طلال عوكل - النجاح الإخباري - منذ ان تم الاعلان  امريكيا، عن سعي ادارة الرئيس دونالد ترامب ، لتحقيق اختراق تاريخي يتعلق بالصراع العربي و الفلسطيني الاسرائيلي، من خلال ما عرف بصفقة القرن، كان واضحا ان الامر لا يتعلق بوساطة امريكية نزيهة لإدارة مفاوضات فلسطينية اسرائيلية لتصحيح مسيرة طويلة من الفشل.

الادارة الامريكية مصممة على تحقيق تحول في مسار و اليات و ادوات البحث عن السلام، من خلال استخدام و توظيف كل امكانياتها، افرض تلك الصفقة عبر اليات و اجراءات و مواقف احادية الجانب، ترفع حق القوة فوق قوة الحق. اختارت الولايات المتحدة ان تحسم موقفها من الصراع الى جانب مصالحها الاستعمارية، التي تتطابق مع المخططات و المصالح الاسرائيلية في ضل سيطرة اليمين الاسرائيلي المتطرف، و اللوبي المسيحي الصهيوني المسيطر على القرار في البيت الابيض.

مؤتمر البحرين يأتي في السياق ذاته الذي بداته الإدارة الامريكية بقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ، و ما تلى ذلك بشأن ملفات حق عودة اللاجئين في العودة و الجولان و الاستيطان.

الولايات المتحدة لا تنتظر، و ربما لا تحتاج الى موافقة فلسطينية على صفقتها فإن حصلت على هذه الموافقة كان بها، و ان حصل العكس فهي لن تتوقف.

الاهم بالنسبة للولايات المتحدة الحضور العربي الفاعل الى جانب اسرائيل، مما يعني تحديدا دول المال العربي، ودول التأثير السياسي المجاورة لفلسطين، و من بيمها الدول التي تستضيف ملايين او مئات الاف الفلسطينيين.

اذا كانت سوريا غير مشمولة في ظل ظروفها الراهنة، فان لبنان الذي اعلن مقاطعته للمؤتمر، هو الغائب الاساسي بعد غياب الفلسطينيين.

الاستنتاج الاول من هذا الحضور، يشير الى ان الولايات المتحدة استخدمت قدراتها الهائلة بالترهيب و الترغيب، لإجبار بعض الدول العربية رغما عنها.

و بطبيعة الحال فان الجاهل فقط هو الذي يستثني بعض الدول العربية، من قائمة الادوات التي توظفها الولايات المتحدة في الضغط على دول اخرى. لو لم تتصرف الولايات المتحدة على هذا النحو ، لما كان للأردن ان  يحضر مثل هذا المؤتمر، حتى للاستماع و الفحص فقط. صفقة القرن تحمل للأردن تهديدات جذرية لا تقل عن المخاطر التي تتعرض لها الحقوق الفلسطينية.

اذا كانت الولايات المتحدة قد افصحت حتى الان عن معظم مفاصل و اهداف و اليات فرض صفقتها، فان المآل الاخير يشير الى شطب البعد السياسي و الحقوقي للقضية الفلسطينية و تحويلها الى قضية انساني و حسب، و دفع الكثافة السكانية الفلسطينية في الضفة و الاراضي المحتلة عام 1948 باتجاه الاردن باعتبار ذلك الخطوة اللاحقة لتوطين ملايين الفلسطينيين المتجنسين و المقيمين في الاردن. هكذا يحمل المآل الاخير في الصفقة تحقيق وعد شارون بان الاردن هو الوطن البديل للفلسطينيين.

واضح ان الموقف الاردني الرسمي في ورطة فالانخراط في الصفقة ينطوي على تهديد وجودي للنظام، و تصاعد التناقض بينه و بين الشعب، اما الرفض فانه يعرض الاردن لضغوطات و تهديدات و عقوبات امريكية. المفاضلة بين الخيارين تعني ان سلامة الاردن تتطلب التمسك بموقف الرفض، بما انه الخيار الذي يوحد الشعب مع نظامه السياسي، حتى لو تطلب ذلك تحمل الكثير من الآلام و الصعوبات.

 الفلسطينيون حددوا خيارهم و تحملوا و سيتحملون تبيعات ذلك الخيار، بما انهم ليسوا امام مفاضلة فالصفقة تسعى لتصفية قضيتهم، و بيع حقوقهم السياسية مقابل حفنة من الدولارات. على ان وحدة الفلسطينيين سلطات و فصائل و مجتمع، على موقف الرفض و المقاومة، لا يكفي لتبرئة ذمتهم ازاء ما تتعرض له قضيتهم.

الانقسام كان واحدا من العوامل التي شجعت الولايات المتحدة و بعض الدول العربية على التطاول، و لذلك فان جدية المواجهة، و صدقية الموقف تتطلب انهاء هذا الانقسام و الا فانهم يتحملون جزءا من المسؤولية عن نجاح الصفقة. الشعب و التاريخ لن يرحم الطرف الذي يتحمل المسؤولية عن استمرار هذا الانقسام الخير، الذي لن تنجح كل الشعارات و التصريحات و الادعاءات في ان تطمس المسؤول عنه. المخطط الامريكي الاسرائيلي يمضي في طريقة نحو التنفيذ، و ستحصل منه اسرائيل على ما يتفق مع مصالحها و استراتيجياتها، و سترفض ما تراه مخالفا ، فلقد اخذت ترتفع في اسرائيل اصوات الرفض لما ورد في تصريح لكوشنير عن ربط غزة بالضفة فهل سيؤدي ذلك الى تراجع العرب المهرولين نحو التطبيع؟