غزة - مارلين أبو عون - النجاح الإخباري - ازدادت في الآونة الأخيرة، تجاوزات بعض الطلبة خارج أسوار المدارس، الأمر الذي يستدعي من مدراء المدارس اتخاذ قرارات حازمة بحقهم للحد من تلك التجاوزات، التي تدعو للقلق.

طلبة من جميع الأعمار فور مغادرتهم مقاعد الدراسة، يسيرون في وسط الشارع ويزاحمون السيارات، غير مكترثين  بكمية التذمر التي تبدو على السائقين في تلك اللحظة. ومما يدخل في النفس القلق أكثر حينما يتطاول الطالب على السائق، أو أحد المارة عندما يطلب منه التنحي جانباً عن الشارع العام، فيطلق الطالب للسانه العنان لشتمه وسبه بأبشع الألفاظ.

خالد السوسي المرشد الاجتماعي والنفسي أوضح لـ "النجاح الإخباري" أن هذه الظاهرة باتت مقلقة، مع إغفال المدارس والمربين أعينهم عنها، وأصبح دور المدرسة فقط يقتصر داخل أسوارها، وغير آبهين لما يحدث خارجها.

وأشار إلى أنه عمل كمرشد نفسي واجتماعي في كثير من المدارس، وكان الاهتمام على الطالب داخل أسوارها، من متابعته إن تعرض لمشكلة نفسية أو انتهاك لحقوقه في المجتمع ، مع ملاحظة أنه ليس في كل الأوقات تتم المتابعة.

وتابع:" الأعداد الكبيرة للطلبة في المدارس لا تسمح للمرشد النفسي أن يعطيهم الاهتمام المطلوب، فمديرية التربية والتعليم تخصص مرشدا واحدا فقط لكل مدرسة، حتى لو كان جميع طلبة المدارس يعانون من مشاكل وضغوطات نفسية تؤثر على مسيرتهم التعليمية".

وأضاف:" المدرسة ليست وحدها المقصرة في هذا الجانب فالأهل أيضاً تقل على عاتقهم المسؤولية الكبرى في متابعة أبنائهم، وقت خروجهم من البيت وحتى عودتهم للمنزل، حتى أن بعض الأهل لا يعلمون بأي مرحلة تعليمية أبناءهم يدرسون، وهذا حدث بالفعل أثناء عملي في إحدى مدارس غزة، عندما جاء والد أحد الطلبة للمدرسة لكي يتابع ويسأل عن ابنه- وللعلم أنه لم يزر المدرسة قبل ذلك نهائيا، فتفاجأ المدرس أنه لا يعلم ابنه بأي مرحلة يدرس، بحجة أنه مشغول دائما وغير متفرغ لأبنائه، وتربيتهم تقع على كاهل الزوجة "الأم".

وذكر السوسي أن جميع طلاب المدارس في كافة المراحل دون استثناء يحتاجون لدورات تأهيلية لتعليمهم آداب الطريق والسير على الرصيف المخصص لهم، والرد بلباقة على أي أحد يوجه لهم أي انتقاد.

ولفت إلى أن طلاب المدارس الابتدائية عند خروجهم من البوابة الخارجية ، عدا عن أنهم يزاحمون بعضهم البعض مخلفين أزمة، يقومون بالتسلق على السيارات من الخلف معرضين أنفسهم للخطر ولوابل كبير من الشتائم، وكم هي الحوادث التي وقعت جراء تعلق الطلاب بالمركبات وهي تسير بين الطلبة.

وشدد السوسي على أنه لو وسعت المدرسة من اختصاصها قليلاً وتابعت الطلاب وقت خروجهم، وعلى الطرقات القريبة من المدرسة، ووضعت قانوناً صارماً على الطلبة الذين يتجاوزون التعليمات ، لما أصبحنا نرى تلك الظواهر المقلقة والمزعجة.

ودعا إلى تكاثف الجهود مؤسسات وأفراد ومجتمع وأسرة كل من جهته وموقعه المسؤول لتقديم، الدعم والارشاد للطلبة حتى يستطيعوا تمييز الخطأ من الصواب، بالإضافة لعمل ورشات عمل ودورات تدريبية متخصصة في مثل هذه الحالات مع تكاثف شرطة المرور معهم في هذا الجانب لتقديم الارشادات التوعوية للطلاب، للحد من أي حوادث يمكن أن تقع.

اسماعيل حمادة هو أب لأربعة أبناء جميعهم يدرسون في المرحلة الابتدائية والاعدادية، يجلس بجوار دكانه المطل على الشارع الرئيسي القريب من احدى المدارس، يقول لمراسلة "النجاح الاخباري"، أن الطلاب وقت خروجهم من باب المدرسة يتزاحمون أسراباً، عدا عن أنهم يتقاتلون فيما بينهم، ويصل بهم الحال حد الضرب بالعصي والأيدي."

وأضاف حمادة :" في يوم كان الجو ماطراً وكالعادة وقت الظهيرة قرع جرس المدرسة المجاورة، إيذاناً بانتهاء الدوام المدرسي، وكنت داخل المحل، وفجأة سمعت صوت صراخ وشتم وضرب، وحينما اقتربت منهم علمت بأن مجموعة من طلبة الثانوية أجهزوا على سائق تاكسي وبخهم أمام الطالبات فأحرجهم، ولكي يأخذوا بثأرهم ضربوه حتى اجتمع الناس عليهم وحضرت الشرطة وأخذت الطلبة إلى المركز القريب والسائق إلى المشفى."

وتساءل حمادة عن السبب الذي يدفع طلبة في مثل هذا السن لفرض عضلاتهم والتطاول على رجل في مثل سن والدهم، وأين التربية والأهل من كل هذا؟ ".

عايدة خليل طالبة جامعية تدرس في جامعة الأزهر بمدينة غزة، تقول:" بصراحة التطاول والتلسن بألفاظ غير مهذبة ليست على أبواب المدارس فقط، فنحن نرى ونسمع أيضاً كلمات نُحرج نحن كفتيات عندما نسمعها، عدا عن طلبة المستوى الأول بالتحديد الذين لم يعتادوا على نظام الجامعة وآدابها، ويعتقدون أن الجامعة للترفيه والتسلية بإزعاج الفتيات وملاحقتهن، وما يلفت النظر أكثر هو انتشار الفتيات والشباب وسط الشارع وعدم تقيدهم بآداب الطريق برغم وجود شرطي المرور لتنظيم حركة الطرقات إلا انهم لا يتقيدون بشيء، فيعلو أصوات السائقين عليهم، ولا حياة لمن تنادي. ً

الطالب "عمر" أحد الطلبة المشاكسين في الشارع، قال عن هذه الظاهرة، بأنه لا يجد أي مشكلة في السير على الرصيف المخصص للسيارات، وأرجع سبب ذلك إلى كثرة الطلبة، لذلك أعدادهم لا تستوعب أن يسيروا على رصيف المشاة، لكنه رفض أي عمل مشين يمكن أن يصدر عن الطلبة بالتطاول على الناس وفرض عضلاتهم للفت نظر الفتيات، أو التعلق بالسيارات المسرعة لإيصالهم بسرعة دون أن ينتبه السائق، الذي ما إن ينتبه حتى يبدأ بشتمه أو اللحاق به."

وتمثل التربية مسؤولية مشتركة بين البيت والمدرسة، وهو ما يستدعي تضافر الجهود بين الجهتين للحد من الظواهر السلبية التي يتشدق بها الطلبة.