بيروت - ميرنا حامد - النجاح الإخباري - حين تدخل سوق صبرا في العاصمة اللبنانية بيروت ترى الفقر والبساطة في ملامح الأشخاص والبضائع المعروضة هنا وهناك. 

بسطات منتشرة على أرصفة الطرقات، أصوات باعة تصدح في كلِّ المكان، ضجيج السيارات ومتسوقون يتهافتون على شراء بضائع بأرخص الأسعار .. هذه معالم سوق صبرا الشعبي الذي يمتد من محطة الدنا شمالاً وصولاً إلى مدخل مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين جنوبًا.

"أبو الفقراء" أو "أبو رخوصة" هو المعنى الحقيقي والصائب لهذا السوق الذي اتَّخذ اسمه من مخيم صبرا للاجئين الفلسطينيين، فأصبح يعج بمتسوقين من مختلف الجنسيات اللبنانية والفلسطينية والسورية وصولاً إلى الجنسيات الأجنبية كالفيليبينية والأثيوبية وغيرها، فضلاً عن اختلاف أعمار وفئات الزوار الذين يقصدونه منذ ساعات الصباح الأولى وحتى ساعات متأخّرة من الليل.

كلُّ شيء متوفّر هنا بجودة عالية وأسعار زهيدة تناسب أصحاب الدخل المتدني، الملابس والأحذية، والخضار، واللحوم، والدجاج، والألبان، والأجبان، والحلويات، والأدوات الكهربائية، وغيرها من السلع التي يحتاجها كلُّ منزل في لبنان. فضلاً عن موقعه الاستراتيجي بالنسبة للمناطق اللبنانية والمخيمات الفلسطينية المحاذية له في بيروت، ما يسهِّل طريق وصول المتسوقين إليه.

كلُّ شي موجود

موقع "النجاح الإخباري" جال في سوق صبرا وتحدَّث مع أصحاب المحلات التجارية والمتسوقين، الذين أجمعوا على أهمية هذا السوق التجاري بالنسبة لهم، خاصة ذوي الطبقة الفقيرة.

الحاجة أم علي قالت، إنَّها "بزيارة واحدة للسوق تستطيع أن تشتري جميع مستلزمات البيت، فهي تجد ما تريده، ولا تحتاج إلى زيارة متاجر أخرى لاستكمال التبضع".

فيما اعتبر اللاجئ الفلسطيني الحاج أبو سعيد أنَّ "سوق صبرا يفرج هموم أرباب العائلات الذين يكدون ليلاً نهاراً لتأمين الحدّ الأدنى من الأجور في ظلِّ الغلاء المعيشي في لبنان، وارتفاع أسعار السلع بشكل دائم، ومنع اللاجئين الفلسطينيين من مزاولة أكثر من (70) مهنة". مشيراً إلى أنَّه "بـ (12) ألف ليرة لبنانية أيّ ما يعادل (8) دولار أمريكي يستطيع الزائر الذي يقصد سوق صبرا أن يؤمِّن وجبة الغذاء لعائلته".

وأضاف: "على سبيل المثال، شراء فروج مشوي بالحجم الكبير وتوابعه من كبيس وثوم وبطاطا بالإضافة إلى قنينة مشروب غاري فقط ب (10) آلاف ليرة لبنانية، أيّ ما يعادل أقل من (7) دولار أمريكي وهو عرض يستحيل أن نجده في أسواق أو محلات تجارية أخرى بهذا السعر الزهيد، ومن الممكن أن ترتفع إلى (20) ألف ليرة لبنانية أيّ ما يعادل النصف".

الشاب "أحمد ع." أكَّد أنَّه "يقصد سوق صبرا لشراء أكثر من غرض بأسعار أقل من الخارج، فسعر الـ (CD) في السوق ألف ليرة لبنانية أي أقل من دولار أميركي، وفي حال شراء كمية كبيرة ينخفض السعر إلى (500) ليرة لبنانية، لكن في حال الشراء من محلات أخرى غير شعبية يتراوح سعر ال (CD) بين (3 - 5) آلاف ليرة لبنانية".

وتحدَّث عن القهوة العربية التي يشتريها من أحد البائعين في السوق، فقال إنَّه "يشرب ألذ طعم بأقل سعر، فسعرها يساوي (250) ليرة لبنانية فقط، في حين تصل في أماكن أخرى إلى ألف ليرة لبنانية".

سوق صبرا يكفّ العوز

فيما قالت اللاجئة الفلسطينية إم وليد: "السوق بناسبنا على قد وضعنا ومنيح إلنا،  أسعاره بتخلينا ناكل ونشرب ونعيش مستورين نحنا وولادنا".

 أما الشابة ولاء وصفت السوق "بالرحمة للناس وخاصة لدى الفتيات؛ لأنَّها تحتاج إلى مستلزمات كثيرة، فنجد الثياب والأحذية في سوق صبرا وأسواق أخرى متشابهة لكن فرق السعر كبير لدرجة يزداد إلى الضعف في بعض الأحيان. لهذا أقصد هذا المكان بشكل دائم لأستطيع أن أشتري جميع حاجياتي بأسعار بسيطة".

 زيارة سوق صبرا الشعبي تغني المتسوقين عن زيارة أسواق أخرى، فالمثل اللبناني "بتلاقي طلبك من البابوج للطربوش" هو أفضل وصف لهذا السوق الذي يستر يوميًّا آلاف العائلات من عورة الفقر والعوز الذي ينهش  أجساد سكان لبنان على اختلافهم في ظلّ البطالة المرتفعة بشكل دائم، وتدني معدلات أجور العمال.