عيسى قراقع - النجاح الإخباري - طفح الكيل، معظم الأسرى المضربين يتقيأون الدماء، يصارعون الموت، وحكومة الاحتلال تتمادى في قمعها الوحشي بحقهم، هناك رائحة جريمة إنسانية قد تقع خلف قضبان السجون.

طفح الكيل نحن الشعب الفلسطيني الضحية، ولا زلنا نقاوم من أجل الحياة الكريمة الحرّة، ولا زلنا في خيام التضامن وساحات المواجهة، نموت ونحيا، نسقط وننهض، نجرع كل الألم ونشرب الماء على جوع، يستنفر ما ظل في اجسامنا من عظام تقرع ابواب وجدران الاحتلال.

طفح الكيل عندهم ايضا، صعدوا الى أعلى درجات الهستيريا والكولونيالية والفاشية، يريدون ان يرسلوا لنا جثثا من داخل السجون، يريدون ان يدوسوا ببساطيرهم الحربية على كرامة أسرى يتحدون عنجهية الاحتلال، جاهزون تماما لارتكاب مجزرة العصر بحق الأسرى المتعطشين للحرية.

طفح الكيل، انتهى الكلام، الجميع سمع النداء والاستغاثة ، وصل ضجيج الإضراب الى كل ارجاء العالم، ودخل ساخنا الى اروقة المؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الانسان، لم يغضب احد، لم يتحرك احد، وظل السجان يحاصر المضربين، وظلت اجساد الأسرى تذوب وتذوب، وصار الزمن مشنقة تتدلى وتقترب من اعناق المضربين.

اغضبوا اغضبوا... فالأسرى بحاجة الى كثير من غضب، اغضبوا ايها البشر اينما كنتم، اخرجوا من سجون الصمت واصرخوا في وجه سلطة احتلال سوف تصلكم بعد قليل، تحتل بلادكم وعقولكم وثقافتكم وتزجكم في المعسكرات والسجون.

اغضبوا اغضبوا ايها الناس، اخرجوا من بيوتكم الى الساحات وتحت الشمس، حاولوا ان تصلوا اليهم هناك، افتحوا عليهم الابواب الفولاذية، ليسمعوكم في حصارهم وقبور زنازينهم، اعطوهم دفئا ورجاء وحياة.

اغضبوا أغضبوا، لا تستكينوا ولا تكونوا مشيعو جنازات، لا نريد الأسرى سوى احياء، هم من قاتل وضحى لأجل حياتنا ومستقبلنا، حافظوا على حياتهم لتحافظوا على ما تبقى لكم من حياة.

اغضبوا اغضبوا ... فقد وصلت الحرب الى الأسرى في السجون، الاطفال والنساء والقادة وكبار السن والمرضى والرازحين منذ سنوات وسنوات، انهم الجنود الذين ينتظرون عودتهم الى البيت والعائلة، اسرانا جنودنا المشحونين بالامل والذكريات، الواثقون ان الاحتلال الى زوال، والواثقون ان الصمود يصنع المستحيل ويطلق صوت الزلزال.

اغضبوا اغضبوا، لا تجعلوهم يفقدون السنبلة في حدائق ارواحهم، وتموت الاشجار العالية في نفوسهم، اضيئوا عيونهم المتقدة واشتعلوا معهم في هذه الملحمة، لا نكبة بعد اليوم، لا هجرة ولا غياب ولا منفى، هنا اول الكون وهنا آخر الكون.

اغضبوا اغضبوا، هاهم يقتلونهم ببطء، يذبحونهم في الوقت المحشور بين سجن وسجن، أجمل ما فينا يموت، أغلى ما عندنا يصادر في غياهب السجون، فلنرمي حجرا، ونقذف الف حجر، لنقترب اكثر ونخلع سلاسل العبودية وننطلق اليهم، لهم أذرعنا، ولهم مقاليعنا، ولهم الماء والنار والغيمة القادمة.

اغضبوا اغضبوا، اعطوهم غضبكم المنساب كبحر، أعطوهم أصابعكم العشرة، ولتأت الطيور والفراشات واشجار الليمون وحدائق السماء، ولتأت المعجزات والنازحات والصلوات والرعود البارقات، ولتتوحد الآن الحياة والممات.

اغضبوا اغضبوا، الأسرى بحاجة الى كثير من غضب، لا تسمحوا لهم ان يجردوهم من مكانتهم القانونية والإنسانية والوطنية، لا تسمحوا لهم ان تتحول مسيرتنا الكفاحية الى خراب، هم اصحاب الخطيئة، هم لا يملكون سوى الرصاص، ونحن نملك كل ما في الدنيا والآخرة.

اغضبوا اغضبوا ...