وكالات - النجاح الإخباري -  يمنع الدستور المصري بصيغته الحالية أي رئيس من البقاء في منصبه أكثر من ولايتين متتاليتين، وهو ما يعني أنه لن يكون من الممكن أن يستمر السيسي في الحكم بعد انقضاء ولايته الثانية في 2022.

لمواصة الأمن والإصلاح
تولى السيسي مقاليد الأمور في مصر بعدما أطاح بالرئيس الإسلامي محمد مرسي عندما كان قائدًا للجيش في الثالث من يوليو 2013 إثر تظاهرات حاشدة طالبت برحيل سلفه. وانتخب بعدها مرتين في العامين 2014 و2018.

أثار رئيس مجلس إدارة صحيفة الأخبار ياسر رزق، المقرب من السلطة، جدلًا عامًا إثر مقال نشره الأحد، وتحدث فيه صراحة للمرة الأولى عن ضرورة أن تبادر الغالبية البرلمانية لدراسة تعديلات دستورية تتيح للسيسي الاستمرار في الحكم، داعيًا إلى إقرارها قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية - أي قبل نهاية الصيف.

قال رزق إن العام المقبل "ينبغي أن يكون بداية إصلاح سياسي تأخر" يشكل "مظلة حماية نأمن بها على مستقبل الحكم، من دون وجل ولا قلق مما قد يحدث بعد ثلاث سنوات" عند انتهاء الولاية الثانية للسيسي.

وبرر رزق بقاء السيسي في الحكم بحاجة البلاد إلى استمرار الأمن ومواصلة الإصلاح الاقتصادي. وكتب "أقصد بالإصلاح السياسي، السياج الذي يصون كل ما تحقق للشعب من مكتسبات استقرار أمني وانطلاق اقتصادي خلال خمس سنوات مضت".

ذعر من البديل
وقال عضو مجلس النواب المصري عن حزب الوفد المقرب من الحكومة محمد فؤاد لفرانس برس إن هذا "الكلام مطروح بالفعل في كل مكان في مصر، وليس في البرلمان فقط منذ فترة"، مستبعدًا أن تكون وراء تداوله خطة حكوميّة. 

بحسب النائب، فإن "الناس كانت تنتظر أو تتوقع تعديلًا دستوريًا بشأن مدد الرئاسة، لأنه كلما تطرق الحديث إلى ما بعد انتهاء الولاية الثانية (للسيسي)، يبرز السؤال: من البديل؟، وتحدث حالة ذعر".

واعتبر أن الجديد في مقال رزق هو أن هذه المرة الأولى التي يتم فيها طرح "تصور تفصيلي" بشأن تعديل الدستور، مشيرًا إلى أن "مصر كلها كانت تتحدث عن هذا المقال مساء أمس". تابع أن الكثيرين اعتبروا هذا المقال طرحًا "شبه رسمي، لأن كاتبه هو ياسر رزق"، المعروف بعلاقاته الوثيقة بدوائر الحكم العليا.

من أجل المصلحة العليا
وفي مقاله، أكد رزق أنه بصرف النظر عما قد يتم الاتفاق عليه بشأن مدة الرئاسة، وإن كانت ستبقى أربع سنوات أم تصبح ست سنوات، وبشأن عدد المرات التي يحق لأي رئيس أن يعيد ترشيح نفسه فيها للرئاسة، فإن "المصلحة العليا للبلاد (...) تقتضي إضافة مادة إلى الدستور تنص على إنشاء مجلس انتقالي مدته خمس سنوات، تبدأ مع انتهاء فترة رئاسة السيسي، هو مجلس حماية الدولة وأهداف الثورة". 

وأوضح أن هذا المجلس ينبغي أن "يترأسه عبد الفتاح السيسي بوصفه مؤسس نظام 30 (يونيو) ومطلق بيان الثالث من من يوليو، ويضم المجلس في عضويته الرئيسين السابق (أي عدلي منصور) والتالي للسيسي" ورؤساء السلطة التشريعية والقضائية والأجهزة الأمنية والهيئات المعنية بالإعلام وحقوق الإنسان والمرأة. ومن شأن رئاسة السيسي لمجلس يضم الرئيس الجديد الذي قد يخلفه أن يحفظ له السلطة العليا في البلاد.

السيء والأسوأ
رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد أن رزق "لم يكن يعبّر عن وجهة نظر شخصية، ولكنه يكشف توجهات داخل مؤسسات الحكم". وأثار الكشف علنًا عن التوجه نحو هذا التعديل الدستوري ردود فعل عدة.

وكتب الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذريّة الحائز جائزة نوبل للسلام محمد البرادعي على "تويتر" مساء الأربعاء "هناك +دساتير وقوانين+ فى الأنظمة السلطوية، وهناك دساتير وقوانين فى الأنظمة الديمقراطية. الأولى أداة لترسيخ حكم سلطوي قائم على القمع والخوف، والثانية أداة لتأسيس حكم رشيد قائم على الحرية والعدالة. شتان بين الثرى والثريا!".

بدوره، اعتبر المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة كذلك حسن نافعة في تصريحات نشرها عبر "تويتر" أن تعديل الدستور لتمديد فترة ولاية السيسي "فكرة سيئة"، لكن "الأسوأ" هو اقتراح تشكيل مجلس يرأسه السيسي بعد انتهاء ولايته لأنه سيحول خلفه إلى مجرد دمية، على حد تعبيره. 

مناورة لتجنب المساءلة؟ 
ورأى السيد أن "الرئيس السيسي لا يريد أن يتخلى عن السلطة وهو على قيد الحياة، وربما يعود ذلك إلى ما حدث للرئيسين السابقين أنور السادات وحسني مبارك"، مشيرًا إلى الكشف عن "ممارسات فاسدة" قام بها الأول بعد اغتياله في 1981 ومحاكمة وسجن الثاني بعد تركه السلطة.

تابع "وبالتالي فهو يخشى أن يخضع للمساءلة إذا ترك موقعه" بعد انتهاء الولاية الثانية. أضاف أنه "من المثير للسخرية أن أفكارًا أبعد ما تكون عن الإصلاح السياسي تٌقدم إلى المصريين باعتبارها إصلاحًا سياسيًا".