رام الله - وفا - النجاح الإخباري - أصدرت المحكمة الدستورية العليا، قرارها التفسيري رقم (10/ 2018) بتاريخ 12/12/2018، باعتبار المجلس التشريعي منحلا، ودعوة الرئيس لإصدار مرسوم الدعوة للانتخابات البرلمانية خلال ستة أشهر.

ونص القرار التفسيري على أن شرعية وجود المجلس التشريعي تأتي  بممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية، ونظرا لعدم انعقاده منذ عام 2007 يكون قد فقد صفته كسلطة تشريعية وبالنتيجة صفة المجلس التشريعي.
وأوضحت المحكمة في قراراها بأن المجلس التشريعي في حالة تعطل وغياب تام وعدم انعقاد منذ تاريخ 5/7/2007، وانتهت مدة ولايته بتاريخ 25/1/2010 أثناء فترة تعطله وغيابه، وما زال معطلا وغائبا بشكل كامل حتى الآن، وبناء عليه فإن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ومصلحة الوطن تقتضي حل المجلس التشريعي المنتخب بتاريخ 25/1/2006، وبالتالي اعتباره منحلا منذ تاريخ إصدار هذا القرار.
ودعت رئيس دولة فلسطين محمود عباس إلى إعلان إجراء الانتخابات التشريعية خلال ستة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، وهذا ما تم بالفعل، في اجتماع القيادة الأخير في رام الله.

اختصاص المحكمة

يأتي هذا القرار في صلب اختصاص المحكمة الدستورية العليا، حيث تختص في: الرقابة الدستورية على القوانين والأنظمة من خلال النظر في مدى مطابقة التشريعات لأسمى تشريع وهو القانون الأساسي، وتفسير نصوص القانون الأساسي: تفسير التشريعات (القوانين والقرارات بقوانين) إذا أثارت خلافًا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي تفسيرها، والفصل في تنازع الاختصاص بين السلطات.

كما تختص المحكمة في الفصل في تنازع الاختصاص ما بين الجهات القضائية أو بين الجهات القضائية والهيئة الإدارية ذات الاختصاص القضائي، والفصل في النزاع على تنفيذ حكميْن قضائييْن نهائييْن متناقضيْن؛ صادر أحدهما من جهة قضائية أو جهة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها.

وتتولى المحكمة الدستورية العليا ممارسة الرقابة القضائية الدستورية من خلال الدعوى الأصلية المباشرة، ويقيمها الشخص المتضرر متى انتهكت حقوقه الدستورية، وتقدم الدعوى بواسطة محامٍ لا تقل مدة خبرته وممارسته مهنة المحاماة عن عشر سنوات، أو بواسطة النائب العام أو أحد مساعديه ممثلًا عن مؤسسات الدولة.

أو من خلال الدفع الفرعي، حيث قد يدفع أحد الخصوم أثناء النظر في الدعوى أمام إحدى المحاكم بعدم دستورية نص في قانون أو مرسوم أو لائحة أو نظام، ورأت المحكمة أن الدفع جدّي تؤجل النظر في الدعوى ويحدد لمن أثار الدفع ميعادًا لا يتجاوز الــ(60) يومًا لرفع دعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية، فإن لم ترفع الدعوى في الميعاد المحدد اعتبر الدفع كأنه لم يكن. أو من خلال الإحالة، عندما تنظر إحدى المحاكم بإحدى الدعاوى وتراءى لها أن في النص التشريعي المعروض أمامها واللازم للفصل في النزاع عدم دستورية نص في قانون أو مرسوم أو لائحة أو نظام فيتم وقف النظر في الدعوى وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا. أو التصدي، ويكون ذلك عندما تناقش المحكمة الدستورية العليا نزاعًا معروضًا عليها، وأثناء السير في النزاع تبين لها أن هناك نصًا غير دستوري متصلًا بالنزاع فلها أن تتصدى من تلقاء نفسها وتثير عدم دستورية النص المتصل بالنزاع المعروض عليها حسب الأصول. أو من خلال التفسير، حيث يتم اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا بتقديم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس التشريعي أو رئيس مجلس القضاء الأعلى أو ممن انتهكت حقوقه الدستورية لتفسير نص في القانون الأساسي أو تفسير نص تشريعي إذا أثار خلافاً في التطبيق، وكان له من الأهمية ما يقتضي تفسيره. (هذا ما تم في قرار المحكمة التفسيري فيما يتعلق بحل المجلس التشريعي، حيث تقدم وزير العدل علي أبو دياك بطلب التفسير للمحكمة الدستورية استنادا إلى المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية لسنة 2006م وتعديلاته، بطلب رئيس مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 27/11/2018، الذي تقدم به بناءً على قرار محكمة العدل العليا لتمكينها من الفصل في الدعاوى المنظورة أمامها، والتي تعذّر على محكمة العدل العليا إصدار الحكم بها قبل أن يتبين لها الوضع القانوني والدستوري للمجلس التشريعي، فيما إذا كان المجلس التشريعي منتظم أم أنه معطل، وفيما إذا كان أعضاء المجلس التشريعي في وضعه الحالي يستحقون استيفاء الرواتب).

