النجاح الإخباري - يقول الكاتب سكوتي هيندريكس جلست ذات مرة مع بروفيسور في الفيزياء يشير إلى الدرجة التي وصلت لها دقة ضبط الوقت خلال حياته. فقد أخبرنا ذات يوم وبشكل مفاجئ، "عندما بدأتُ هذا العمل كان عليك أن تلتف على ساعتك، وتصل قبل خمس دقائق إلى محطة الحافلة كي تضمن لحاقك بها في الوقت المناسب. ثم اخترعوا ساعات الكوارتز وأصبح بإمكانك المجيء قبل دقيقة من الموعد المحدد. والآن لديهم الساعة الذرية، دقتها لا تغفل عن أجزاء الثواني".

من المثير التفكير في درجة تأثير هذه الدقة الضئيلة الإضافية في ضبط الوقت على تحسين حياتنا اليومية، وكيف انتقلنا خلال 50 سنة فقط من ضبط الوقت الميكانيكي إلى ضبط الوقت الكمومي.

حسنًا، أصبحنا نمتلك الآن تحسينًا إضافيًا. إنها ساعة تحير العقول في درجة دقتها.

عادة ما تقيس الساعات الذرية الحديثة الوقت عبر مراقبة التغير الطبيعي لمستويات الطاقة في ذرات السيزيوم. يوثَّق هذا التغير بطريقة ممتازة إلى درجة أن هذا الوقت يعبر حرفيًا عن تعرفينا للثواني. ولكن، هناك ثغرة في هذه الساعات التي تستعمل هذا الأسلوب. فحركة الإلكترون في ذرة السيزيوم تمتلك سرعة محددة لا تصل إلى أقصى درجة ممكنة للدقة في الساعات.

إن هذه الساعة الجديدة والمطورة، والتي صممتها جامعة كولورادو بولدر ومؤسسة "جيلا" (JILA)، تستخدم السترونتيوم بدلًا من السيزيوم. يغير هذا العنصر مستويات الطاقة بشكل أسرع من السيزيوم، مما يعني أن قياسات الساعة التي تستخدم هذا العنصر هي أكثر دقة. ولجعلها أكثر دقة من ذلك، وضع العلماء الذرات في شبكة ثلاثية الأبعاد، لتمكين المزيد من الذرات من التجمع ولتقليل التصادمات الدقيقة المحتملة بين هذه الذرات. ثم يتم تجميد هذا البناء بأكمله على درجة -273 سيلسيوس، وهو ما يساعد الذرات على تجنب بعضها البعض. الساعة عبارة عن بناء من غاز كمومي قريب من التجمد، والذي يتغير بقوة مع السرعة الكبيرة.

هذه الساعة دقيقة إلى درجة أنه من بين كل 10 كوينتيليون (18^10) تكَّة، لن يكون سوى 3.5 منها غير دقيق. ونسبيًا، لم يصل عمر الكون إلى ١٠ كوينتيليون ثانية بعد، مما يجعل هذه الساعة أكثر دقة من حياة هذا الكون بأكمله.

ولكن بالرغم من دقة هذه الساعة، أشار جون يي، أحد الباحثين الذين صمموا هذه الآلة، إلى أنها لم تعمل لوقت طويل كي نحدد ما إذا كانت ستبقى بهذه الدقة. وتسائل آخرون، مثل عالم الفيزياء كريستيان ليزدات، عن إمكانية تأثير هذه البنية الفريدة للساعة على دقتها على المدى الطويل.

قد يتساءل البعض عن سبب تصميمنا لمثل هذه الساعة؟ يبدو الأمر للوهلة الأولى وكأنه مضيعة للمال، ولكن تتضمن تطبيقاتها القدرة على قياس العلاقات إلى درجات أكثر دقة من المعتاد، وهو من أهم النشاطات بالنسبة لأي قسم للفيزياء في العالم. كما يمكن استخدام الساعة للبحث عن أمواج الجاذبية، فأي تغير في قدرتها المميزة على ضبط الوقت يمكن أن يعزى إلى تأثير الأمواج على الساعة بدلًا من وجود خطأ فيها.

يحب العلماء أن يسيروا خلف فضولهم، ويتمحور الفضول اليوم حول هذا الموضوع هو: ما هو مدى الدقة المتاحة لتصميم ساعة؟ والجواب هو أنها تكاد تكون دقيقةً تمامًا. إن التطبيقات الممكنة لهذه الساعة واسعة جدًا، في كل من الفيزياء والهندسة. وبالرغم من أنه لم يتم تصميم مثل هذا الساعات بحيث تكون قابلة للارتداء، إلا أن هناك العديد من الفوائد لهذه الدقة في القياسات، حتى وإن لم تساعدنا في اللحاق بموعد الحافلة.