عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - لا أعرف ان كانت مصادفة ام مقصودة عملية اعتقال الاسيرة انهار الديك في الثامن من آذار/ مارس الماضي، يوم المرأة العالمي. بيد أني اعتقد ان سلطات الاحتلال الإسرائيلية لا تحبذ ولا تميل لسياسة الصدفة، وعليه فإن لجوءها لاعتقال المواطنة الديك في ذات اليوم، كان استهدافا لحرية وتحرر المرأة الفلسطينية بشكل خاص، وحرية المرأة عموما، وتكريسا لسياسة التمييز العنصري ضد المرأة، وليس فقط ضد الهوية الوطنية والقومية والطبقية، وانقضاضا وانتهاكا فاضحا على القوانين الدولية ذات الصلة بالمرأة ومساواتها ومكانتها في المجتمع الفلسطيني والعربي والعالمي. وهو ما يستدعي من المنظمات الحقوقية عموما، والاتحاد العالمي للمرأة والمنظمات النقابية النسوية في أصقاع الأرض رفع صوتها ضد الاستعمار الإسرائيلي، ومطالبته بالإفراج الفوري عن الإنسانة البريئة لتضع مولودها بسلام، وبعيدا عن القيد والاذلال. لا سيما وأنها تخشى من انتهاكات سلطات السجون الإسرائيلية لإنسانيتها وولادتها. 

مؤكد أنّ الاسيرة الماجدة الديك ليست الفلسطينية والعربية الأولى، التي يتم اعتقالها دون سبب يذكر، ولمجرد ممارسة سياسة التمييز العنصري والبطش ضد الفتاة الفلسطينية، لكونها فلسطينية، وتعتز بانتمائها بهويتها وشعبها وتاريخها. كما انها ليست المرأة الحامل الوحيدة، التي تعتقلها إسرائيل المارقة والخارجة على القانون الدولي، فهناك العديد من النساء اللواتي تم اعتقالهن، وتمت ولادتهن في باستيلات المستعمرين الصهاينة، والآن يوجد إحدى عشرة امرأة من اصل أربعين معتقلة فلسطينية أمهات، وهي واحدة من 130 امرأة تم اعتقالهن حتى الآن هذا العام، والحبل على الجرار، لا سيما وانه ما زال امامنا ثلث العام بكامله، كما انها ماجدة من سبعة عشر الف ماجدة فلسطينية اعتقلت منذ عام 1967، وبالتالي لا خشية على قوتها، واحتمالها ومناعتها الوطنية والجسدية في مواجهة التحدي للسجان الجلاد الصهيوني. 

رغم ان المسألة تتجاوز في ابعادها قوة الاحتمال والتحدي لانتهاكات سلطات السجون الصهيونية، انما لأنه لا أساس قانونيا لاعتقالها، وكونه لم يوجه لها تهمة حتى الآن، ولا يوجد عليها اية اعترافات تدينها بارتكاب أي فعل مقاوم لجرائم ووحشية المستعمر الإسرائيلي. فضلا عن انها حامل، وتقترب من لحظة المخاض والولادة، وتخشى على ذاتها ومولودها من دونية ووحشية الجلادات الإسرائيليات، ومن هنا جاء نداؤها للعالم الحر، ولاصحاب الضمائر الإنسانية في الوقوف معها، ودعم خيار الإفراج عنها لكل الاعتبارات المذكورة آنفا. ولان مبدأ اعتقالها مخالف لأبسط القوانين والشرائع الوضعية والدينية والإنسانية عموما. 

وعليه فإن الضرورة تحتم على أبناء الشعب العربي الفلسطيني تجييش حملة وطنية واسعة وشاملة على كافة الصعد والمستويات الشعبية والرسمية للدفاع عن الانسانة انهار ورفيقات دربها ال40 القابعات في زنازين المستعمر الصهيوني وتحريرهن من قيود العبودية الاسرائيلية، وعودتهن لبيوتهن واطفالهن واسرهن ومواصلة حياتهن بشكل طبيعي. كما وتفرض المسؤولية التوجه لكافة المنظمات الحقوقية العربية والدولية وخاصة اليونيسف لإثارة قضيتهن على أوسع نطاق وفي كافة المحافل. 

نعم، تملي الضرورة الوطنية وضع برنامج وطني عام لقضية الاسرى عموما وللماجدات الفلسطينيات خصوصا ولأنهار تحديدا، وتركيز حملة رأي عام مستفيدين من اتساع التضامن مع الشعب العربي الفلسطيني في ارجاء العالم، وخاصة في الولايات المتحدة لتحقيق أكثر من هدف في آن، اولا حملة للإفراج عن الماجدات الفلسطينيات، ورفاقهن جنرالات الاسر والقيد والحرية؛ ثانيا لفضح وتعرية الوجه العنصري القبيح والفاشي لدولة الاستعمار الإسرائيلية، كدولة خارجة على القانون؛ ثالثا بالمقابل توسيع دائرة التضامن والدعم الأممية مع قضية التحرر الوطني للشعب الفلسطيني؛ رابعا تعرية كل الدول والقوى الرأسمالية ومن لف لفها الداعمة لانتهاكات وجرائم إسرائيل الفاشية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني؛ خامسا للتمهيد لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة امام المحاكم الأممية. 

معركة انهار الديك، هي معركة المرأة والرجل، الطفل والشيخ وكل انسان في فلسطين في الوطن والشتات والمهاجر وداخل الداخل، انها جزء لا يتجزأ من معركة الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير.