عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - تتجه أنظار الفلسطينيين إلى العاصمة المصرية "القاهرة" على أمل أن يتم انجاز ملف المصالحة الفلسطينية خلال الجولة الحالية، حيث يجتمع فيها وفد رفيع المستوى من قيادة حركتي (فتح وحماس)، بعد تجدد مساعي القاهرة لإنجاز الملف الذي تعثر في مارس الماضي، عقب تفجير موكب رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمدالله ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج أثناء دخولها قطاع غزة شمال قطاع غزة.ورفض حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ منتصف 2007 تمكين الحكومة من العمل في القطاع وفقاً لتفاهمات القاهرة في 12 أكتوبر من العام الماضي.

محللون سياسيون ومتابعون يرون أن القاهرة تسعى لانهاء ملف الانقسام في هذه الجولة، مشددين خلال أحاديث منفصلة لـ"النجاح" على ضرورة إنهاء الانقسام لمواجهة التحديات التي تحدق بالقضية الفلسطينية وأهمها صفقة القرن.

جدية القاهرة

المحلل السياسي، د.مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر يرى أن القاهرة جادة في إتمام المصالحة الفلسطينية هذه المرة، لافتاً إلى وجود بعض العقبات التي لا بد من العمل على حلها لإنهاء الانقسام.

وبحسب تحليل أبو سعدة لـ"النجاح" فإن هناك 4 عقبات تواجه ملف المصالحة ولا بد من حلها، مشدداً على ضرورة عزم القاهرة للعمل على حلها لإتمام ملف المصالحة.

وذكر أن من أهم هذه العقبات ملف تمكين الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة، بالإضافة إلى ملف موظفي حركة حماس في غزة، وموضوع الجباية الداخلية، وأخيراً موضوع سلاح المقاومة".

وأضاف "في حال تم حل هذه العقبات فإن المصالحة بالفعل سيتم انجازها"، معربا عن اعتقاده أن مصر ستنجح هذه المرة في انجاز هذا الملف.

واستدرك المحلل أبو سعدة "لكن مدى نجاح القاهرة يعتمد على مرونة الحركتين ومدى تجاوبهم مع القاهرة"، مؤكداً على ضرورة انهاء الانقسام لمواجهة الأخطار التي تحدق بالقضية الفلسطينية.

وبيّن أن الجميع مدرك الأخطار المحدقة بقضيتنا والتي تعمل على تصفية القضية، منوهاً إلى أن حماس وفتح أدركوا هذه الاخطار ومن الممكن أن يقدموا مرونة عالية للتجاوب مع الجانب المصري لانجاز المصالحة، حسب تعبيره.

وكانت حركتا "فتح" و"حماس" قد وقّعتا يوم 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، في القاهرة، على حزمة جديدة من الاتفاقات المتعلقة بالتغلب على الصراع الداخلي الذي دام عشر سنوات.

ومؤخرًا طرحت القاهرة ورقة لتجاوز الخلافات وإحياء مسار المصالحة الداخلية الفلسطينية تضمن مجموعة من المحاور والبنود.

من جهته أكد الناطق باسم حركة فتح في قطاع غزة، عاطف أبو سيف بأن الورقة المصرية الجديدة تحمل أفكارا لتفعيل مسار المصالحة مع حماس، موضحاً أن هناك قضايا أساسية تم الاتفاق عليها مسبقاً ولا بد من تنفيذها.

وقال أبو سيف لـ"النجاح الإخباري" إن حركة فتح ليست بحاجة لعقد اتفاقيات جديدة، متسائلاً في الوقت ذاته عن مدى قيمة الاتفاقات إذا لم يتم الالتزام بالإتفاقيات السابقة حتى اليوم"، متهما حركة حماس بعرقلة تنفيذ اتفاقيات المصالحة في ظل رفضها عملية التمكين للحكومة.

                                                                                                  قصارى جهدها                                     

وفي ذات السياق، اعتبر نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية الإعلامي أشرف أبو الهول أن القاهرة تبذل قصارى جهدها لإنجاز ملف المصالحة هذه المرة.

وقال أبو الهول لـ"النجاح": إن القاهرة الآن تعمل ليل نهار وتحاول الضغط على طرفي الانقسام فتح وحماس من أجل تنفيذ جميع الاتفاقيات السابقة"، مشدداً على أن الجانب المصري تعهد هذه المرة بإحداث اختراق في هذا الملف.

