غزة - خاص - النجاح الإخباري -  يرقد الشاب محمد ذيب صافي (27عاما) الآن في مستشفى الشفاء بغزة قسم الأعصاب وهو فاقد كلياً لبصره في عينيه نتيجة تعرضه للتعذيب على يد أفراد من الأمن الداخلي التابع لحكومة حماس في غزة، مناشداً جميع الأطراف أن تساعده على استعادة بصره.

الشاب صافي سكان مشروع بيت لاهيا في شمال قطاع غزة والذي يحمل شهادة تمريض عام والذي عرفته المؤسسات المدنية في غزة متطوعاً مثابراً على مدار سنوات خاصةً في حملات تنظيف الشوارع وشاطئ البحر، لا يردد حالياً سوى جملة واحدة "بدي يرجع بصري بدي أشوف يا عالم".

يذكر أن الشاب صافي يتيم الأب وهو يعيش مع والدته السبعينية التي لا معيل لها سوى "محمد" بعد أن غادر أخيه الوحيد إلى مصر نتيجة الظروف الاقتصادية التي يعيشها القطاع منذ 12 عاما من سنوات الحصار والانقسام. يقول محمد حول ما جرى معه: "جاءني استدعاء من الأمن الداخلي بتاريخ 19 مارس وتم اعتقالي على خلفية حراك بدنا نعيش، وضعوني في زنزانة عبارة عن حمام فيه نصف زجاجة ماء وبطانية وهناك تم الاعتداء عليَّ بضربي بقوة على رأسي فدخلت في غيبوبة من شدة الضرب؛ ولكن هذه الغيبوبة لم تشفع لي فتم الاعتداء عليَّ مرة أخرى بواسطة "البساطير الثقيلة" كما وأعادوا ضربي مرة أخرى على رأسي بعنف".

ويضيف صافي لـ"النجاح الاخباري": "في اليوم التالي كان مفترض أن يتم الإفراج عني ولكن قبل الإفراج تم الاعتداء عليَّ مرة أخرى أنا وبقية الزملاء المحتجزين معي ويومها من شدة الضرب قلت لهم "لدي مشكلة في عيني وأنتظر موعداً للعملية" فما كان من الضابط المسؤول إلا أن زاد الضرب وقال لي بالحرف الواحد "مدام عندك عملية في عينك هي كمان ضرب" وهكذا تم الاستهتار بوضعي الصحي من قبل أفراد من الأمن بينما أبدى البقية منهم نوعاً من الشفقة تجاهي". "عدت إلى البيت بشرط أن أعود للمراجعة لديهم في مقر الأمن بشكل شبه يومي وفي إحدى المراجعات فقدت النظر في عيني اليسرى وذلك منذ أسبوعين. لم أدر أن أموري الصحية آخذة في التدهور"، وفقاً لحديثه.

ويكمل: "أمس كان لدي استدعاء لدى الأمن الداخلي وفي نفس اليوم كان لدي موعد في المستشفى وحين حضرت هناك أظهرت لهم ورقة المستشفى التي تؤكد أن لدي موعد هناك ورغم ذلك تم احتجازي في زنزانة انفرادية وبعد ساعات وفي طريقي إلى الخارج فقدت النظر في عيني اليمنى وهناك أخبرت أحد أفراد الأمن أنني لا أرى شيئاً ولا أستطيع السير فطلب مني الجلوس ولكنني رفضت كون المكان يفتقر إلى أي نوع من الراحة النفسية أو الجسدية".

لم يدر محمد وقتها ماذا يفعل فكل ما استطاع القيام به هو الجلوس على رصيف الشارع يتحسس المكان، وهنا تدخلت عناية الله في أن رآه أحد جيرانه وقام بأخذه بسيارته إلى بيته ومن ثم ذهبوا به إلى مستشفى العيون في مدينة غزة وهناك تم تحويله إلى مستشفى الشفاء بغزة قسم الأعصاب حيث يرقد هناك فاقداً للبصر كلياً.

يفيد أحد أصدقاء محمد (فضل عدم الكشف عن اسمه) أن محمد سيخضع غداً لصورة رنين مغناطيسي كي يقرروا نسبة الضرر في النظر وهل سيتمكن محمد من النظر مجدداً أم لا. وفي سؤال حول خلفية هذا الاعتقال يؤكد محمد: "تم اعتقالي على خلفية الحراك رغم أنني لم أكن مشاركاً فيه بل يومها كنت متجهاً لإحضار بعض الأغراض البيتية لوالدتي وتصادفت عودتي للبيت من مكان كانت فيه مناوشات بين شبان الحراك والأمن".

ويضيف: "بعد يومين جاءني استدعاء بتهمة أنني كنت ألقى الحجارة على أفراد الشرطة وأقسمت لهم يومها بأنني لم أكن أحمل سوى كيساً من اللحمة كانت قد طلبته مني والدتي وطلبت منهم أي اثبات يفيد بإلقائي الحجارة على الشرطة سواء صورة أو غيره".

"لقد تعاملوا معي بأسلوب مستفز لدرجة أنهم حين علموا أني مدخن أصبحوا يتعمدوا شرب القهوة وتدخين السجائر أمامي بينما كنت في الزنزانة"، وفقاً لحديثه.

هذا ويحمل المواطن صافي أفراد من الأمن الداخلي الذين قاموا بالاعتداء عليه مسؤولية وضعه الصحي حالياً من حيث إعاقته البصرية الكاملة. ويختم محمد حديثه بالقول: "أمي حالياً لوحدها في البيت بلا معيل، وقد كانت مؤخراً قاب قوسين أو أدنى من التعرض لجلطة خاصةَ وأنها سيدة كبيرة في السن وتعاني مشاكل في القلب والضغط".

هذا ويناشد صافي كل من لديه ضمير وإنسانية أن يساعده في استرجاع بصره فهو لا يكف عن قول "بدي يرجع بصري وبس". يشار إلى أن شهدت محافظات قطاع غزة حراكاً شعبياً انطلق يوم 16 مارس في مظاهرات سلمية تحت شعار بدنا نعيش شارك فيها أعداد كبيرة من المتظاهرين رفعوا شعارات ضد الغلاء والفقر والضرائب فيما تحركت حكومة حماس بحشودات عسكرية لقمع المتظاهرين ووأد الحراك، باعتقال العشرات بينهم صحفيين وحقوقيين وإصابة العديد بعد الاعتداء على جموع كبيرة من الشباب والشيوخ والنساء بالهراوات وإطلاق النار الحي.

هذا وقد أشعلت قصة محمد صافي مواقع التواصل الاجتماعي اليوم وطالب كل من تناقل القصة أن يتم تسليط الضوء على معاناة هذا الشاب كونه يعاني وضعاً صحياً في غاية الخطورة.