بيروت - ميرنا حامد - النجاح الإخباري - داخل مركز بسيط تفوح منه رائحة الحلويات والمخبوزات والمونة البيتية تجد مجموعة نساء يتشاركن هواية واحدة وهي الطبخ، ويتخصصن بالمطبخ الفلسطيني الذي يحوي ما لذَّ وطاب.

مركز "زوادتنا"يجمع نساء تتراوح أعمارهن بين (18-40)عامًا، بشكل يومي في مدينة صيدا اللبنانية. وهو مشروع يحمل الاسم نفسه انطلق عام 2016 بدعم مالي من السفارة النروييجية.

تمكين الفلسطينيات في لبنان

"زوادتنا" الذي يعمل ضمن إطار جمعية "ناشط" الجمعية التعاونية النسائية الفلسطينية المسجلة لدى وزارة الاقتصاد اللبنانية، ويعمل على تمكين النساء الفلسطينيات في لبنان ومساعدتهن على تأمين قوت يومهن. وهو الأول من نوعه على الصعيد الفلسطيني، نظراً لعدم وجود تعاونية نسائية فلسطينية في لبنان.

ويأخذ "زوادتنا" زاويته الخاصة في أهم المعارض اللبنانية في بيروت كمعرض "بدارو" و "سوق الطيب".

وحول بداية المشروع، تقول وفاء عيسى مديرة مشروع "زوادتنا" لـ "النجاح الاخباري": "عام (2013) أجرينا دراسة تتعلق بالتهميش داخل المجتمع الفلسطيني، وتوصلنا إلى نتائج تشير إلى أنَّ النساء يشكلن حوالي (54%) من المجتمع الفلسطيني، نحو (70%) من الرجال عاطلون عن العمل، ما يضطر المرأة لإعالة أسرتها. لذلك فكرنا بمشاريع تنموية تساعد مجتمعنا الفلسطيني في لبنان على النهوض والاعتماد على الذات فقط، وليس على المساعدات التي تقدم لهم".

وتضيف عيسى: "من هنا انطلق مشروع زوادتنا عام (2016) لتمكين النساء كونهن العنصر الأساسي والحيوي لدى أسرهن، وتمكينهن من شراء ما يردن من مستلزمات دون الحاجة لأحد".

وحول التحديات التي تواجه "زوادتنا"، ترى أنَّ "تدريب (50) امرأة حول كيفية إنتاج المربيات الطبيعية المصنوعة يدوياً دون الحاجة للماكينات الصناعية ضمن إطار المعايير الصحية للسوق هو التحدي الأكبر، بالإضافة لتمييز واختلاف منتجات زوادتنا عن المنتجات المنتشرة في السوق. لذلك اضطررنا لرفع أسعارنا نوعاً ما لكي نؤمن تكاليف المواد المطلوبة إضافة لأجرة اليد العاملة، إلا أنَّ أسعارنا بقيت أرخص من أسعار المنتوجات الأخرى". 

إعادة إحياء الهوية الفلسطينية

وتتابع عيسى: "دخلنا أيضاً في عالم الأطباق اليومية الفلسطينية، فتعاقدنا مع مدربين فلسطينيين جاؤوا من رام الله ليدربوا النساء على الأطباق الفلسطينية كالمسخن، والملاتيت، والقدرة الخليلية، وغيرها من المأكولات الشعبية. المسخن مرغوب جداً في المجتمع اللبناني والفلسطيني، وهو حاضر بشكل دائم في تشكيلة المقبلات في المطاعم اللبنانية". 

وتشير عيسى إلى أنَّه "كان من الضروري إعادة إحياء الهوية الفلسطينية من خلال المأكولات الشعبية، والاتصال مع داخل الوطن. لذا لدينا جانب مميز في المشروع وهو تدريب النساء على تحضير كعك القدس الذي يعتبر تراثاً فلسطينياً أصيلاً. فقمنا بالبحث عن الطريقة الأصلية لصنع الكعك عبر الانترنت، وتواصلنا مع جمعيات داخل فلسطين من الضفة، إلى أن وصلنا لشخص يدعى غالب سنينة، وهو يعمل فراناً في القدس، فقام بتدريب النساء مدة ثلاثة أشهر عبر السكايب على طريقة صنعها، استغرقت ستة أشهر لحين اتقانها".

وتضيف: "نسوق منتوجاتنا في المقاهي و الكافيتريات التابعة للجامعة اللبنانية في صيدا وكلاً من مستشفى الهمشري والحكومي، بالإضافة لبعض الأفران وبعض السوبرماركت.  أما بالنسبة للأطباق اليومية فحسب الطلب، حيث تقدم بأسعار مقبولة نوعاً وتوصيل مجاني. ولدينا مندوبة مبيعات تعمل على التواصل مع أصحاب المطاعم والمحلات لترويج المنتجات".

وحول المشاكل التي يواجهها "زوادتنا"، تقول عيسى: "التعاونية لم تعد قادرة على احتواء عدد النساء اللواتي يأتين للعمل لدينا نظراً لضيق مساحة المكان.  لدينا (7) نساء يعملن بشكل ثابت ودوام كامل، بالإضافة لـ (33) امرأة يعملن بدوام جزئي يتقاضين خمسة آلاف ليرة في الساعة أي ما يعادل 3,5 دولار أمريكي".

تدريبات حول السلامة الغذائية

 السيدة فايزة العاملة في المركز قالت حول أسباب مشاركتها في هذا المشروع: "حبي للطبخ هو الدافع الأول،وفكرة المشروع هادفة. أوجد فرصة للنساء للتعارف واستغلال طاقتهن وقدراتهن، ويعود بمردود مادي".

وتضيف: "التعاونية تفيد النساء بتدريبات حول سلامة الغذاء والتعقيم وكيفية صناعة المربيات والمونة وطرق التغليف السليمة. والأهم في الموضوع هو تعلم طريقة تحضير كعك القدس الذي نقوم بإعداده بنَفَس فلسطيني يجعل الزبائن يفضلونه".

وتتابع: "التعاونية أدخلتني المطبخ الفلسطيني بكل مكنوناته، وتعمل على توريث هذا الإرث للأجيال وتعزيز ثقافة المطبخ الفلسطيني كإرث وطني كبير".

وتختم السيدة فايزة حديثها بنصيحة للسيدات الفلسطينيات في لبنان أن لا يبقين في المنزل "هناك ما يستحق التعب والتجربة".