هاني حبيب - النجاح الإخباري - قبل أن تتوجه الفصائل الفلسطينية إلى موسكو تلبية لدعوة معهد الاستشراق الروسي التابع لوزارة الخارجية، كانت قد توافقت من دون أي اجتماعات أو حوارات على عدة مواقف أهمها : اعتبار مؤتمر "وارسو"مؤامرة على حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وأن جمهورية مصر العربية هي الراعية الأساسية لملف المصالحة الفلسطينية، ولم يعد للولايات المتحدة أي دور في العملية التفاوضية على الملف الفلسطيني الإسرائيلي وضرورة مواجهة صفقة ترامب.
لم تكن هناك حاجة لتأكيد هذه المواقف مجدداً انطلاقاً من العاصمة الروسية، ذلك أن ما أعلن عن سبب الدعوة للحوار يتعلق بإمكانية انجاز اختراق على ملف المصالحة الداخلية الفلسطينية انطلاقاً منموسكو بينما جوهر هذه الحوارات والدعوة لها يتعلق قبل أي شيء بإهتمام روسي على تعزيز دورها في الشرق الأوسط، بعدما نجحت في ذلك على الساحة السورية، وهي مهتمة أن يكون لها دور في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حتى ولو من بوابة المصالحة الفلسطينية.
واقع الأمر، أن كافة الأطراف، فصائل ونخب سياسية روسية كانت تدرك صعوبة إن لم يكن استحالة أحداث أي اختراق على هذا الملف المتأزم، الذي لم تنجح في إحداث اختراق في جمهورية مصر العربية التي تملك أكثر من أي طرفٍ آخر مقومات وإمكانيات تحمّل مسؤولية رعاية هذا الملف، ولديها قدرات للضغط على كافة أطراف الانقسام، إضافة إلى تطلعها المشروع لإستعادة دورها المؤثر على الصعيد العربي والإقليمي، مع ذلك فإن رعايتها لهذا الملف طوال السنوات الماضية وتقدمها بمبادرات ودعوات متكررة لجمع الأطراف بهدف الخروج بتوافقات كان آخرها ذلك الذي تم التوقيع عليه برعايتها أواخر العام 2017، مع ذلك فإن القاهرة لم تتمكن من إحداث أي اختراق ملموس، فهل بوسع أي طرف آخر بما في ذلك روسيا، النجاح بما فشلت به القاهرة حتى الآن.
لم تكن هناك أية خيبة أمل فيما بتعلق بعدم إحداث إي اختراق في ملف المصالحة كنتيجة لحوارات موسكو لغياب الرهانات الواقعية، إلاّ أن خيبة الأمل تحققت بعدم قدرة الفصائل والرعاية الروسية على الخروج ببيان موسكو رغم الخبرة الروسية في تدوير الزوايا، إلاّ أن الاستعصاءات والخلافات امتدت لتطال مرتكزات القضية الفلسطينية وفي الجوهر منها منظمة التحرير الفلسطينية، الإنجاز الأهم في مسيرة شعبنا النضالية.
وبتقديرنا أن الخلاف حول منظمة التحرير الفلسطينية ما كان له أن يشكل عقبة أمام صدور بيان موسكو من خلال التأكيد على شرعيتها ووحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني في كل مناطق تواجده إذا كانت هناك إرادة حقيقة لمواجهة مؤتمر وارسو وصفقة ترامب وتصفية القضية الفلسطينية.