هاني حبيب - النجاح الإخباري - من الواضح أن نتنياهو سيقاتل حتى الرمق الأخير لمنع ائتلاف «التغيير» من الحصول على ثقة الكنيست فهو يعتقد أنّها مسألة حياة أو موت بالنسبة له، لكنها ليست كذلك، فحتى لو نجح في إفشال ائتلاف بينيت – لابيد، فإن ذلك ليس كافيا حتى يظل أو يعود إلى ما كان عليه من زعامة وتفرّد وهيمنة على الحياة السياسية والحزبية في إسرائيل، الأمر قد حُسم، فقد تم خلعه ووضع نهاية لمستقبله السياسي، وحتى في حال فشل ائتلاف بينيت – لابيد، وحتى لو سقطت حكومة «التغيير»، اليوم أو في المستقبل، ما كان عليه نتنياهو لن يعود، مهما كان الأمر!.
تشكيل ائتلاف بينيت – لابيد، حمل بين طياته ما يشبه الإجماع بين أحزاب اليمين والوسط وبقايا اليسار على أنّ حقبة نتنياهو قد انتهت، كل هذه الأحزاب تقدّمت بما يُسمى تنازلات مؤلمة بهدف إسقاط نتنياهو، للإطاحة بمرحلة وبداية أخرى تتزعمها حكومة تغيير هشّة وقصيرة النفس ومتناقضة حتى العظم، لكنها أجمعت على وضع حد لمرحلة نتنياهو كي لا تتمدّد مجددا، هذه الأحزاب، خاصة اليمينيّة منها، منحت نتنياهو أربع فرص متتابعة، نجح اليمين خلالها في الحصول على أغلبية في الكنيست، رغم ذلك فشل نتنياهو في انتهازها لتشكيل حكومة قادرة على الاستقرار والاستمرار، وها هو وبنتيجة الفرصة، الانتخابات الأخيرة، ومع أغلبية يمينيّة، يعجز مجددا عن تشكيل مثل هذه الحكومة، فالأرنب لم يقفز من كم الساحر، بل إن الساحر هذه المرة قفز الأرنب من بين يديه، ومجازيا، فإنّ الأرنب، اليمين المعارض لنتنياهو، بينيت وساعر وليبرمان، حزم أمره وقرّر نهاية حقبة نتنياهو، الآن، وإلى الأبد، وهكذا كان.  
المحاولات اليائسة من قِبل نتنياهو للقتال ضد «التغيير» تعود في البعض منها لإثبات زعامته المزعزعة لليمين، ساعيا للتغطية على التناقضات التي بدأت تنخر المعسكر الذي كان يتزعمه، ذلك أن هناك أصواتا أخذت تتعالى في حزب «الليكود» لعقد انتخابات داخلية بحثا عن زعامة جديدة، حيث يبرز كل من إسرائيل كاتس ويولي ادلشتاين ونير بركات، وإذا تمت الإطاحة به من رئاسة الحكومة فإن نتنياهو لن يعود قادرا على منح المقربين والخصوم الرشاوى والامتيازات والوعود والتي سبق وأن اعتمدها لضمان زعامته للحزب، فقدانه لرئاسة الحكومة جعله عاجزا عن تكرار منح هذه العطايا والامتيازات التي ضمنت له الزعامة.
حتى لو سقطت حكومة «التغيير» وتم التوجه إلى انتخاباتٍ خامسة فإن فرص نتنياهو بالعودة إلى زعامة حزب «الليكود» وزعامة معسكر اليمين باتت صعبة إن لم تكن مستحيلة. فالحزب ومعسكر اليمين أكثر قناعة بأن استمرار هيمنة اليمين بشتى أطيافه وأيديولوجياته رهن بالتخلي عن نتنياهو، بحيث بات خيار خلعه والإطاحة به هو الأكثر ضمانة لاستمرار هيمنة اليمين على الحياة السياسية والحزبية في إسرائيل، لذلك كله فإن سقوط ائتلاف «التغيير» ليس كافيا أو ضامنا لعودة نتنياهو إلى تزعم الحياة السياسية من جديد.
وإذا كان شعار «التغيير» الذي تبنته مختلف أحزاب الائتلاف الجديد، يعني تغيير وخلع نتنياهو، إلّا أنّ هذا الشعار يمتد ليطال تغييرا تاريخيا في بنية الرأي العام الإسرائيلي، وخاصة من أنصار أحزاب اليمين، ولا يعني على الإطلاق تغييرا في السياسات التي انتهجها نتنياهو على مختلف الملفات العنصرية والعدائية والدموية، لذلك فإن الخلاصة التي انتهت لها صحيفة «الغارديان» بإحدى مقالاتها الأخيرة من أن «هناك نهاية مرحلة، لكنها ليست بدايةً لمرحلةٍ أخرى» صحيحة تماما فيما يتعلق بالملفات المذكورة.