موفق مطر - النجاح الإخباري - التعليم والتعلم، الصحة للجميع، القضاء العادل، تأمين وضمان فضاء الإبداع والتميز، أركان رئيسة، كانت وما زالت مركز اهتمام قيادة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، حاضرة في منهج  العمل  وقائمة الأهداف الوطنية، خلال مسيرة الثورة وبناء مؤسسات الدولة. وقد قدم الرئيس محمود عباس في كلمته - (الوثيقة التاريخية)– أمام المجلس المركزي في الجلسة الافتتاحية يوم الأحد الماضي السادس من هذا الشهر رؤية مكثفة لهذه الأركان، باعتبارها الشروط الأساسية لبناء مؤسسات الدولة، وتعزيز الأرضية لاستكمال مشروع  التحرر، وترسيخ القيم التقدمية والديمقراطية كثقافة ومنهج حياة. 

تحدث الرئيس عن مؤسسة (محمود عباس) التي أنشئت لتتكفل بتأمين متطلبات الدراسة الجامعية المالية  للطلبة الفلسطينيين أبناء اللاجئين في المخيمات الفلسطينية في لبنان، الناجحين في امتحانات التوجيهي، لضمان استمرار تعلمهم العالي في الجامعات اللبنانية، ونعتقد في هذا السياق بضرورة التركيز على نقطة هامة تتجسد فيها المسؤولية الوطنية بكل معانيها، دون تحيز أو تمييز أو تفضيل لفلسطيني لاجئ على آخر، حيث لا وجود  للانتماء الحزبي في قائمة الاعتبارات التي على أساسها تتولى المؤسسة دفع مصاريف الدراسة الجامعية للطالب الناجح وفق النظام المتبع فقد قال الرئيس: "لكل طالب فلسطيني نجح في الثانوية العامة الحق، بدون اعتبار الانتماء السياسي". وقدم رقما مهما بهذا الخصوص عندما قال: "لقد تخرج (6700 ) طالب من الجامعات درسوا على نفقة المؤسسة، وما زال (1800) طالب يدرسون. 

وركز الرئيس أبو مازن الضوء على دائرة عمرها أكثر من خمسة عقود في حياة الثورة الفلسطينية المعاصرة عندما تحدث عن اللجنة العلمية التي أنشأتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وكان مسؤولا عنها المهندس عدنان سمارة، وكانت مهمتها استقطاب الشباب المتميزين الملتحقين بالعمل الفدائي أصحاب التخصصات العلمية، وتوظيف خبراتهم وتجاربهم في ابتكار وتصنيع ما تحتاجه مؤسسات الثورة الناشئة تباعا والمتطورة، وأسمح لنفسي في هذا المقام أن أكشف سرا كان قد حدثني عنه المهندس عدنان سمارة أثناء تسجيلي معه إحدى حلقات برنامج (حكاية صورة) عن اللجنة العلمية في زمن الثورة والكفاح المسلح، بعد أن سألني: "من تعتقد أنه كان الأكثر اهتماما باللجنة العلمية من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح؟ فلم أفلح في تسميته فقال ستفاجأ بالجواب: "إنه أبو مازن" ..لذا لم يكن مستغربا دعوة الرئيس لأعضاء المركزي للاطلاع على هذه التجربة العظيمة التي لم تقف وإنما استمرت على أرض فلسطين بعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية تحت عنوان: المجلس الأعلى للإبداع والتميز، وتحدث الرئيس بفخر عن إنجازاتها وقال موجها نصيحته لأعضاء المركزي: "اذهبوا واطلعوا وتابعوا ما تفعله هذه المؤسسة، وكيف توظف قدرات المبدعين الشباب، وتتبنى اختراعاتهم، وتطور قدراتهم الإبداعية". ويمكننا قراءة ما يجول في عقل الرئيس بأن الشعوب لا مكان لها تحت الشمس وتقطع من جذورها الحضارية ما لم تتسلح بالعلم أولا. 

الثقة في كلام الرئيس عن مكافحة الفساد لم تكن جديدة علينا، ففي كل مرة يؤكد أن ملف الفساد الذي يصل لجهة الاختصاص يذهب مباشرة إلى هيئة مكافحة الفساد، لكننا سمعنا منه خلال هذه  الكلمة (الوثيقة  التاريخية) ما يؤكد امتناعه عن التدخل في عمل السلطة القضائية، لكنه وجه سؤالا مباشرا لوزارة العدل باعتبارها جزءا من السلطة التنفيذية عندما قال: "لماذا لا يبت في القضايا القائمة في المحاكم؟ توجد سبعون قضية حتى الآن، ونحن لا نهمل أي قضية أبدا،  لكن مشكلتنا في القضاء البطيء".. ولم يغفل الرئيس عن تأكيد احترامه لمؤسسات المجتمع المدني المنسجمة أعمالها الصحيحة الصائبة مع مبادئها النبيلة عندما قال: "لن نسمح بالافتئات على مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل بالاتجاه الصحيح". 

يعلم الكثير منا أن محمود عباس الرئيس الآن كان قد عانى من مآسي اللجوء منذ طفولته، حيث عاش التعب والشقاء وشظف العيش، وكاد وضع عائلته المادي الضعيف يحرمه من استكمال تعليمه، لكنه لم يستسلم فاتجه وهو الفتى للعمل في ورشات البناء بالتوازي مع دراسته الإعدادية، لذا فإن الفلسطيني اللاجئ هو أقدر الناس على تقدير ظروف أي لاجئ كان في هذا العالم فكيف إذا كان شقيقه وأخاه العربي، ليس ذلك وحسب بل يبادر لتقديم وتقاسم ما لديه معه،  فقال الرئيس في – الوثيقة التاريخية – : "إننا نقدم العلاج والدواء لإخوتنا اللاجئين السوريين في لبنان في مستشفياتنا الفلسطينية هناك، وكما نقدمها لإخوتنا اللبنانيين الذين يحتاجونها" .. أما رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد اشتية فقد ثبت في مسامع أعضاء المركزي توجيهات الرئيس للحكومة القاضية بمنح الفحوصات والطعوم الخاصة بكوفيد -19 (الكورونا) للمواطنين مجانا.