نهاد الطويل - النجاح الإخباري - خاص: شبح الموت على شوارع الضفة الغربية تابع مهمته القاسية في العام (2017)، إذ بلغت أعداد الوفيات نتيجة حوادث السير القاتلة منذ بداية العام الجاري (59) حالة، إضافة إلى (4574) إصابة بينها (78) خطيرة في (5631) حادث سير، بحسب إحصائية قدمتها الشرطة.

رحيل قبل تحقيق الأحلام

الشهر الماضي كان قاتلاً بالنسبة إلى عائلة دبش، ففي لحظة رحلت الفراشات: عادل، وسلافة، أحمد، ومحمد، وعيسى، وإيلانا، تاركة أحلامها خلفها وفارقت الحياة بحادث سير وقع على الشارع الالتفافي شرق رام الله ليفجع الجميع الذين وقفوا على كيفية وقوعه بحيرة، وكان السبب وفقًا لتحقيقات الشرطة هو انحراف ناجم عن السرعة الزائدة الذي اجتمعت مع القدر، للنيل من عائلة بريئة كانت في طريقها لزيارة أقاربها في العيد.

الأصفر تحت المجهر... تدابير فورية 

وبعد الحادث المأساوي الذي أعقبته حوادث أخرى قتلت آخرين، تحوَّلت الحكومة والشارع إلى خلية نحل وسط دعوات لتظافر جهود الأجهزة الحكومية كافة، وصولًا لاستراتيجية مرورية، وهو أيضًا ما أوعز به الرئيس محمود عباس لمجلس الوزراء خلال جلسة طارئة عقدتها الحكومة برعايته، وقد أخذت الحوادث المرورية نصيب الأسد من مداولاتها وكل ذلك طمعًا في  خفض عددها والحدّ مما ينتج عنها من مآسٍ.

وبعيدًا عن الإجراءات الفورية التي أعلنت عنها شرطة المرور، باتت عيون الموطنين مفتوحة على سائقي العمومي باعتبارهم جزء من الحل، حيث دعا مواطنون إلى ضرورة إصدار قرار بتحديد حد أقصى للسرعة في المركبات العمومية والخاصة، من خلال إضافة نظام محدد السرعة، وبذلك يمكن الحد من معظم الحوادث التي تكون السرعة سبباً رئيساً فيها.

وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية سيل كبير من الصور والتسجيلات يرصد ناشروها ظاهرة التجاوز غير القانوي لتفعيل نظام لاستقبال شكاوى المواطنين ضد سائقي المركبات العمومية وجمع المعلومات حول أدائهم وعملهم وخرقهم للقوانين المعمول بها.

وعقب الدعوات الشعبية سارع مراقب المرور العام "جمال شقير" ليعلن عن إطلاق صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تحمل اسم "الإدارة العامة لمراقب المرور/وزارة النقل والمواصلات"، بإمكان أي مواطن من خلالها تقديم الشكاوى بحق أي سائق مستهتر وغير ملتزم بقوانين السير.

وسيكون المواطن بمثابة شرطي مرور حريص على حياة المواطنين من خلال التبليغ عن أي مخالف، ليس عليه سوى التقاط الصور أو الفيديو للمركبة المخالفة وإرسالها على الرابط او على رقم "الواتس اب"، كما أكَّد شقير.

وسارع نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بنشر صور حديثة لمركبات "العمومي" أثناء تجاوزها غير القانوني على الطرق .

ودعت الحملة لإرسال صور المركبات المخالفة إلى صفحة الناطق باسم الشرطة الفلسطينية لؤي إرزيقات، أو الاتصال المباشر على مراقب السير في وزارة المواصلات، لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتجاوزين.

وكتب سائق العمومي "سامر سمارة" على صفحته في "فيس بوك" محاولًا الإشارة بوضع الإصبع على ظواهر أخرى لا تقل ضررًا عن تجاوزات بعض زملائه : "الله أكبر نسيوا السيارات المسروقة والمشطوبة، نسيوا الطوش والمشاكل، ما في الوطن الا شوفير العمومي.. أما الي بشفط طول الليل، والخصوصي ماشي بسرعة مليون الصبح على المعبر ومحمل زيادة ما حدى شايفه، ما بشوفوا الا شفير العمومي؟ خلص عاد".

المواطنون يأملون بقانون رادع..

مروان، وهو سائق تاكسي، يكافح يوميًّا على الطرقات لكسب لقمة عيشه في ظل السيارات الخصوصية التي تزاحم العمومي، يرحَّب بأيَّ إجراء رسميّ يخفف من حدَّة الحوادث ويلجمها.

وقال لـ"النجاح الإخباري": "القانون على رأسنا"

بدوره، يؤكّد سائق آخر على ضرورة تأهيل الشوارع في المدن والبلدات وإضاءة الطرق بشكل جيد.

وأردف قائلًا: "القانون جيِّد لكن العبرة في التنفيذ الرادع للأخرين".

المواطنة ميساء عماد، الشابة التي تفاعلت حالها كحال المواطنين بشكل كبير دعت إلى ضرورة الإسراع بتنفيذ قانون رادع يحمي الجميع.

وتقول لـ"النجاح الإخباري": نراهن على المرحلة المقبلة لجهة تعاطي الشرطة مع حوادث المرور وعدم المرور عليها مرور الكرام حيث بتنا أكثر اطمئناناً لسلامتنا على الطرقات، فلا نذهب ضحية مخالفات بعض الطائشين والمتسرّعين، ولكن يبقى الأهمّ تطبيق القانون بشكل سليم وفي كل مكان وزمان".

المشكلة في سياقها العالمي

ووفقًا لتقرير صدر عن منظمة الأمم المتحدة فإنَّ حوادث المرور باتت تشكّل ثاني أسباب الوفيات في العالم لفئة الأعمار التي بين الخمسة أعوام والتسعة والعشرين عامًا، وهي أيضًا ثالث أسباب الوفيات بالنسبة إلى فئة الأعمار التي تراوح بين الثلاثين والأربعة وأربعين عاماً، وتخلّف تلك الحوادث المرور سنويًّا أكثر من مليون ونصف قتيل في العالم إضافة إلى أكثر من خمسين مليون جريح أو معاق.

وتحذّر منظمة الصحة العالمية من مخاطر ارتفاع ضحايا المرور بنسبة تقارب (80%) بحلول العام (2010) إذا لم تُتخذ الإجراءات الضرورية للحدّ منها، كما تقدّر العواقب المادية للحوادث بحوالى (518) مليار دولار سنوياً.

ويضيف التقرير أنَّ حصيلة الخسائر البشرية في المنطقة العربية من جراء الحوادث (26) ألف قتيل سنوياً و(250) ألف مصاب، إضافة إلى خسائر مادية تقدّر بستين مليار دولار سنوياً.

وتبقى مسؤولية الحدّ من حوادث السير على طرقاتنا واجب وطني مشترك بين المؤسسات الحكومية والجمعيات الأهلية والمواطنين، وسط دعوات للأهالي بضرورة توعية أولادهم في سنّ مبكرة حول التقيّد بقوانين السير، والتزام حزام الأمان.