عاطف شقير - النجاح الإخباري -     منذ فجر التاريخ وأزمة الصراع الفكري قائمة بين ساسة الحكومة وفلاسفة الكلمة الحرة والإبداع الأصيل، حتى ان بعض دعاة التعبير الحر قدموا حياتهم هبة لخلود حرية التعبير أمثال جون ملتون وغيرهم .

مما يبين لنا صلابة الموقف والفكر لدى هؤلاء القادة الإنسانيين وعزمهم على ترسيخ المفاهيم الإنسانية الرفيعة التي تحترم كينونة  الإنسان دون ان تنال  منه أي منال، لكن الذي يسترعي النظر ان تلك الصراعات الفكرية لم تنته في عصر العوامة والرقي الحضاري وغزو القضاء وأنها لم تقتصر على حقبة زمنية عابرة ساد فيها التخلف او الاضطهاد الفكري  سابقا.

في ظل هذا المخاض، لابد ان يتزامن مفهوم التعبير الحر مع تطور الشعوب ورقيها عاملين على إتاحة المجال للتعبير الحر البناء دون حواجز الخوف والرعب والقلق كوننا متيقنين ان الإبداع الإنساني لا يأتي من شاردة او غاربة، وانما من حرية التعبير، فهل يكبت رأي يأخذنا الى بر التطور والازدهار؟ .

وعلى النقيض الاخر،قد يظن القارئ ان حرية التعبير تعني التعبير عما يجول في خاطر الإنسان من أفكار وما يختلج صدره من مشاعر دون الالتفات إلى الأخلاق العامة والثوابت والمعتقدات والمفاهيم المتأصلة في النفوس .

فيما تتأتى حرية التعبير من خلال إتاحة الفكر السليم لكي يمضي في آفاق هذا الكون الرحيب واضعا بذلك النظريات الإنسانية التي تساهم في إماطة اللثام عن الوجوه الدنيئة التي تسعى جاهدة لتدمير الخير والفضيلة في المجتمعات الإنسانية، ومن الجانب الأخر عندما ينطلق الفكر الإنساني في موكبه قد يصطدم بصخرة الساسة لاختلاف منطلقات فكرهم لحرية الإنسان في التعبير، فتلجا الحكومات عادة الى تقليص هامش الحريات المتاح بالوسائل التي تراها مناسبة دون ان يترك هذا القول صداه المطلوب عليها، لاتفرضوا الحقيقة بالقهر فالقوة سلاح من هم علي خطا .

ولكن الذي اريد التنويه اليه، ان بعض الناس يعتدون على المفاهيم الراسخة الجذور كالمفاهيم الثابتة والمعتقدات والدين تحت طائل الحريات بقدر ما تعني ان نناقش المستجدات الفكرية على مر العصور .

   من هذا المنعطف، لابد لنا من وقفة مع أنفسنا للتغلب على ما اسمه ازدواجية أدراك المفاهيم لانه يعزز السبل الغربية التي تريد تقزيم أخلاقنا والتعدي على تراثنا الفكري والحضاري تحت ما يسمى بالاختراق الإعلامي الغربي، حتى نغدو امة عائمة ليس لها في المجال الحضاري والأخلاقي أي وزن ويسهل عندئذ هزيمتنا معنويا وماديا، فماذا يا ترى قد خطت أقلامنا لمواجهة هذا الاختراق الإعلامي الغربي الذي لا يرحم قيمنا ومفاهيمنا وديننا وتراثنا ؟.