غيداء نجار - النجاح الإخباري - عندما حمل ريشة حلمه لم يكن مدركاً أن هذا الحلم سيطرق جدران بيته أو باب محل اتصالات، وكعادتها المواهب في فلسطين تعود أدراجها بعد انطلاقها، ويخفت صوتها بمجرد نطقها، فتتوه الآمال بين أغصان الإرادة.

هو الشاب رامي عواد، البالغ من العمر (24 عاماً)، ويسكن في قرية عورتا والتي تقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة نابلس، بدأ رامي الرسم بعمر 10 سنوات، وقد كان مميزاً مقارنة مع من هم في نفس عمره، وكانت أول رسوماته عن الواقع الفلسطيني، الاحتلال، القدس، صور الأصدقاء، وغيرها من الأمور التي تجول في خاطره.

رامي لم يجتز الثانوية العامة بنجاح فآل به المطاف إلى العمل في محل اتصالات بعد أن عمل في مهن عدة، ويحدثنا رامي "لم أدرس الفنون الجميلة في إحدى الكليات أو الجامعات لأنني لم أجتز الثانوية العامة(التوجيهي) لكنني لم أيأس في مواصلة مشواري وبدأت أُعلم نفسي بطرق ذاتية، ووجدت في ذلك فائدة كبيرة".

ويتابع "الأساليب الذاتية التي اتبعتُها أفادتني من حيث كيفية الرسم وأساليبه، فحينما اشتركت في دورة تتعلق بمجال الرسم لم أستفد منها شيئا، لأن المعلومات التي قدمت لنا كنت أعلمها مسبقاً".

رامي وجد من أهله كامل التشجيع ومن أصدقائه ومعلميه بالمدرسة، وبهذا التشجيع وجد فسحة من الأمل، ولكن ترياق الحلم الكامل منقوص بسبب عدم التفات الجهات المختصة.

في الوقت الذي تحدثنا فيه مع رامي حول موضع التشجيع، وضع يده على خده وصمت لبرهة من الزمن وقال "الجهات المختصة لا تنظر إلى مثل هذه المواهب، فأنا مثلا أقوم بعرض لوحاتي من خلال عرضها على الشارع في المكان الذي أعمل به، وكثير من الموهوبين لا يجدون من يرعاهم".

"ليس هناك من يقدم لي المساعدة بإعطائنا دورات مجانية ولا حتى المؤسسات المختصة تنظر على موهبتنا، والمفروض أن تنميها وتصقلها لنبدع، وأنا أقوم بمفردي بتنمية موهبتي من خلال الرسم يوميا وأن أحضر فيديوهات حول كيفية الفن التشكيلي وأحياناً أنظر وأقلد الفنانين الكبار لآخذ من خبرتهم وفي بداية مسيرتي كنت أرسم كاركتير مقلد" يقول رامي.

لا يختلف حال هذا الشاب عن حال بقية الموهوبين الذين تضيع أحلامهم خلف أبواب بيوتهم، فما أن تخرج مواهبهم خارج الجدران تذبل بإهمال المختصين وذي العلاقة، والمساعدة لهم تتوه عن طريقهم كعادة المواهب الأخرى.

يستغرق رامي في رسم اللوحة ساعة أو اثنتين أو ثلاثة حسب اللوحة المطلوب رسمها، وفي حينما يبيع إحدى اللوحات لا يأخذ مقابلها إلا ثمناً قليلاً يساوي 50 شيكل، فالحياة تجبره على ذلك.

لكل شخص قدوة، والأستاذ عبد الهادي يعيش قدوة هذا الشاب المبدع فهو أول من أعطاه دورة حول الرسم التشكيلي في رام الله.

وفي مقابلة لنا مع مدير مكتب وزارة الثقافة في نابلس حمد الله عفانة يقول"نحن نتبنى عمل معرض للفنانين التشكيلين، وهذا ما نستطيع تقديمه، وهناك خطة لعقد لقاء بعد رمضان مع الفنانين في نابلس لتنظيم معرض برسوماتهم".

وأضاف "قديماً كان هناك اطار لمشروع ان نقوم مثلاً بإعطاء الفنانين مبلغا لشراء الأدوات الخاصة بالرسم، ومن الممكن تكرار هذه في المستقبل".

الشباب عماد المجتمع، فما بالنا عندما نصادف شبابا مبدعين؟ الشاب رامي اختتم لقاءه معنا بقوله "المعوق الذي يلازمني بهذا الفن هو نقص المورد الاقتصادي، ولأجل القضاء عليه اتفقت مؤخرا مع أحد المحال التجارية أن أرسم لهم بالكانفس (الخيش أو القماش الذي يرسم عليه)".

 أن يجلس أحدهم وموهبته على طرقات الشارع يحدث مثل ذلك في مدن كثيرة بالعالم تنعم بالاستقرار وغير محاصرة بحواجز التفتيش، لكن أن يحدث في شوارع نابلس ورام الله وغيرها من المدن الفلسطينية، فتلك مسألة تستحق الاهتمام.