عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - تعمقت تناقضات حزب العمل الإسرائيلي الداخلية بعد فك رئيس الحزب، آفي غباي الشراكة مع حزب "هاتنوعاه" (الحركة) برئاسة تسيبي ليفني في الأول من كانون الأول/ يناير الحالي، حيث ظهرت للسطح بعد إعلان عدد من أعضاء الحزب في الكنيست عن رفضهم لقرار زعيمهم، ومن أبرزهم إيتان كابل، وايليت نحمياس ويوسي ليفين، الذين أعلنوا صراحة في وسائل الاعلام الإسرائيلية خاصة إذاعة الجيش وإذاعة "كان ريشت بيت" يوم الخميس الماضي  عن مطالبتهم بتنحي رئيس الحزب، وليس رفض خياره بفك الشراكة، وتفكيك المعسكر الصهيوني.

وتلازم مع هذا التطور إطلاق حملة على مواقع التواصل الإجتماعي خاصة "الواتس آب" عنوانها " مندوبو المؤتمر لاستبدال غباي" عشية انعقاد مؤتمر الحزب الأسبوع الحالي، ويشارك في الحملة إضافة للقادة المذكورين حسب الموقع الإلكتروني لشركة الأخبار الإسرائيلية (القناة الثانية سابقا) الناشط في الحزب، آفي بنيامين، الذي يدير مع مجموعة من الأعضاء وبالتعاون مع موظفين يعملون في مكتب كل من ليفني وعضو الكنيست عن حزب الحركة، يوئيل حسون لإسقاط غباي. ومن المفترض ان يتم جمع ألف توقيع من أعضاء المؤتمر للحزب لفرض تصويت على تغيير زعيم الحزب الحالي.

والحملة المتصاعدة في الحزب ضد الرجل الأول، ليست وليدة فك الشراكة مع حزب الحركة، إنما سابقة عليها، حيث كانت تجري في أوساط الحزب تداولات بين عدد من أعضاء الكنيست والناشطين فيه قبل ذلك التاريخ للانشقاق عن الحزب، وتشكيل تكتل جديد نتيجة رفضهم زعامة غباي، الذي لم يتمكن من قيادة الحزب، ليس هذا فحسب، بل إنه اضعف مكانة العمل في الخارطة السياسية والحزبية، حيث تعطيه أفضل استطلاعات الرأي 8 مقاعد في حال حصلت الانتخابات الإسرائيلية الآن.

مع ان الليكودي السابق، رئيس الحزب، أعلن بعد الإعلان عن موعد الانتخابات المبكرة في التاسع من نيسان/ إبريل المقبل، ان معركة الانتخابات القادمة ستكون بينه وبين بنيامين نتنياهو على رئاسة الحكومة المقبلة. غير ان المؤشرات كلها تشي بفشل آفي غباي في المحافظة على مقاعد الحزب الحالية. وكانت تسيبي ليفني غمزت بشكل واضح من قناة شريكها السابق، حين أعلنت بعد فك الشراكة معها، بأنها حصلت مع رئيس الحزب السابق، هيرتسوغ على (24) مقعدا، وبالتالي لم تكن عبئا على حزب العمل بقدر ما كانت سندا قويا له، لكن حسابات غباي مختلفة عن منطق زعيمة حزب الحركة. لا سيما وان التناقضات بين الاثنين بدت واسعة.

وكان رئيس الحزب طلب اللقاء مع إيتان كابل قبل اسبوع من فك الشراكة، ليسأله عن موقفه من فك الشراكة مع ليفني، وجاء جوابه حسب ما أعلنه لإذاعة الجيش الإسرائيلي، رفض هذا القرار، لأنه سيتسبب بضرر كبير للحزب، ويضعف مكانته ودوره في الساحتين الحزبية والسياسية. ووفق عضو الكنيست، كابل، انه لم يعتقد ان غباي جاد فيما سأله عنه. غير أن الرجل مضى دون العودة لقيادة الحزب لخياره، وسقط في متاهة حساباته الضيقة والشخصية. وبالتالي ضاعف من شدة الحملة داخل الحزب ضده.

وفي حال استمر زعيم العمل في قيادة الحزب، فإنه سيأخذه نحو مزيد من التفكك، ويعمق من لوحة التناقضات الداخلية، وقد يدفع العديد من قادته للانفكاك عن الحزب، أما من خلال تشكيل تكتل جديد في حال توافق ثمانية أعضاء على هذا الخيار، أو الانشقاق عن الحزب والانضمام لأحزاب قائمة، أو الابتعاد عن المشهد السياسي لحين.

ويبدو ان الرابح الوحيد من تراجع حزب العمل هو أولا الليكود بزعامة نتنياهو، وثانيا القوى الصهيونية الجديدة مثل غانتس ويعلون وغيرهم من قوى اليمين واليمين المتطرف، لأن غباي أسقط هوية الحزب، وتماهى مع اليمين المتطرف بتمسكه بخيار الاستيطان الاستعماري، ولم يعد له لون وسمة محددة، فلا هو يمين، ولا هو وسط، وليس له بالأصل صلة بما يطلق عليه، بأنه يمثل تيار الوسط/ اليساري. كون الساحة الحزبية الإسرائيلية تتخندق جميعها في مواقع اليمين واليمين المتطرف باستثناء حزب "ميرتس" الصغير.

مستقبل حزب العمل غامض، ولا يبدو في الأفق ما يشي ببقائه في الساحة في حال تم انتخاب غباي زعيما له مجددا الأسبوع المقبل.

[email protected]