وتعد أحكام المحكمة الدستورية العليا وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن، ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، وتنشر في الجريدة الرسمية.

تأسيس المحكمة وأهدافها

ويعود تأسيس المحكمة الدستورية العليا إلى القانون الأساسي المعدل لسنة 2003، وتمت المصادقة على قانون المحكمة الدستورية وإقراره بتاريخ 17/02/2006، وحمل اسم قانون المحكمة الدستورية العليا رقم (3) لسنة 2006 المنشور في الجريدة الرسمية عدد (62)، وأصدر رئيس دولة فلسطين القرار الرئاسي رقم (57) لسنة 2016 بشأن تشكيل المحكمة الدستورية العليا الذي بموجبه تشكّلت أول هيئة قضائية مستقلة غير قابلة للعزل، تمارس اختصاصاتها بموجب القانون رقم (3) لسنة 2006 وتعديلاته عام 2017، هادفة إلى سمو القانون الأساسي والتدرج القانوني لإرساء قواعد دولة القانون.
أما رؤية المحكمة الدستورية العليا فتنص على "نحو دولة القانون وسمو القانون الأساسي الفلسطيني". ورسالتها أنها هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها تعمل على ترسيخ مبادئ القانون الأساسي وحماية الحقوق والحريات، وتكريس مبادئ الأمن القانوني في المجتمع الفلسطيني، واستثمار وتمكين الكادر القانوني والإداري.
ويكمن الهدف الرئيس للمحكمة الدستورية في حراسة القانون الأساسي الفلسطيني وتجسيد مبدأ القانون لبناء الوطن والمواطن. ومن هذا الهدف تنبثق عدة أهداف فرعية تتمثل في تحقيق دولة ديمقراطية تتمتع بالمشروعية الدستورية والشرعية القانونية، التأكيد على سيادة القانون، وعدم المساس بحقوق الإنسان.

تشكيلة المحكمة

تتألف المحكمة الدستورية من رئيس ونائب له وعدد لا يقل عن سبعة قضاة في التشكيل الأول لها لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد، ويُعيّن ثلاثة قضاة كل سنتيْن بقرار من رئيس الدولة بناء على تنسيب الجمعية العامة.

ولما كانت المحكمة الدستورية العليا تتميز بمهام جليلة، فإن الهيئة القضائية قد تنوعت في الأطياف والشرائح القانونية لضمان الحيدة والتجرد، وممن يتمتعون بالكفاءة القضائية والحقوقية والنزاهة حيث لا يجوز لعضو المحكمة أن يتولى أي وظيفة أخرى، أو أن يمارس نشاطًا تجاريًا أو سياسيًا أو حزبيًا، وإذا كان منتميًا إلى حزب فعليه الاستقالة قبل حلف اليمين القانونية.

وتعقد الهيئة القضائية جلساتها من رئيس وستة من قضاتها على الأقل وتصدر قراراتها بالأغلبية.

ويرأس المحكمة حاليا المستشار محمد الحاج قاسم، ونائبه القاضي أسعد مبارك، وتضم في عضويتها كل من القضاة: عبد الرحمن أبو نصر، وفتحي الوحيدي، وفتحي أبو سرور، وحاتم صلاح الدين، ورفيق أبو عياش، وعدنان أبو ليلى،  وفواز صايمة.

ووفقًا لرجال القانون، فإن قيام المحكمة الدستورية العليا بممارسة صلاحياتها في الواقع العملي كان مطلبًا ليس فقط على المستوى الحقوقي، بل وعلى المستوى الشعبي في بعض الحالات، من أجل ضمان وجود هيئة قضائية مستقلة تقوم بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة من جهة، وفض حالات التنازع بين السلطات الثلاث من جهة أخرى.

والجدير ذكره أن المحكمة الدستورية العليا أثبتت كفاءتها في هذا السياق من خلال إصدار بعض القرارات التي نصت على عدم دستورية بعض أحكام القوانين سارية المفعول، ما يشمل قرارات بقوانين.