نابلس - هاني حبيب - النجاح الإخباري - قمم ثلاث، الأولى أميركية – إسرائيلية، عقدت قبل عشرة أيام بين بايدن وبينيت في واشنطن، وقمة ثلاثية في القاهرة قبل أيام قليلة جمعت الرئيسين عباس والسيسي والملك عبد الله، وقمة ثالثة ستعقد قريباً في شرم الشيخ بين الرئيس السيسي ورئيس الحكومة الإسرائيلية بيينت.
كلها جرت وتجري في إطار حراك عنوانه يتعلّق بالتسوية السياسية، إلا أننا نعتقد أنّ كل هذا الحراك والنقاشات والحوارات تجري وفقاً لما تم في اللقاء بين الرئيس عباس ووزير الدفاع الإسرائيلي غانتس، وجوهره الدفع قدماً بالجانب الاقتصادي الاجتماعي، كما نقل عن بيينت وهو يشرح أسباب سماحه لوزير حربه بالاجتماع مع الرئيس عباس بعد تمنّع، هذا اللقاء والذي تم الإعلان عنه للمرة الأولى من قبل رئيس هيئة الشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ قبل أن تعلن عنه المصادر الإسرائيلية في سابقة تكاد تكون الأولى من نوعها.
أمّا دواعي هذا اللقاء بين الرئيس وغانتس من وجهة نظر إسرائيلية، أنّ الحل الاقتصادي الاجتماعي هو البديل الحقيقي عن أي حل سياسي، وهذا يفترض أن تقدم إسرائيل على سلسلة مبادرات دراماتيكية كي يصبح هذا البديل ملموساً وفاعلاً ومؤثراً؟
ولأن غانتس هو صاحب القرار فيما يتعلق بما بات يوصف «بالتسهيلات» فقد تم تكليفه بهذا اللقاء وذلك بالتوازي مع توجيهات صدرت مباشرة من بينيت إلى رئيس هيئة الأمن القومي، إيال حولتا، للدفع قدماً لتحسين الظروف والمرور بالمعابر من وإلى إسرائيل للتسهيل على العمّال الفلسطينيين والقيام بخطوات تسهّل روتين حياة الفلسطينيين، الحديث لا يدور هنا عن إجراءات صغيرة والخطوات جدية مؤثرة، ويقال إنّ بينيت شرح المقصود بذلك عندما قال إنه ليس على العامل الفلسطيني أن يستيقظ في الثالثة فجراً ليقف في الطابور كي يصل إلى تل أبيب في السابعة، وبالفعل هناك سلسلة من الإجراءات الجوهرية تم اتخاذها من جانب إسرائيل فور الاجتماع المذكور، مثل القرار بمنح خمسة آلاف جمع شمال للعائلات الفلسطينية وهو القرار الذي تم وقف العمل به قبل 12 عاماً وكذلك تقديم قرض للسلطة بمبلغ نصف مليار شيكل على حساب أموال الضرائب وإضافة 15 ألف تصريح لعمال الضفة وربما الأهم من ذلك إصدار 1000 رخصة بناء في المنطقة «ج».
في سياق يدعم هذا التوجه الاقتصادي – الاجتماعي أكد الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية نيد برايس معلقاً على لقاء الرئيس عباس وغانتس أن الإسرائيليين والفلسطينيين يستحقون على حدٍ سواء مشاركة تدابير متساوية للسلامة والأمن، ومن الازدهار والكرامة، وهذا ما تواصل أميركا العمل من أجله.
الحل الاقتصادي الاجتماعي من وجهة نظر أميركية إسرائيلية لم يقتصر على الضفة الغربية بل امتد إلى قطاع غزة مع أن الأمر يتعلّق بسياق مختلف نظراً للفعاليات والأنشطة الخشنة التي تجري على تخومه.
مع ذلك فإن إسرائيل أقدمت على خطوات قالت إنها رفعت معظم القيود التي أعقبت حربها على قطاع غزة وقامت بتوسيع مساحة الصيد إلى 15 ميلاً بحرياً مع إعادة فتح معبر كرم أبو سالم لإدخال المعدات والبضائع وزيادة حصة المياه العذبة إضافة إلى زيادة حصة التجّار الغزيين للمرور من معبر بيت حانون وأنّ هذه الإجراءات تم اتخاذها بتوافق المستويين السياسي والأمني مع تجاهل العودة إلى ما كان الأمر عليه فيما يتعلّق بالمنحة القطرية وهو ما يمكن أن يزيد من الأنشطة والفعاليات الخشنة على تخوم القطاع مع استمرار إسرائيل بتجاهل الرد على البالونات المفخخة والإرباك الليلي بالقصف الصاروخي كما سبق وهددت.
الحديث عن تسوية سياسية أو عملية تفاوضية إثر القمم المشار إليها، غير واقعي وهو ليس على أجندة كل من أميركا وإسرائيل، وربما علينا الانتظار لما سيتضمنه خطاب الرئيس أبو مازن أمام الجمعية العامة بعد أسابيع قليلة.