هاني حبيب - النجاح الإخباري - إثر زيارته الأولى للمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات قبل جولة ترامب وعقده للقمتين مع الرئيس عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، ثم الترويج لما يسمى بالسلام الاقتصادي تهيئة وتسهيلاً لعملية سياسية على الملف التفاوضي الفلسطيني ـ الإسرائيلي، قامت إسرائيل حسب زعمها بالتقدم بما أسمته "تسهيلات" من شأنها أن تؤهل لإعادة الثقة بين الجانبين، وهو الأمر الذي تحدث عنه غرينبلات في ذلك الوقت. كان ذلك قبل جولة ترامب مؤخراً للمنطقة، إلاّ أن غرينبلات عاد مجدداً بعد هذه الجولة، يحمل معه انطباعات رئيسه إثر اجتماعه مع كل من عباس ونتنياهو، هذه المرة، لم يتم الحديث عن سلام اقتصادي، ولا اقتراحات بنقل السيادة والأمن من المنطقة (ج) إلى المنطقة (ب) إلى الجانب الفلسطيني، ومرة واحدة، تم الحديث عن الملفات الأساسية والجوهرية، ومن اللافت أن غرينبلات أشار في هذا الإطار إلى أنه تم تحويل "وثيقة وتقدير موقف" من الادارة الأميركية إلى الجانب الإسرائيلي، تتعلق بالقضايا الأساسية والجوهرية بالصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. بينما لم تتم أي إشارة إلى تسلم الجانب الفلسطيني، لمثل هذه الوثيقة وتقدير الموقف!

يتضح في سياق زيارة غرينبلات الأخيرة، أنه ليس هناك ما يشير إلى أن إدارة ترامب، رغم حماسها وشدة رغبتها، لديها ما يؤهلها لرعاية عملية سياسية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

الحراك الأميركي المتوقع، لإعادة الجانبين إلى طاولة المفاوضات، حتى وهو في مجال الاعداد دون التقدم في الوقت الحالي، وربما المنظور بخطة واضحة، دفع رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو لترتيب "البيت الحكومي" استعداداً للتعاطي مع مفردات هذا الحراك، يستشعر نتنياهو أنه لا بد من مجاراة الرئيس الأميركي في هذا الحراك المطلوب من قبل ترامب على المستوى الشخصي، تعويضاً عن فشل أدائه على مختلف الملفات الداخلية والخارجية من جهة، وبهدف رغبته في النجاح والإنجاز حيث فشل كل رؤساء أميركا السابقين، وأمام هذا الحراك يتوجب أن تعمل حكومة إسرائيلية أكثر انسجاماً واستقراراً على احتواء الضغوط المحتملة من قبل إدارة ترامب، وهذا يتطلب سياسة مختلفة عن تلك التي عملت عليها حكومات نتنياهو بالتعاطي مع إدارة اوباما السابقة التي اعتمدت على التحدي، في ظل ادارة أميركية جديدة يقودها ترامب الصديق الأكثر وفاءً والتزاماً بدولة إسرائيل الصهيونية اليهودية، يتطلب الأمر مراعاة ومجاراة وأسلوب أكثر هدوءاً وإيجابياً من حيث الشكل، بهدف استثمار هذا الحراك الأميركي، لتأكيد الموقف الإسرائيلي الثابت، والذي من شأنه أن يلقي بالمسؤولية على الجانب الآخر، الفلسطيني، بوضع العقبات أمام استئناف العملية التفاوضية، وربما قصة الفيديو المفبرك الذي أطلع عليه نتنياهو ترامب حول تصريحات للرئيس أبو مازن وقادة ومسؤولين فلسطينيين آخرين حول زعم التحريض، هو أحد الدلائل على أن همة حكومة نتنياهو في تلفيق المبررات، وتحميل الجانب الفلسطيني مسؤولية فشل العملية التفاوضية، لن تتوقف، إلاّ أن ذلك يتطلب أكثر من أي وقت مضى، حكومة إسرائيلية أكثر انسجاماً وأقل تحدياً، أي حكومة غير تلك التي يقودها الآن.

لذلك يجري الحديث على نطاق متواتر، أن نتنياهو بات يمهد الطريق أمام إجراء تعديلات على حكومته، من شأنها أن تطيح بحزب "البيت اليهودي" برئاسة بينيت خارجاً، واستبداله بحزب "العمل"، البعض يرى أنه يجب أن يترك المجال لحزب "البيت اليهودي" للخروج بإرادته من الحكومة على ضوء ما يطرح من احتمالات تفاوضية يقف الحزب كلياً ضدها، أو الانتظار حتى شهر تموز لحين انعقاد مؤتمر حزب "العمل"، مع رهان بالتجديد لزعيمه الحالي اسحق هيرتسوغ، الذي سيرحّب بالانضمام إلى الحكومة، خاصة وأن هناك مساعي قديمة للانضمام إلى حكومة نتنياهو من قبله إلا أن معارضة قوية داخل الحزب منعته من الإقدام على ذلك، تتوفر الآن شروط أفضل لتبرير انضمام حزب العمل إلى حكومة نتنياهو، التسوية السياسية وعملية تفاوضية وحراك أميركي أكثر فاعلية.

وسيستند نتنياهو لجملة التعديلات على حكومته إلى نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي منحته المزيد من الدعم من قبل الجمهور الإسرائيلي، خاصة بعد اجتماعه مع ترامب، بإمكان نتنياهو الآن التغلب على المعارضة الداخلية في حزب "الليكود"، وتعيين "القرا" وزيراً للاتصالات، رغم معارضة حزب "الليكود" الشديدة، إشارة من قبل نتنياهو لزعامات الحزب، انه بات أكثر قوة وبحيث يتغلب على كل أشكال المعارضة الداخلية ودون أن يهتم بهذه المعارضة!!