النجاح الإخباري - أسفرت الحرائق التي اجتاحت مناطق في ولاية كاليفورنيا الأميركية بنوفمبر الماضي، عن خسائر مادية قدرت قيمتها بـ9 مليارات دولار، مما يجعل الكوارث الطبيعية الناجمة على التغير المناخي هاجسا يؤرق واضعي السياسات المالية حول العالم، وهم يحضرون خططهم لمواجهة شبح أزمة مالية جديدة مرجحة الحدوث هذا العام.

ومن بين الشركات التي تأثرت سلبا بالحرائق المدمرة، "باسيفيك غاز آند إلكتريك"، التي تعمل في ميدان الطاقة وتتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها.

وتقترب الشركة من إعلان إفلاسها بسبب معاناتها لتحمل تكاليف الحرائق التي اجتاحت شمال كاليفورنيا خلال عامي 2017 و2018، طبقا لتقرير "فاينانشيال تايمز".

وانخفضت القيمة السوقية للشركة من 25 مليار دولار إلى 4 مليارات فقط، وتراجعت ثقة المستثمرين بها بعد أن كانت خيارا مثاليا لهم.  

ودقت قضية الشركة ناقوس الخطر بالنسبة للاقتصاديين، الذين حذر عدد كبير منهم من تداعيات خطيرة للتغير المناخي على الاقتصاد، حيث ستصل الخسائر الناجمة عن تلك الظاهرة 23 تريليون دولار في غضون السنوات الثمانين القادمة، حسب ما نقل موقع "فايس" عن تقرير لـ"وول ستريت جورنال".

وإلى جانب كاليفورنيا، يهدد التغير المناخي مناطق أخرى بالولايات المتحدة مثل  فلوريدا التي ارتفع تعداد سكانها منذ عام 1980 إلى 20.7 ملايين شخص يعيش معظمهم في مناطق ساحلية.

وتمثل ميامي الواقعة جنوب شرقي الولاية مركزا للأعاصير والفيضانات، لكنها أيضا مصدر جذب للمستثمرين في سوق العقارات، التي تقدر قيمتها بـ2.1 تريليون دولار.

وبالرغم من كل تلك الأرقام والحقائق المرعبة، فإن برنامج التأمين الوطني الأميركي من الفيضانات والممول حكوميا، يعاني من ديون تبلغ قيمتها 21 مليار دولار، وذلك نظرا لمعاناة المواطنين الأميركيين من عدم قدرتهم على تحمل تكاليف التأمين على الفيضانات.

أما هيوستن فيعاني سكانها أيضا من جشع  شركات التأمين، التي رفعت أسعارها بعد إعصار هارفي من 600 إلى 9 آلاف دولار سنويا، علما أن ما يقارب الـ80 في المئة من 100 ألف منزل غمرتها المياه في كارثة 2017، لم يكن أصحابها يمتلكون بوليصات تأمين، كون تلك المناطق مستبعدة من احتمال أن تغمرها المياه.

وتسبب الإعصار بحسب البيانات الصادرة عن شركة "كور لوجيك" للخدمات المالية، بتخلف ما يزيد عن 200 في المئة، عن سداد القروض العقارية للمنازل المتضررة.

وبالانتقال إلى منطقة حوض نهر كولورادو، يبدو تأثير التغير المناخي على الاقتصاد أكثر وضوحا، حيث يعتمد 40 مليون شخص على المياه من الحوض الذي شهد منسوبه مستويات مستقرة منذ عام 2000.

ومع فشل أريزونا وكولورادو وكاليفورنيا ونيو مكسيكو ويوتا ونيفادا في التفاوض على خطة طوارئ للجفاف، قد يقود ذلك الحكومة الفدرالية لفرض قيود على مياه الحوض قبل نهاية يناير.

وإن تم تجفيف حوض النهر بشكل تام، فإن ذلك سينهي 16 مليون وظيفة، وسيتسبب بخسائر اقتصادية قيمتها 1.4 تريليون دولار، وفقا لدراسة أجرتها جامعة أريزونا سنة 2014.

وفيما يتعلق بوعي شركات التأمين حول الآثار السلبية للتغير المناخي على الاقتصاد، كشف استطلاع للرأي شمل 80 شركة عالمية، أن ما يقارب نسبة 43 في المئة منها لا تعير هذه المسألة أي اعتبار.

وحذر تقرير صادر عن الرابطة الدولية لمسؤولي التأمين من أن "الخسائر الناجمة عن المخاطر غير المتوقعة كتلك الناجمة عن المناخ، قد يكون لها آثار على النظام المالي بما في ذلك المؤسسات الاستثمارية والبنوك".

وحدد تقرير صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في منتصف يناير، ما وصفه بـ"الطقس المتطرف" باعتباره "التهديد رقم واحد للاقتصاد العالمي"، مؤكدا خطورة التغير المناخي على ثقة المستهلكين وإبطاء عجلة الاقتصاد.