نبيل عمرو - النجاح الإخباري - لم أُفاجأ حين قرأت ردود الفعل على طروحاتي الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، والتي مركزها حتمية إجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية، ما يفتح الباب أمام انتخابات حيثما أمكن للمجلس الوطني.

لم أفاجأ لأن نسبة كبيرة من المحاورين في هذا المجال أظهرت تشككا وحذرا وأحيانا يقينا بأن هذه الانتخابات لن تتم، وأن طرحها كقضية هو مجرد ملء فراغ أو إضاعة للوقت، وكثيرون ممن أظهروا يقينا بعدم إجراء الانتخابات استخدموا عبارات يائسة من نوع "فالج لا تعالج، والي بجرب المجرب عقلو مخرب، ولو كانت بدها تمطر لغيمت".

لم أفاجأ بهذه المواقف السلبية وحتى اليائسة مع أنني لا أقر بها، وسأظل أعمل بكل طاقتي لتغيير هذه المواقف.

لا يلام المواطن على سلبيته وحتى يأسه إن كان مؤقتا لأن الطبقة السياسية الفلسطينية التي تحتل موقع القيادة أعلنت مرات عديدة أنها ستجري انتخابات عامة برلمانية ورئاسية إلا أنها كانت تعمل بكل همة ونشاط لعدم إجراءها مستفيدة من خبرات سدنة الجمود في استغلال فرص الإعاقة، فإن لم تكن هذه الفرص قائمة كان الأزلام يخترعونها، غير أن تواطئ الطبقة السياسية على مدى أربعة عشر عاما يجب أن لا يعني التسليم التلقائي بخططها وذرائعها وابتعادها عن صناديق الاقتراع فالخطأ وخصوصا حين يتطور إلى خطيئة فلا يجوز التسليم به وبأصحابه كقدر حتمي لا راد له، لهذا فإن النضال من أجل إجراء الانتخابات العامة ينبغي أن لا يتوقف والضغط الشعبي هو أفعل من يحمل الطبقة السياسية على وقف حربها غير المقدسة ضد الانتخابات، إن لم يكن بإرادتها فرغما عنها.

إن طبقة سياسية تجثم على صدور الناس دون أن تكون منتخبة أو تتجدد بالانتخاب، هي أقرب تجسيد لديكتاتورية الجمود والتخلف والاستئثار بالقرار الداخلي والسياسي، ونفي أهم شروط الحكم والقيادة الرشيدة وهي رضا الناس والمسائلة والمحاسبة.

الذين يظهرون يأسا من إجراء الانتخابات العامة ويقنعون أنفسهم والاخرين باستحالة إجراءها مطالبون بتعديل البوصلة باتجاه إيجابي أصح وأسلم أي أن لا يتعاطوا مع الانتخابات من زاوية تجري أو لا تجري بل من زاوية أخرى عنوانها يجب أن تجري.

لست خياليا حتى لا أتوقع معوقات وصعوبات تصل حد الحرب على الانتخابات من الداخل والخارج، ولكن حين تصبح الانتخابات مطلبا شعبيا قويا وملحا سيكون مستحيلا على المتشبثين بالمواقع والامتيازات والالقاب أن يحتفظوا بها إلى ما لا نهاية، وبوسع التيار الشعبي المتبني للانتخابات كأساس لنظامنا السياسي ان يفرض منطقه العادل وأن يعزل دعاة الجمود والتشبث والاستيلاء على مقدرات الناس، وأن يستبدلهم بطبقة سياسية اختارها الناس بمحض إرادتهم وخيارهم الحر، وحين يختار الناس ممثليهم فإنهم يملكون حق مراقبتهم ومحاسبتهم وحتى عزلهم اذا ما اساؤوا استخدام الأمانة.

أتفهم الحذر الذي ولّدته خصومة الطبقة السياسية للانتخابات، ولكن لا اتفهم ولا أوافق على أن يكون هذا الحذر هو مبايعة للجمود والتشبث والديكتاتورية.