فهمي شراب - النجاح الإخباري - تثار الفتن وتنشب الحروب أحيانا لأسباب مشروعة، وذلك كمبدأ الدفاع عن النفس، أو غيرها من باقي (الكليات الخمس) التي أكدتها مبادئ الشريعة الإسلامية، ولكن في المقابل هناك حروب غير مشروعة، أو يتذرع مبتدأها بذرائع وهمية من مثل الاستناد على بعض بنود الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة، والتي ينص بعضها على التدخل الخارجي في شئون الدول الأخرى من اجل الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين!! ومعظم الدول التي تصنع السلاح وتعتبره تجارتها الأساسية التي تدر عليها الثروات هي من لها مصلحة في نشوب الحروب بين الدول، حتى أنها تصدر السلاح لطرفي الصراع كما حصل أثناء حرب الأولى (العراق- إيران).

ولمعرفة كيف تتم عمليات دعم شركات السلاح وخاصة الأمريكية، وذلك عبر أجساد وهيئات مؤسساتية هامة و مؤثرة في صناعة القرار، سنقدم عينة أو نموذج من تلك المؤسسات التي لها اكبر تأثير ومنها:

(1) مجموعة الأزمات الدولية:

وهي مجموعة دولية غير حكومية تهدف في ظاهرها إلى حل الأزمات بينما ترسم طريقا للصراعات والاستفادة منها، وتضم في غالبية أعضائها رجال امن سابقين.

(2) مجلس العلاقات الخارجية (الأمريكي):

وهو مجلس غير حكومي يهدف لدراسة وتحليل السياسات الخارجية للولايات الأمريكية، ويضم صفوة المجتمع (أغنى 1500 شخصية أمريكية) ويضم اكبر الصحفيين والإعلاميين والمشرعين القانونيين وكبار السياسة، والمستشارين ورؤساء سابقين.


(3) شاثام هاوس (البريطاني):

وهو المعهد الملكي للشئون الدولية ببريطانيا، ويعتبر الفرع الانجليزي لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، ويعتبر المتدخل الرئيسي في كل النزاعات.

(4) معهد بروكينجز :

وهو معهد للدراسات السياسية والإستراتيجية، وفيه يتم تقديم سيناريوهات للازمات الهامة، وعرف انه قد حلول تفصيلية لكثير من الأزمات التي تم تطبيقها حسب ما جاء في هذه الدراسات.

ويتم تمويل مثل هذه المراكز من خلال تبرعات تقدمها عديد من الشركات أبرزها ؛ شركات الطيران، بنوك (البنك الدولي، الاتش بي سي الخ...)، كبرى شركات البيبسي والكوكاكولا، القنوات التلفزيونية الشهيرة مقل ( سي إن إن و فوكس نيوز، والبي بي سي الخ...)، صحف كبرى، شركات جوالات، شركات بترول، وأهمها شركات السلاح، وشركات الأدوية، وشركات السيارات.

من المعروف أن تجار الحروب لا يجيدون سوى تسويق الحروب، ويقبل بعض السياسيين بالشهرة وفتات المال مقابل تنفيذ أجندات من أوصلهم للسلطة من رجال الأعمال وتجار السلاح ومهندسي الحروب.

فقد كان روبرت جاكسون أحد الكبار المسولين في شركة لوكهيد مارتن، إحدى اكبر شركات الأسلحة الأمريكية الذي قدم ما عرف بلجنة تحرير العراق، وكان ابرز من دافع عن فكرة الحرب وجدواها.

ومن بين أكثر الجهات استهدافا في هذه الحروب هو "الإسلام السُني"، واستئصال شأفة تأثيره على الجهات الإسلامية الأخرى، ففي حديث للمدير السابق لوكالة المخابرات الأميركية جيمس وولسي صرح بما يشير لتبني مثل هذه المخططات والقناعات، حيث أكد عام 2013 -في مؤتمر هيرتزيليا الذي يعقد سنويا في إسرائيل- أنه: "لا توجد أي ذرة شك في أن الغرب عليه العمل على إفلاس وإضعاف جميع المسلمين لكي يربح الحرب العالمية الثالثة".

فالولايات المتحدة أقامت اقتصادها على التصنيع الحربي العسكري سواء الدفاعي او الهجومي،واقتصادها منذ الكتاب الشهير "ثروة الأمم" عام 1776 للاقتصادي الاسكتلندي آدم سميث، وحديثه عن "التجار وأصحاب المعامل والمصانع" في إنجلترا آنذاك، ووصولا لأيامنا هذه والحديث عن "التكتلات والشركات المتعددة الجنسيات" واقتصادها يتزايد أفقيا وعموديا باتجاه التصنيع العسكري وإيجاد سبل تصديره، وكثير من هذه المؤسسات المالية الضخمة، والتي تقف خلف كثير منها قوى يهودية تتعارض أحيانا في أهدافها وتوجهاتها مع المصالح الأميركية، لذا، نجد بعض الحروب تحقق للكيان الصهيوني ما لا تحققه للولايات المتحدة نفسها من أهداف. وهذا ما كان يحذر منه بعض رؤساء الولايات المتحدة القدماء.

وحسب كتاب المؤلف والناقد الألمعي ناعوم تشومسكي في كتابه " من يحكم العالم" فان حيوية تلك المؤسسات أو الشركات المتعددة الجنسيات تكمن في أنها تمتلك أكبر وأضخم وكالات الأنباء وشركات الإعلام والإعلان، وتمتلك شركات إنتاج الأفلام وصناعة السينما والتلفزيون، ودور النشر ومؤسسات صحفية، ومؤسسات قياس الرأي العام، أي أنها تملك إمكانية صياغة عقل ومزاج المواطن الأميركي. وتتعامل هذه الشركات مع المواطن على أنه سلعة تحاول صياغة مزاجه وتوجهاته، وتحاول غرس قيم سلوكية تتماشى مع متطلبات السوق والإنتاج، وتعمل هذه الشركات على تزييف وعي الشعوب وتقضي على مشاعر التعاطف والتضافر الجمعي بين أبناء المجتمع الواحد.