نابلس - النجاح الإخباري - قدر الله أن تكون  السيدة انتصار جوابرة من بلدة عصيرة الشمالية أما لشاب من ذوي الإعاقة بعد أن تعرض في سنته الأولى لحادث تسبب بتلف في خلايا الدماغ أثر على حركته، فعاشت تفاصيل الحرقة والمعاناة لحمايته من حياة ترهق الأصحاء.

بكل صبر واصلت انتصار محاولاتها للأخذ بيد ابنها ابراهيم تمنع عنه التنمر وتحاول أن يتعلم إلا أن محاولاتها فشلت لكن اليأس لم يتسلل لقلبها فسعت حثيثا من خلال المؤسسات الداعمة لتأهيل هذا الشاب علّها تجد له ما يشغل وقته بما يفيده.

طرقت باب المؤسسة تلو الأخرى وتطوعت مع مؤسسة سواعد التأهيل الداعم لذوي الاعاقة حتى فتحت لها مؤسسة educaid اديوكيد بابها واحتضنت حلمها عبر تمويل مشاريع مقترحة من قبل أهالي ذوي الإعاقة لخلق فرص عمل تعود عليهم بمردود مادي وتدمجهم بالمجتمع.

انتصار كانت صاحبة فكرة رائدة وهي مقهى نسائي جديد الطرح على بلدة عصيرة ما لفت انتباه الكثيرين وقسمهم بين مؤيدين ومعارضين لكنها لم تستسلم.

وكخطوة أولى بعد قبول المشروع تم اختيار المكان، بقلب عصيرة في البلدة القديمة بيت عبارة عن عقد بسقف مقوس يمد ممره كذراع يحتضن الزوار وتروي جدرانه أثر أجداد ماتوا وظل الأثر، يقع البيت في طابقين تم ترميم الطابق الأول بقيمة 36 الف شيكل وهو المبلغ الذي رصدته المؤسسة الداعمة وتمت مراعاة أن يكون أثاثه بطابع الأصالة القديمة نفذته سيدة من مدينة نابلس تعمل في النجارة وهي أيضا من المستفيدات من برنامج الدعم لأهالي ذوي الإعاقة.

وحول فكرتها قالت انتصار  لـ "النجاح الإخباري" :"النساء بحاجة للاجتماع وتبادل الحديث ولمساحة تعطيهن فرصة الترفيه عن النفس في ظل الضغط والمسؤوليات، واليوم أصبح للبيوت خصوصيتها حتى الجار لا يدخل على جاره دون إذن أو مناسبة، فكانت فكرتي مكان مفتوح دائما للسيدات فقط يوفر الخصوصية والخدمات لتشعر المرأة أنها ضيفة نفسها".

وأوضحت جوابرة أن اختيارها للاسم "بيت ستي" جاء من الحنين الموجود بقلب كل منا لبيت الجدة الذي يجمع العائلة بدفئه وحنانه وأكلاته اللذيذة على بساطتها، ومن هنا جاءت فكرة تحضير الأكلات الشعبية في المقهى من قبل المعلمة المتقاعدة زاهرة جوابرة والتي وجدت في المكان ملاذًا تقضي فيه وقت فراغها بكل مفيد.

وعن رأيها قالت زاهرة: "هالمكان فيه راحة نفسية كبيرة، ما عنا منتزهات ولا أماكن عامة تجمعنا وبجي عبالنا نلتقي بعيد عن البيوت، حبيت الفكرة وبدعمها بحضوري ودعوة صديقاتي، وحتى من خلال تحضير أكلات شعبية مثل العدس ورقاقة".

وأضافت أن هذا المكان ليس مجرد مقهى بل ملتقى تمارس فيه النساء العديد من النشاطات والفعاليات ما يعكس دور المرأة المثقفة وإمكانية لتنظيم امسيات ثقافية وتطوعية لصالح ذوي الاعاقة للترفيه عنهم ودعهم نفسيا. 

أما ابراهيم فتقبل الفكرة بسعادة غامرة حيث لا مجال امامه لأي عمل بحكم اعاقته الحركية أصبح لديه عمل يقوم به حيث إن الكثير من اصحاب المحال المجاورة للمقهى يطلبون منه المشروبات الباردة والساخنة ويلبي طلباتهم بفرح، ويحظى بدخل يمنحه شعورا بالثقة.

وعند سؤال ابراهيم عن دوره في هذا المشروع الذي جاء على اسمه، قال: "ألبي طلبات الزبائن وأنظف المكان كل يوم بعد الدوام، امي بتعطيني مصاري بجمعهن بالبنك".

ولم يتردد بالإجابة عن سؤال، ماذا ستفعل بالمال، فأجاب: "أروح عمره أنا وأمي".

انتصار جوابرة نموذج  للمرأة المكافحة فهي تساند زوجها بإعالة أسرتها المكونة من 8 أفراد حيث إضافة للمقهى تعمل في مصنع للتمور ما جعلها تركن لابنتها رهف جوابرة في إدارة المشروع بغيابها.

رهف خريجة جامعية تحمل البكالوريوس في التاريخ، كان المشروع بالنسبة لها فرجا يقيها خيبة الأمل التي يحظى بها الخريجون على أبواب البطالة، قالت رهف: "المقهى أسعفني أشغل وقتي وأعين امي، ما في وظائف رغم تفوقي، أنا كصبية أفضل مكان عام يجمع الفتيات ويعطيهن خصوصية، من اللحظة الأولى بدأت أبحث عبر الإنترنت عن أفكار تطويرية، ومنها دخلت فكرة عرض فيلم كوميدي أو وثائقي بشكل دوري، البنات حبوا الفكرة، ثم أعياد الميلاد والحفلات، كلها زادت الإقبال على المكان".

أنشأت رهف صفحة باسم المقهى وروجتها عبر الفيس بوك من خلال نشر الصور المحفزة، تشعر بالسعادة وتنصح جميع الخريجين بالاستثمار في شغفهم.

في البداية افتتح المكان وجاءت النساء لمجرد استكشاف المكان وتفهم الفكرة، وسرعان ما نال إعجاب الكثيرات حتى صرن من رواده ومنهن أم خالد التي أشادت بالفكرة وبتعلقها بالمكان وزيارتها اليومية واستقطاب صديقاتها وبناتها وحفيداتها.

بيت أنثوي مفتاحه ابتسامة وداخله دفء وحكايات، كان ثمرة جهود كثيرين بدءًا من بلدية عصيرة المشاركة في برنامج التأهيل المجتمعي ودعم ذوي الإعاقة في البلدة والذي تتولى أمره المشرفة روند ياسين من خلال التشبيك مع المؤسسات الداعمة والجمعية العربية، تم انجاز ثلاثة مشاريع منها مشروع "مقهى بيت ستي"، المدعوم من مؤسسة إيطالية educaid، وتم منح السيدات المشاريع وإعطاؤهن دورات تدريبية لتأهيلهن لإدارتها بنجاح، على أن يعود مردودها على أبنائهن من ذوي الإعاقة.

 

 

No description available.

No description available.