النجاح الإخباري - كرّمت وزارة الثقافة الفلسطينية ظهر اليوم الأربعاء المناضل الياباني المصور والمخرج ريوتشي هيروكاوا، وذلك في مقر وزارة الثقافة في مدينة رام الله.

وفي معرض التكريم، قال وزير الثقافة إيهاب بسيسو: نحتفي بقامة ثقافية ومعرفية تتمثل بالسيد هيروكاوا، فوجوده يحقق رسالة انفتاح فلسطين على العالم، سيرته المملوءة بالشغف بفلسطين تجعلنا ننظر إليه بفخر وتقدير، فالصورة والفيلم تعتبران وثائق تاريخية وسياسية، وهذه الوثائق تؤكد حق الشعب الفلسطيني في أرضه، حقه في الذاكرة والتاريخ والحاضر والمستقبل.

وقال هيروكاوا: وصلت إلى فلسطين في 22-5-1967، قبل الحرب، ولم أعرف ما الذي يحدث، لأنه من الصعب تتبع أخبار الشرق الأوسط من اليابان، ونزلت في كيبوتس اسمه داليا، وبعد شهر من الحرب رأيت ولداً فلسطينياً يلوح لي بعلم أبيض، عرفت فيما بعد أن هذه كانت إشارة كي لا يُقتل، وانتبهت إلى أنني محسوب على الجانب الخطأ، الجانب الذي قام بالاحتلال، فبدأت بدراسة التاريخ الفلسطيني، وعثرت على خارطة قديمة ولم يكن اسم الكيبوتس عليها بل اسم قرية اسمها دالية الروحة.

وأضاف: التقيت بأيقونات فلسطينية مثل محمود درويش وسميح القاسم وصبري جريس الذين شرحوا لي القضية الفلسطينية على أصولها. زيارتي الثانية كانت لتغطية يوم الأرض، ومنعت بعدها من دخول فلسطين لفترة طويلة، فتوجهت إلى مخيمات لبنان، وكنت من أوائل من دخلوا إلى صبرا وشاتيلا بعد المجزرة.

ثم قام بسيسو بتسليم درع تكريمي لهيروكاوا، يحتوي على مطرزات فلسطينية، وعرض فيلم لدقيقة ونصف عن هيروكاوا وعلاقته بالقضية الفلسطينية.

بدأ هيروكاوا التصوير مراهقاً، عبر السفر في اليابان لتوثيق القصص المحلية في الجبال والجزر المنعزلة، وفي عام 1967، سافر إلى إسرائيل، يقول هيروكاوا: "لقد غيرت رأيي، في اليابان علمونا أن الحرب أمر سيء، لكن الناس هنا يحتفلون بالحرب"، بدأ هيروكاوا في استعادة ذكريات عثوره على أنقاض بجوار الكيبوتس الأول الذي زاره، وسأل عن تلك الأنقاض فلم يجبه أحد، فبدأ في الاستكشاف والبحث، مما قاده إلى معرفة تاريخ المأساة الفلسطينية، وهنا يقول: "لقد بدأت في العثور على بعض القرى ودرست ما حدث، استغرق الأمر مني 30 عامًا، لكن انتهى بي الأمر مصورًا وصانعًا للأفلام الوثائقية عن القرى الفلسطينية".

بدأ هيروكاوا المشاركة في المظاهرات ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأمضى سنوات عدة في تعقب أنقاض القرى والعثور عليها واحدة تلو الأخرى، ثم بدأ في دراسة ما حدث لكل قرية، يقول: "لقد درست ما حدث، ولماذا هجر الناس بيوتهم، بعد ذلك بحثت عن هؤلاء الأشخاص في مخيمات اللاجئين، تطلب الأمر مني أكثر من 30 عامًا، لكني عملت ما يقرب من حوالي 500 قصة للقرى، كانت تجربة مؤثرة".

عام 1982، كان هيروكاوا في لبنان وقت حدوث مذبحة صبرا وشاتيلا، يقول: "كان وجودي في صبرا وشاتيلا من أصعب ما مر عليّ، رجل مسن ظلّ يسألني: لماذا جئت الآن؟ لماذا لم تأت منذ شهر؟ بعدها فهمت أن ابنه كان قد قُتل منذ شهر، قال لي: لو كان هناك صحفيّ ما كان الجنود ليقتلوه أمام صحفيّ".

دخل هيروكاوا صبرا وشاتيلا مباشرة بعد المذبحة، وأشار إلى أنه كان خائفًا أول الأمر من دخول المخيم، كان المخيم مغلقًا بالدبابات الإسرائيلية، لكنه دخل، وبمجرد دخوله وجد جثث الموتى، يتذكر هيروكاوا صدمته لمشاهدته المذبحة داخل المخيم، لكنه في نفس الوقت قام بالتقاط الصور، كان بحاجة للعودة مرة أخرى لمعرفة من هم، لكن كان من الصعب العودة إلى المخيم في أعقاب المذبحة، فالمنطقة كانت مغلقة تمامًا. بعد عام عاد هيروكاوا مرة أخرى وقال: "لقد وجدت عائلات الضحايا وكتبت قصصهم".

أسس هيروكاوا لجنة يابانية، وهي مؤسسة خيرية تسمح برعاية الأيتام وتتلقى التبرعات لبناء روضات للأطفال الفلسطينيين اليتامى.