أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - في طريقه لمغادرة موقع مفتش عام الشرطة في اسرائيل قال روني الشيخ ملمحاً باتجاه نتنياهو "تقف شرطة اسرائيل في مقدمة الدفاع عن طابع الدولة ومصداقيتها ونزاهتها" هذا النص المنشور على صفحة الشرطة الاسرائيلية منذ فترة لكن نتنياهو هاجم يوم الأحد مفتش الشرطة الذي ترك منصبه أمس الاثنين قائلاً "أن مفتش الجهاز روني الشيخ الذي يترك منصبه غداً منحازاً ضده".

ذهب نتنياهو أبعد حين هاجم جهاز الشرطة عندما قال أمام تجمع من أنصاره في الليكود وهي سابقة في تلك الدولة أن يهاجم رئيس وزراء أحد أجهزتها فقد جرت العادة أن يشيد رئيس الوزراء بمؤسسات الدولة لأنه قبل أي أحد آخر يتحمل مسئولية عملها فقد قال في ذروة هجومه "ثقة الجمهور بجهاز الشرطة ليست بأحسن أحوالها، لا أعلم من سيكون مفتش الشرطة المقبل لكن تنتظره حملة اصلاحات واعادة تأهيل هائلة".

فقبل يوم من مغادرته رئاسة الجهاز قام روني الشيخ بنشر توصيات بمحاكمة نتنياهو لارتكابه جرائم الرشوة وخيانة الأمانة وهو ما جعل نتنياهو أكثر غضباً على الشيخ وأيضاً على الشرطة التي وقفت الى جانب رئيسها قبل أشهر عندما شن مكتب رئيس الحكومة حملة ضد المفتش العام أصدرت الشرطة الاسرائيلية بياناً قالت فيه أنها تقف موحدة ضد الهجمة التي يتعرض لها المفتش وستستمر في عملها في إطار القانون للحفاظ على نزاهة الدولة.

الثقة الزائدة التي يبديها نتنياهو في مواجهة ملفات الفساد والتي شكل لها المستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبليت طاقم فحص موسع لمساعدة الشرطة في عملها وتقديم التوصيات لطاقم آخر وكذلك فحص المدعى العام شاي نيسان كل هذا مدعاة لتساؤل من أين يستمد نتنياهو كل هذه الثقة.

لكن الملفات التي انفتحت فجأة في وجه نتنياهو بات واضحاً أن من الصعب تصور نجاته منها وهذا لا يعني أنه سيسقط بسرعة اذ هناك شهود وتسجيلات ومراسلات ومن جندتهم الشرطة ليكونوا شهود ملك على رئيس الوزراء وزوجته لكنه يعتمد بشكل غوغائي على جمهور اليمين في مواجهة القضاء والشرطة والاعلام حتى هذا الجمهور الذي بات مستعداً لفعل كل شيء من أجل الحفاظ على سلطة اليمين الأيدلوجي وهي أهم له من دولة نزيهة وهذه بشرى لخصوم اسرائيل.

لكن ما يمارسه نتنياهو من تخويف أمني في الآونة الأخيرة مدعاة للمراقبة والملاحظة فهو منذ توليه السلطة يضع التهديد الايراني بشكل مبالغ فيه أمام كل المعارضين له واذا ما طلب منه الذهاب لمفاوضات مع الفلسطينيين من قبل الأميركان يحاول اقناعهم بأولوية ملف ايران واذا ما ذهب للأمم المتحدة يتجاهل عملية التسوية ويخطب عن ايران وحزب الله واذا ما وضعت أمامه لائحة اتهام يذهب نحو لبنان وحزب الله وكأنه يهرب من روني الشيخ نحو الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

الشهر الماضي كادت حكومة اليمين أن تنفرط عندما خرج منها أفيغدور ليبرمان ووضع نفتالي بينيت أولى خطواته خارجها لكن نتنياهو سارع بإقناعه هو وحاخامات البيت اليهودي بأن الدولة تمر في مرحلة أمنية حساسة ولا يمكن حل الحكومة رغم أنه سيحلها لكنه فضل البقاء لأشهر قليلة وهكذا يستخدم التهديد في الشمال لتخويف كل من يقترب منه ومن عائلته أو حكومته وأصبح يخيف بها خصومه وحلفاؤه.

بعد الاضطرابات في الاقليم تبدو اسرائيل أكثر أمناً من سنوات سابقة ولا يبدو أن هناك تهديداً مباشراً فايران تخضع للعقوبات وهذا يشغلها وحزب الله ليس في وارد حرب فهو يستريح من سنوات من القتال في سوريا وليس هناك تهديد منظور على اسرائيل من تلك الجبهة لكن نتنياهو يشعر الجميع بأن السكين على رقبة اسرائيل.

وأمام هذا السلوك وهذه اللعبة التي بات يصدقها نتنياهو نفسه وأمام مستجدات ملفات الفساد التي تلاحقه هل يمكن أن يحول الأمر الى حرب ليقتنع الجميع بصوابية فكرته فقد طار إلى بروكسل ليلتقي وزير الدفاع الأميركي ليشكو له سلاح حزب الله وقصة الطائرة التي هبطت في مطار بيروت وخاصة أنه أراد اشعال المنطقة قبل أيام بمعاودة القصف في سوريا بعد توقف أشهر منذ سقوط الطائرة الروسية، فهل سيشعل حريقاً على أمل أن تحترق فيه ملفات الفساد التي يجري فحصها واعدادها؟ لكن نتنياهو ليس بتلك الشجاعة حتى يقدم على هذه المغامرة تاريخه يقول هكذا فهل يجري مناورات اعلامية فقط أم أنه بات يعرف أن النيابة العامة في طريقها لإعداد لائحة حينها كل شيء متوقع ..!!!