موفق مطر - النجاح الإخباري - بدأت المجتمعات الحريصة على الصحة النفسية والسلوك القويم لأطفالها وفتيانها من الجنسين، بدأت تقرع ناقوس الخطر من انتشار ظاهرة (البشر المفترسين)، فهؤلاء أدنى بألف درجة من جماعات  وقبائل بشرية كتب وقيل إنها تأكل لحم الآدمي، ويمكن اعتبارهم وفق معيار المقارنة أخطر وباء على المجتمعات الإنسانية، وقيمها، وسلوكياتها، وفلسفة الأخلاق التي منحت الإنسان قيمة بلا حدود، ومنعت استغلال قصوره وضعف تقديراته وتمييزه ما بين الصادق والمخادع، والصحيح والمزيف، وقصر نظر الضحية: الطفل أو الفتى، أو الطفلة أو الفتاة  القاصر، في استطلاع العواقب المؤلمة، والمآىسي التي قد يسببها (البشر المفترسون) إذا ما تمكنوا منه وسيطروا عليه تحت ضغط الإغراء أو الإكراه. 

نتحدث عن بشر مفترسين يستخدمون أسلحة  ذكية، ووسائل لذبح النفس الإنسانية ولكن دون إراقة  دماء كالمعهود في الجرائم الجنائية، يستخدمون الهواتف النقالة، وأجهزة الكمبيوتر بأنواعها، يستخدمون أحدث أجهزة الاتصال كالحواسيب النقالة أو الهواتف الذكية، وأحدث تطبيقات وسائل التواصل الصادرة عن أحدث الشركات المختصة المتنافسة على تقريب المسافات بين مجتمعات أمة الإنسان، وتسهيل التواصل واللقاء والحوار والتعارف، وتعزيز المعرفة لدى مستخدميها من أجيال القرن الحادي والعشرين، أما هؤلاء المفترسون، فإنهم يعملون على خلق الشروخ في كيان الإنسان ذاته (الضحية) وتضييق مساحات الأمل، وحبسه في مربع أحلام الشهوات والرغبات الجسدية، ويفصلونه عن عائلته الأكبر (المجتمع) ثم يمهدون لفصله نهائيا عن عائلته الأصغر (الأب والأم والإخوة) ويمضون بلا رادع   إنساني أو أخلاقي أو ديني إلى حد السيطرة الكاملة على الضحية التي لا تملك حينها إلا الخضوع، والانصياع تحت تأثير قوتين ضاغطتين: الخوف من ردة فعل المجتمع الأصغر والأكبر، وتهديدات البشري المفترس بنشر ما قد يؤدي حتما إلى سفك دم الضحية وتحديدا في مجتمعات تسيطر عليها عقلية القتل على خلفية الشرف، والقوة الأخرى حجم الإغراءات والخداع التي قد تغرق الضحية، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن سن (المفترس البشري) هذا قد يبلغ ثلاثة أو أربعة أضعاف سن الضحية! الذي  يكون أو التي تكون في بداية مرحلة المراهقة، ومهيأة للاستجابة لإشارات وإيحاءات وإيماءات، وكلمات مباشرة أو غير مباشرة، تطرق باب الرغبة لديها، أو تشعرها بقدر من الاهتمام المميز والخاص. 

ننبه قبل أن تفاجئنا وقائع أو قضايا من هذا النوع، ونشير إلى الموضوعات التي قد يخترق البشري المفترس كيان أطفالنا وفتياننا وشاباتنا وشبابنا، ويتركهم أسرى أبعادها النفسية والأخلاقية والاجتماعية، لكن ليس قبل أن يحول الضحية إلى مجرد ركام ولكن على هيئة آدمي مجرد من إنسانيته. 

نستطلع الخطر ونحذر، لكن لا حاجة للذعر، أو لردود أفعال عائلية أو اجتماعية أو رسمية غير مدروسة، فنحن بحاجة لورشات عمل، وقراءة  وقائع وحيثيات جرائم من هذا النوع تم ضبط فاعليها، وقراءة تأثير المنصات اللامحدودة والمفتوحة بلا رقابة، وتلك الخارقة لأشد أشكال التحصين على شبابنا وفتياننا وأطفالنا، ونعتقد أن خبراء النفس والمجتمع قادرون على تشكيل جسم يعنى بمتابعة هذا الاختراق الذي نخشى أن يصبح أهم سلاح لدى منظومة الاحتلال العنصري الإسرائيلي، ما دامت قدرته على تدمير الذات الإنسانية بصمت وبطء، دون آثار دالة على المجرم ... فالمفيد درء الخطر قبل وقوعه، وتهيئة الأمن الوقائي القانوني والاجتماعي والنفسي والروحي والأخلاقي، حتى وإن كنا على يقين بأنه واقع ومخفي لأسباب تخص الضحايا.   

نريد صندوقا أسود تلجأ إليه (الضحية) أنثى كانت أو ذكرا، يطمئن للسرية المطلقة في عمل المؤتمنين على هذا الصندوق، ونريد حملات توعية ممنهجة مبرمجة في مدارسنا ومراكزنا الاجتماعية والأهلية، وتوسيع مجال الثقة والحوار والنقاش ونقصد بين الأبوين وأبنائهم في القضايا والأمور الخاصة التي حرمها البعض واعتبر طرحها (قلة أدب) لا يجوز طرحها بين أفراد العائلة..ونريد فوق كل هذا قرارات وقوانين واضحة وصريحة نصا تحمي القاصرين، وتحدد عقوبات تلامس حدود عقوبات جرائم الخيانة العظمى، فنحن هنا أمام جريمة قتل من نوع آخر، وجريمة تدمير مجتمع، وجريمة بحق قيمة الإنسان نفسه وجسده، وجريمة بحق المعنى الحقيقي للحرية الشخصية، وجريمة بحق المجتمع الذي مهما بلغ فيه منسوب الحريات فإن قوانينه ما زالت تعتبر استغلال وخداع الكهل للطفل أو الفتى القاصر جريمة  ويلصق بفاعلها  العار ما دام حيا.