مدى شلبك - النجاح الإخباري - تتكدَّس السير الذاتية الخاصة بخريجي الجامعات على رفوف مكاتب الشركات، وتتزاحم للوصول إلى البريد الإلكتروني المدرج في إعلان توظيفٍ لإحدى المؤسسات، في محاولات يوميَّة يجريها آلاف الخريجين العاطلين عن العمل يخيم أمل كبير على أفكارهم، فيما يراوغ شعور الخوف من خيبة عدم تلقي الرَّد من بعيد.

وفيما تفيض الجامعات بخريجيها والمتقدمين للانتساب لها، تفتقر أدراج كليات التعليم المهني ومراكزه لطلبتها، ما يسفر عن نقص في صفوف خريجي التعليم المهني، يقابله فيض من خريجي الجامعات والكليات الأكاديمية. 

نظرة دونية

مدير العلاقات العامَّة في كلية هشام حجاوي أسعد عوض قال في حديث له مع "النجاح الإخباري": "يتوجَّه الطلبة لدراسة التخصصات الأكاديمية في الجامعات، عازفين عن الدراسة المهنية والتقنية ويعود سبب ذلك إلى النظرة الدونية للتعليم المهني، إذ لا يقتنع البعض بالدبلوم كونه يندرج في التعليم المتوسط وليس العالي".

من جانبه، ذكر رئيس قسم الفنون التطبيقية في كلية هشام حجاوي محمد سليمان لـ"النجاح الإخباري"، أنَّ الناس يعتقدون أنَّ التعليم المهني أقلَّ أهمية من التعليم الأكاديمي، ولا يدركون مدى ضرورة توفر التقنيين في الميدان.

وأوضح سليمان أنَّ هذه النظرة تعود لطريقة تعاطي المجتمع مع خريج الدبلوم والذي يُنظر له بأنَّه أقل من جريج البكالوريوس، بالإضافة إلى تدني رواتب المهنيين مقارنة بالأكاديميين.

تدريب متواصل

اعتبر سليمان أنَّ التعليم المهني والتقني أفضل أساليب التعليم على مستوى العالم، إذ يحصل الطالب طوال مرحلته الدراسية على تدريب عملي يمكنه من الالتحاق بميدان العمل بشكل مباشر.

كما يتمرس الطالب خلال المرحلة الدراسية على استخدام الآلات والتقنيات المتعلقة بتخصصه، ما يدفعه لمواكب التطورات التي تطرأ على التكنولوجيا المستخدمة في مجال عمله.

وأشار إلى أنَّ الطالب المهني يكتسب المهارة بالإضافة إلى المعلومات، على عكس الطالب الأكاديمي والذي يحصل على المعلومات بشكل أكبر من المهارة، ما يضَّطره إلى البحث عن فرصة تدريب بعد إنهاء دراسته، وغالباً تكون غير كافية كونها تزود الخريج بفكرة عملية بسيطة متعلقة بدراسته.

وأوضح أنَّ الأشخاص الذين أنهوا دراستهم الثانوية بالتخصص الصناعي مناسبين جداً للدراسة المهنية، بالإضافة إلى تخصصات متنوعة كالفنون الجميلة مثلاً.

نقص في السوق

يعاني السوق الفلسطيني من نقص في الفنيين، وبهذا الشأن قال سليمان: "السوق يحتاج لتقنيين وليس لأكاديميين، ويأتي سبب ذلك لحاجة السوق لأشخاص يستطيعون التعامل مع المعدات والتقنيات، إذ اخترقت التكنولوجيا عصرنا الحالي وغلب الطابع الصناعي عليه"، مشيراً إلى أنَّ أوروبا تركز على التعليم المهني لما يشمله من تدريب متوافق مع متطلبات السوق.

وأضاف: "شكل العصر الحالي يحتاج للتدريب من خلال التدريس المهني، لمواكبة التطورات"، مشيراً إلى أنَّ الأكاديمي يكتشف سبب المشكلة ويقترح الحل، بينما المهني يطبِّق الحلّ.

وقال عوض: "نتيجة لغياب الوعي بأهمية التعليم المهني والتقني، يبتعد الشباب عنه، علمًا أنَّ البطالة مرتفعة جداً في صفوف خريجي الجامعات مقارنة بخريجي الدبلوم المتوسط، ففي بعض التخصصات المهنية يحصل (95%) من الخريجين على وظائف".

وأشار عوض إلى أنَّ المهندس على سبيل المثال يحتاج في موقع العمل إلى خمسة فنيين، وفي السوق الفلسطيني مقابل كل خمسة مهندسين مثلاً يوجد فني واحد، الأمر الذي يخلق فجوة.

نشر فكرة

اقترح عوض خلال حديثه، أن توضح الجامعات للطلبة المتوافدين لها باكتفاء السوق من خريجي الجامعات، بالإضافة إلى تقديم المنح لتشجيع الطلبة للإقبال على التعليم المهني.

ومن جهته، رأى سليمان أنَّ تغيير نظرة الناس للخريج المهني تأتي من خلال العمل بشكل تكاملي من قبل وزارة التربية التعليم والوزارات ذات الصلة والمؤسسات المجتمعية وأصحاب المصانع والورش، لنشر فكرة حاجة الاقتصاد للمهنيين وليس الإداريين الجالسين وراء المكاتب فقط، موضّحًا أنَّ تغيير الفكرة النمطيَّة يحتاج لعمل مكثف من قبل جميع الجهات.

وقال سليمان: "يجب إلغاء الفجوة بين المهني والأكاديمي من حيث الأجور، لدفع الطلبة باتجاه الالتحاق بالتعليم المهنية، حيث إنَّ المهني يجني أجراً أقل من الأكاديمي في السوق الفلسطيني". لافتاً إلى أنَّ هذه الفجوة المادية تدفعهم لدراسة بكالوريوس، على الرغم من أنَّ فرص العمل للخريج المهني أكثر من نظيره الأكاديمي.