غزة - إسلام الخالدي - النجاح الإخباري - شيء من الغرابة والدهشة!، هذا الشعور الذي قد يعتريك لمجرد أنك ترى لوحات فنية متناهية الدقة مصممة من الفسيفساء نابضة بالحياة ومفعمة بالحيوية والحركة، لامست فيها الحس الوطني بكل مكنوناته، اختصرتها أنامل "آمنة بعجور" سيدة فلسطينية في أواخر الستينيات من عمرها.

آمنة بعجور، فنانة فلسطينية ولدت وترعرعت في لبنان، نمت شغفها في "فن الموزاييك" واتخذته طريقاً وخياراً لها في السنوات العشرة الأخيرة، بعدما بلغت سن التقاعد من عملها، لتتعلم الفن من ابنتها وشقت طريقها في حب هذا الفن، فيما وظفت كل قدراتها وابداعاتها في لوحات فنية مليئة بالحيوية، مشغولة بدقة متناهية وتركيز عال، من خلال المزج وتجميع الألوان داخل اللوحات.

فيما تمكث الفنانة السبعينية بضع ساعات أمام اللوحة الواحدة وأحياناً تستغرق وقتاً ما يزيد عن شهر، حيث تخلق لنفسها بيئة خصبة للعمل وتكرس فيها كل طاقتها الإبداعية في إخراج كل ما هو جديد، حيث إن التنوع في مضمون اللوحات والمواد والتقنيات الفنية والألوان كان سيد وعنوان معارضها لتروي قصة حبها للجمال وحنينها للوطن، لتجسد الوطن في معظم لوحاتها.

الإبداع والفن

وفي الحديث مع الفنانة آمنة بعجور تقول لـ "النجاح الإخباري" حول تجذر بذرة الفن بداخلها وكيف نمت موهبتها الفنية: "في ستينيات القرن الماضي، وبينما أنا كنت طالبة في المرحلة الابتدائية، تميزت من بين الطالبات بالجد والاجتهاد، حيث كنت أصغي جيداً لمعلمة الأشغال اليدوية والفنية دوناً عن غيري من الطالبات آنذاك، كون ما يكترث إليه الطفل في هذه المرحلة العمرية ما هو إلا اللهو والحديث الجانبي وعدم الإصغاء".

وتكمل: وفي بداية أواصر مرحلتها العمرية الشبابية، تمكنت من أن تكون عضوة فاعلة في اتحاد المرأة الفلسطينية بلبنان، فيما أعدت وأشرفت على الكثير من الأعمال الفنية والمشاركة في الأنشطة الثقافية والفنية المختلفة، إلى ان مارست شغفها في الفن، واكتشاف ذاتها في الإبداع في فن "الموزاييك" بمحض الصدفة.

نقلة فنية

ولم تدرك بأن انتقالها إلى جمهورية مصر العربية مع ابنتها الصغرى؛ لاستكمال دراستها العليا في كلية التربية الفنية في الزمالك، هو أول خطواتها على عتبات دربها الفني، فتضيف: "كنت كثيراً ما أشارك ابنتي محاضرات المراكز الثقافية وأتنقل معها في المعارض الفنية، بل وأراقب مشاريعها الفنية عن كثب كنوع من ملء أوقات الفراغ بما هو مفيد، فيما بدأت بتطبيق عملي لكل ما أراه والغوص في الفن واتعلمه حينها، بينما كانت ابنتي تجسد لوحات البورتريه للراحل ياسر عرفات وصلاح خلف، فأحببت هذا النوع من الفن، وكانت لوحة "الخيول الزاهية" أول لوحة لي ومن بعدها شجرة الحياة ومن ثم تتالت اللوحات"، ومن هنا كانت بداية احترافها للفن وهي في الستين من عمرها.

لوحات تلامس الروح الوطنية

حيث تميل بعجور في لوحاتها الفنية إلى ملامسة الروح الوطنية بكل مكنوناته، لتعكس من خلالهم عشقها للأرض والمقدسات، فتجسد جداريات ولوحات فسيفسائية من أدق تفاصيل الواقع، فهناك تجد لوحات للقدس وأرجاء الوطن بأبهى الصور وأخرى تظهر فيها شراسة الاحتلال وعنصريته، لترسم رسالة حب وشوق ممزوجة بغصة الواقع، كما استغلت عملها الفني، بطباعة أجندة بلوحات فنية.

وتشير الفنانة بعجور، إلى أنها شاركت بلوحاتها الفنية في أكثر من أربعين معرضاً داخل وخارج فلسطين، معظمها في مدينة مصر، فمعرض "صالون الربيع" الذي تقيمه سفارة فلسطين في المناسبات الوطنية كان أهمها، حيث عرضت لوحات تختص بمدينة القدس والمقدسات، ومعرض "أرواح مشبعة" لفناني المؤسسة الدولية للفنون والثقافة في دار الأوبرا المصرية، إلى جانب معرض "فن ولون" بالقاهرة، وأخرها كان معرض "رمضان يجمعنا"، كما شاركت في العديد من المعارض والبازارات في مصر وبفلسطين.

اعجاب واقبال

"وفي كل مرة أشارك فيها بالمعارض الفنية، كنت أرى حب الناس واعجابهم لما أقوم به، كونها تلامس واقعهم وأفكارهم، حيث التنوع في المضمون والأداء، يعكس مدى قابلية الأشخاص وثنائهم على العمل الذي أقوم به، فيما يدفعني ذلك إلى مواصلة الطريق نحو الأفضل والتميز في صناعة وإبراز كل ما هو جديد، بأداء أستهوي فيه قلوب وعقول الأخرين"، هذا ما أضافته.

وتعد مواقع التواصل الاجتماعي أهم الركائز التي تعتمد عليها في عرض لوحاتها الفنية، فيما نالت على اعجاب الكثيرين من المتابعين لديها، مما دفعها ذلك في بذل المزيد من طاقتها الإبداعية؛ رغبة في الوصول لأهدافها، بما لها من تأثير على الذوق الفني لدى الناس.

وتطمح، بأن تصل بلوحاتها النابضة إلى قلوب الناس من خلال المشاركة الفاعلة في المعارض الداخلية، والخارجية على مستوى بلدان الوطن العربي، كون لوحاتها باتت ذخيرتها الحية أينما حلت.