همسه التايه - النجاح الإخباري - لم تستطع الحاجة سعاد الأسود 75 عاما من بلدة كفر اللبد شرقي طولكرم، والتي إعتادت على الغوص في غمار الأرض الزراعية منذ ساعات الصباح الباكر، تلبية حاجتها في العثور على الأعشاب الطبيعية منها اللوف والعكوب والعلك والميرمية والزمطوط .. إالخ، والتي إعتادت على جمعها كونها تشكل مصدرا للرزق لها

الحاجة السبعينية التي لا تكل ولا تمل في البحث عن الأعشاب الطبيعية أكدت لمراسلة "النجاح الإخباري" أن الأرض الزراعية لم تعد تزخر بالأعشاب الطبيعية والتي تستخدم كعلاج طبي للعديد من الأمراض ، إضافة إلى أنها مصدر غذائي". قائلة:" من كثر الناس ما بترش الأرض مواد كيماوية  ماتت الأرض وفقدنا الأعشاب".

من جهتها، عبرت الحاجة سليمة إعمر من بلدة بيت ليد قضاء طولكرم، عن غضبها جراء عدم تمكنها من العثور على الأعشاب الطبيعية بعد أن كانت الأرض الزراعية والجبال مليئة بخيراتها، مؤكدة على أن هذه الأعشاب كانت تستخدمها في مداواة أبنائها وأسرتها عند إصابتهم في فصل الشتاء بأمراض الرشح والفلونزا، مشيرة إلى أن أفضل علاج طبي هو زعتر البلاط وسيدي موسى والميرمية.

وتؤكد الحاجة إعمر أن هذه النباتات العشبية الطبيعية كانت تنمو في محيط منزلها، لكنها في السنوات الأخيرة لم تعد تراها وتجتهد في البحث عنها، مشددة على أن السبب الرئيسي يكمن في إستخدام المزارعين للمبيدات الزراعية التي تقتل الحياة في الأرض، مطالبة الجميع بضرورة الإبتعاد عن  إستخدام هذه المبيدات الضارة والتي تحرم المواطنين من الثروة النباتية الغنية بالمصدر الغذائي والعلاجي.

بدوره، أكد المواطن منذر جمعة أن سبب انقراض النباتات والأعشاب الجبلية هو استخدام المزارعين للمبيدات العشبية، مطالبا كافة الجهات والمؤسسات المعنية ومنها وزارة الزراعة، ضرورة تنفيذ برامج توعوية للمزارعين من أجل الحفاظ على النباتات الجبلية من الانقراض كونها تشكل مورد رزق ثابت للعائلات ومصدر غذائي وطبي لا يمكن للعائلات الفلسطينية الإستغناء عنه .

إلى ذلك، أكد المهندس صادق عودة مفتش الزراعة العضوية في الاغاثة الزراعية خلال حديثه مع مراسلتنا ، على التنوع النباتي والحيواني الذي تتميز به فلسطين نتيجة تنوع الظروف المناخية والتي تختلف من منطقة إلى أخرى سواء كانت سهلية أو جبلية، مشيرا إلى أن النباتات الطبيعية تنتشر في كل الناطق بلا إستثناء حيث يبلغ عدد النباتات العشبية في المنطقة الواحدة ما لا يقل عن 50 نوع في حين يبلغ عدد النباتاتا في فلسطيني بشكل عام ما يقارب الـ100 نوع..

وحول إنقراض بعض النباتات وإختفاؤها، أشار إلى ضرورة الحفاظ على هذه النباتات خاصة وأن القطف غير المنظم "والعشوائي" يؤدي إلى إختفائها،إضافة إلى بناء الجدار العنصري وشوارع المستوطنات الإلتفافية والتي أدت إلى إختفاء أنواء كثيرة من النباتات والحيوانات أيضا، ناهيك عن بناء المستوطنات على الجبال والتي تتميز بالتنوع النباتي فيها الأمر الذي أدى إلى إبادتها بالكامل.

وأضاف:" إنتشار الخنازير من قبل الإحتلال الإسرائيلي أدى إلى تدمير الكثير من الأشجار كاللوز والتين بالإضافة إلى القضاء على الأعشاب الطبيعية، بالإضافة إلى حيوان الصوف الصخري والذي دمر القشرة الخارجية للأشجار والأمر الذي يؤدي إلى قتل الدورة الغذائية وبالتالي موت الأشجار.

واسترسل مفتش الزراعة العضوية في الاغاثة الزراعية بالقول:"  حرق المخلفات الكيماوية وغيرها في الأراضي الزراعية كلها تلعب دورا هاما في قتل الأرض الزراعية وتدمير التنوع النباتي والحيواني مؤكدا أن إختفاء طير الحسون ناجم عن ذلك.

وأكد أن من أهم النباتات الطبيعية التي تعاني الإختفاء والإنقراض هي الميرمية وزعتر العراق والعكوب. مشيرا إلى أن هنالك توجه في فلسطين بشكل عام قيام المزارعين بزراعة هذه الأعشاب الطبيعية والعمل على تكاثرها للمحافظة على التنوع، مطالبا المواطنين بضرورة العمل على إستغلال المساحات الموجودة في الحدائق المنزلية والمناطق المهمشة وزراعة هذه الأعشاب فيها.

وطالب كافة الجهات المعنية ومنها وزارة الزراعة بضرورة دراسة التنوع الموجود وتوفير بنك بذور طويل الأمد للنباتات المهددة بالإنقراض " تخزين طويل الأمد للحفاظ على هذه الأصناف المهددة. بالأضافة إلى تحديد مناطق لجمع النباتات الطبية منها بإشراف وزارة الزراعة بحث لا تكون عملية القطف بشكل عشوائي يضر بها.

وحمل المهندس صادق عودة وزارة الزراعة المسؤولية الكاملة عن توعية المواطنين والمباشرة بتنفيذ حملات وبرامج إرشادية للحفاظ على هذه الأعشاب الطبيعية وإعادة زراعتها لإكثارها.

وأكد أن الإغاثة الزراعية بالتعاون مع العديد من الوزارات والمؤسسات المعنية قد قامت بالعمل على تكاثر بعض الأعشاب وزراعتها كونها تحقق عوائد إقتصادية ومردود مادي، مشيرا إلى سعيهم لإكثار نبات العكوب خاصة وأن المساحات المتبقية للعكوب قد انحصرت بفعل المستوطنات والقطف الخاطيء للعكوب بالإضافة إلى سعيهم من الإكثار من زراعة النباتات الأخرى بجانب الجدران الإستنادية التي تقام ضمن مشاريع الإستصلاح.