هاني حبيب - النجاح الإخباري - تأتي الدعوة إلى القمة الثلاثية، الفلسطينية المصرية الأردنية في القاهرة بعد أيام في الوقت الذي حاول فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت عدم تناول المسألة الفلسطينية لا من قريب أو بعيد لدى اجتماعه مع الرئيس الأميركي بايدن، وهو ما يشير إلى أنّ إسرائيل ليست في وارد التعاطي مع الموضوع الفلسطيني إلا من حيث إقرار وتعزيز الأمر الواقع من خلال تواصل العملية الاستيطانية والتهويد والاقتحامات ومواجهة ردود الفعل الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس.
قد تختلف البنية السياسية الإقليمية والدولية التي تنعقد فيها هذه القمة الثلاثية عن قمم مشابهة كتلك التي عقدت العام 2008 والتي ناقشت المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، والأخرى التي عقدت كما السابقة في القاهرة العام 2017 والتي ناقشت مسألة القدس المحتلة على خلفية قرارات ترامب في سياق صفقة القرن، تلك القمتان لم تؤثرا تأثيراً واضحاً في معالجة تداعيات المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية التي كانت نشطة عندما عقدت القمة الثلاثية العام 2008، كما أنّ الثانية لم تنجح في وضع حد لصفقة القرن، ربما لانهيار المبادرة العربية مع موجة التطبيع الخليجي مع إسرائيل.
القمة الثلاثية المرتقبة تأتي في سياق بنية سياسية تنطلق أساساً من مبادرة الرئيس أبو مازن التي سيطلقها من أمام منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة والداعية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية وفي طليعتها العملية الاستيطانية ودعوة المنظومة الدولية لتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني، وقبل القمة الثلاثية كان الرئيس عباس قد أجرى محادثات منفصلة في جولتين غير متباعدتين مع العاهل الأردني الملك عبد الله، في ظل تراجع التوتّر بين المملكة وإسرائيل الذي كان سائداً في عهد إدارة نتنياهو السابقة.
وإضافة إلى القمة الثلاثية، هناك محاولات جدية فلسطينية من أجل عقد قمة عربية، والاتصالات الفلسطينية مع دولة الجزائر لم تتوقف للإعداد لهذه القمة، إلا أن هناك احتمالات عدم نضوج الظروف الملائمة لعقد مثل هذه القمة نظراً للخلافات الجزائرية – المغربية، مع ذلك فإن المسعى الفلسطيني يجب ألا يتوقّف لعقد هذه القمة، ليس لأن هذه القمة من شأنها أن توقف النزيف العربي وتراجع القضية الفلسطينية على المستوى الرسمي، ولكن لكي تتحمل الأنظمة العربية مسؤولياتها في ظل موجة التهويد والاستيطان واقتحامات المسجد الأقصى، خاصة أننا مقبلون على موجة متجددة مع استعداد القوى اليمينية المتطرفة لانتهاكات واقتحامات جديدة أثناء الأعياد اليهودية التي تستمر حوالي شهر، ما من شأنه توفير ظروف ملائمة لتصعيد جديد ربما يهيئ لعدوان آخر على قطاع غزة مع موجة جديدة من هجمات في الضفة الغربية وفي العاصمة الفلسطينية تحديداً.
القمة الثلاثية من شأنها أيضاً أن تُشجّع الرئيس الأميركي بايدن على الالتزام بوعوده فيما يتعلّق بفتح القنصلية الأميركية في القدس المحتلة، لأنّ من شأن هذه الخطوة ليس فقط التسهيل على الفلسطيني لتلقي الخدمات القنصلية ولكنها شكل من أشكال الاعتراف السياسي والدبلوماسي للقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية والمواجهة مع الشعار الإسرائيلي أن القدس العاصمة الأبدية الموحدة لدولة إسرائيل.
التجربة الفلسطينية مع القمم العربية على اختلاف تركيباتها ظّلت مصحوبة بالخيبات والرهانات الخاسرة، مع ذلك فإن القمة الثلاثية أو القمة الشاملة مدعاة لتحميل النظام العربي الرسمي مسؤولياته التي تخلى عنها عندما كانت فلسطين قضية العرب الأولى.