خاص - النجاح الإخباري - تجمعهم مائدة واحدة، يحيون من خلالها العلاقات الاجتماعي التي نهشها الزمن، يحيون ذكرياتهم وأصواتهم تعلو زقاق المنزل، يستقبلونه بفرح وسعادة وكانه شهر رمضان حيث تقام الولائم والعزائم.

"الشعبونية" عادة نابلسية قديمة توارثها أهالي مدينة نابلس إلى يومنا هذا وتعود تسميتها نسبة إلى شهر شعبان الذي يسبق شهر رمضان عادة، فما هي عاداتها وفعالياتها؟ وما أهميتها الدينية؟

وفي حديث لـ"النجاح الإخباري" مع أمين سر التجمع الشعبي الفلسطيني طريف عاشور قال: "إن ليلة الشعلة أو ليلة النصف من شعبان هي ليلة دينية تراثية بامتياز، حيث يقول العلماء إن الأعمال ترفع في هذه الليلة إلى الله تعالى، ولأجل ذلك كان الاجداد يجهدون في العبادة بل وكانت تفتح المساجد ما بين المغرب والعشاء من أجل القرآن الكريم والابتهال لله تعالى لترفع الأعمال لله بهذه الهيئة الدينية".

وأضاف: " وكان الاهالي وخاصة الاطفال يقوموا بتجميع الرماد ووضعه في (كيل) خاصة، ووضع سائل الكاز عليه وايقاد الشعله على سطح البيوت، حيث يزهو المشهد الرائع للمدينة، بل ويحمل بعض الاطفال الشعل ويسيرون بها في اسواق المدينة بكل فرح وتنثر السيدات من نوافذ البلدة القديمة العطور على الفرق الصوفية والاطفال".

وبحسب د. عاشور، فقد أعتاد أهالي نابلس على إحياء هذه الليلة استعداداً لشهر رمضان المبارك الذي يحل بعد أسبوعين، والذي له نكهته الخاصة في المدينة"، مشيراً أنه لهذا السبب جاء قرار "التجمع الشعبي" لإعادة احياء هذه الليلة منذ 4 سنوات بعد غياب دام نحو 50 عاما، لتعود البهجة والعراقة إلى المدينة التاريخية.

وعن فعاليات الليلة لهذا العام، تابع: "نجتهد ليكون احتفال ديني تراثي يتخلله تلاوة القرآن الكريم، والمدائح النبوية للرسول الكريم لفرقة احباب المصطفى، وفرق الكشافة، والفرقة الصوفية والمشاعل، بالإضافة لحفل خاص للأطفال، والسيرك وتوزيع الحلويات، والجوائز والهدايا ليتذكروا هذه الليلة النابلسية الاصيلة.

 

ومن عادات هذ الشهر أيضاً، يخرج المتصوفون لشوارع المدينة ويدقوا الطبول والكوؤس، ويبدأوا بالرقص على ساق واحدة.

المفتي أحمد شوباش: "ليلة النصف من شعبان هي ذات حدث ديني كبير ومهم، وهي ليلة شرعية دينية ورد ذكرها في بعض الاحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، انها ليلة يرفع فيها الاعمال الى الله، وهو رفع سنوي بمعنى أن الاعمال ترفع إلى الله يومياً كل صباحاً ومساء عند الفجر والعصر، وترفع أسبوعيا يوم الاثنين وبالأكثر يوم الخميس، كذلك ترفع مرة بالعام وهو بشهر شعبان وربما يخص بليلة النصف".

وأضاف: " وردت بعض الاحاديث التي يمكن تصديقهاعلى انها احاديث جيدة وحسنة، يقول فيها بعض الرواة عبر الرسول صلى الله عليه وسلم، أن الله عزوجل يكون قريب من عباده بهذه الليلة، وينظر لهم فيغفر لهم إلا لمشرف ومشاحب أي من بقلبه شرك، أو من لديهم خصومة ونزاع وهم يؤجلون حتى يتصالحوا".

وأوضح أن هذا الجانب الديني دفع اهلنا في مدينة نابلس منذ عشرات السنين للاهتمام بهذه الليلة، ويمارسون فيها بعض الطقوس فرحاً، ويدخلوا السرور والفرح على قلوب الاطفال فتراهم يتجمعون في بعض الاماكن ويمارسون الاحتفالات الخاصة بهم.

وشدد المفتي أن أخيرٌ الأمور بهذا الشهر وهذه الليلة بالأخص هو انشغال المواطنين بالطاعة والعبادة، ويصام يوم الخامس عشر وما يسبقه من يومين وهي الايام البيض، وقال: "إن الصيام في شهر شعبان مشروع منذ بدايته وحتى نهايته، عدا اليومين السابقين لشهر رمضان المبارك".

ويقوم أهالي نابلس خلال هذا الشهر، وتحديداً رب الأسرة الأب أو الأخ أو الزوج بدعوة جميع الأخوات والعمات والخالات، لتقضية يوم كامل في منزله، ولأهالي نابلس فإن شهر شعبان هو شهر صلة الرحم وجمعة العائلات.

ولا يوجد تاريخ محدد لعمر هذه العادة التي حافظ عليها أهالي مدينة نابلس ولا زالوا، ولكن المعروف أنها تمتد لمئات من السنوات التي خلت، كما يقول الكاتب مالك المصري، في كتابه "نابلسيات من بواكير الذكريات والوجوه والصور الشعبية": إذا كان الرجال مطالبين في الأعياد بزيارة بناتهن وقريباتهن لتقديم العيدية النقدية لهن، فكان لا بد من وجود مناسبات تقوم فيها تلك النسوة بزيارة "بيت العيلة" بدعوة منهم، وكان من هذه المناسبات شهر شعبان لقضاء أيام "الشعبونية".