وأضاف" مصر تضغط بشكل كبير على حركتي فتح وحماس، والاجتماعات المكثفة تدلل على أنه آن الأوان لانجاز ملف المصالحة".

واستدرك أبو الهول "لكن في كل مرة يخرج طرفاً من الأطراف بعائق.. فبعد أن يتم التوقيع وتسير الأمور بشكلها الطبيعي نتفا جئ بأن هناك طرفاً يقول بأن هناك عائق"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن مصر تعي جيداً التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية "لذلك ستعمل هذه المرة جاهدة على إتمام المصالحة.. وهذا ما نأمله".

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي شدد مساء أمس الأحد، على أن القاهرة تقوم بسعي حثيث جدا من أجل المصالحة الفلسطينية "حتى تكون هناك قيادة واحدة للتفاوض على القضية الفلسطينية"، معتبراً أن ما يتداول حول صفقة القرن هو تعبير إعلامي وليس سياسي.

وذكر السيسي في كلمة له من جامعة القاهرة بمؤتمر الشباب أن لمصر موقف واضح من قطاع غزة "وهو التخفيف ما أمكن"، مضيفا أن "هناك أكثر من 2 مليون شخص داخل قطاع غزة"، وأردف "هؤلاء ليسوا جميعهم سلطة أو حماس، وتحسين أحوالهم أمر يهمنا ونسعى إليه"، مشيرا إلى فتح معبر رفح البري المنفذ الوحيد للقطاع على العالم الخارجي، وواعدا باستمرار فتحه.

ليس أمامنا إلا المصالحة

في الإطار ذاته، أعرب عضو المجلس الثوري لحركة فتح، د.عبدالله عبدالله عن أمله بحدوث اختراق هذه المرة في ملف المصالحة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام الفلسطيني الذي تعدى الـ11 عاماً، مؤكداً أن حركته متفائلة بشكل كبير من إنهاء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني.

و قال عبدالله في تصريحات خاصة لـ"النجاح"، أن جدية مصر الراعي لملف المصالحة، ومرونة طرفي الانقسام فتح وحماس مع مصر في هذا الجانب، تدلل على أن انجاز المصالحة قد اقترب".

وأضاف"ليس أمامنا إلا المصالحة وهذه المرة نحن متفائلين على أن يتم حسم هذا الملف، لأن الجانب المصري يعزم على إنهاء الانقسام الفلسطيني ولديه جدية كبيرة في هذا الأمر".

وشدد عبد الله على أنه" لا بد من المصالحة لأن هناك أخطار تهددنا كشعب فلسطيني، وهذه لوحدها تكفي بأن يقف الكل الفلسطيني في صف واحد لمواجهتها"، مشدداً على ضرورة حسم ملف المصالحة هذه المرة، مشيراً إلى موقف الدول العربية باتت واضحة وضوح الشمس، وتدلل على أنها تريد إنهاء الانقسام الفلسطيني، وتابع "كالموقف السعودي وما تحدث عنه أمس خادم الحرمين الملك سلمان، بالإضافة إلى الموقف المصري وحديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أكدوا على ضرورة إنهاء الانقسام".

وكان وفد رفيع من حركة حماس، قد غادر اليوم الاثنين ، قطاع غزة متوجها إلى العاصمة المصرية القاهرة التي وصلها مساء أمس وفد رفيع آخر من حركة فتح.

ويأتي ذلك على وقع نشاط مصري لتطبيق اتفاق المصالحة الفلسطيني الذي تم التوصل إليه العام الماضي.

وبدأ الانقسام منذ عام 2007 بعد أن استولت حركة حماس على قطاع غزة في انقلابها، ومنذ ذلك العام حتى يومنا هذا وهناك اتفاقيات يتم التوقيع عليها بين حركتي فتح وحماس، إلا أن الانقسام يبقى سيد الموقف، لكن في ظل جدية القاهرة هذه المرة هل ستنجح القاهرة لحسم ملف المصالحة ؟ ويعود الجواب إلى مدى جدية طرفي الانقسام ومرونتهما للانتهاء من هذا الملف الذي تعدى الـ 11 عاماً.