الشعبية.

وأشار إلى أنَّ أهم عناصر الجذب في المقهى هي محتوياته، حيث يحتوي على المعدات التراثية القديمة، حيث يتم تجهيز القهوة والمشروبات على "البابور" وصوته والرونق الذي يعكسه في الأجواء الخاصة بالمقهى، بالإضافة لإضاءة بعض زوايا المقهى من خلال "السراج" الذي يعمل على الكاز وما يضفيه أيضًا من جو تراثي أصيل، وطاولات المصنوعة من القش والجلسات العربية البدوية.