هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - غرد الرئيس الامركي دونالد ترامب فكتب "تعهدت روسيا ان تسقط كل صاروخ يطلق تجاه سوريا، استعدي يا روسيا، الصواريخ قادمة، لطيفة وجديدة "ذكية!"، انت لست بحاجة لان تكون شريك مع وحش استخدم الغاز لقتل شعبه و ويستمتع بذلك!  ثم غرد بعدها ترامب مشيرا إلى أن علاقات بلاده مع روسيا أسوأ مما كانت عليه في اي وقت مضى، بما يشمل ذلك الحرب الباردة، منوها إلى أن روسيا تحتاج المساعدة في اقتصادها، وهذا الأمر سيكون من السهل القيام به. داعيا في الوقت ذاته إلى وقف سباق التسلح.

هذه التغريدات المتتابعة لترامب أشعلت فتيل احتمالية توجيه ضربة أمريكية على سوريا، والآن الأخيرة على موعد مع ضربة عسكرية امريكية قادمة، وفقا لتصريحات ترامب.

لكن سيناريوهات التدحرج لمواجهة أوسع تبقى مرهونة بالرد الروسي والايراني الذي ما زال مستبعدا، على الرغم من تهديد السفير الروسي بذلك في حال اندفعت أمريكا لهذا الإحتمال، مع وجود سيناريوهات التدحرج لمواجهات حرب محتلمة بمشاركة أطراف متعددة، فهل ستشعل هذه الضربة حربا في المنطقة؟، وهل إسرائيل كونها الحليف الأول للولايات المتحدة على استعداد لحرب تشمل قوات برية، وما المواقع المتوقع استهدافها في سوريا؟!

تنفيذ التهديدات الإيرانية بالرد المباشر

أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس، د. خطار أبو دياب، توقع أن يكون هناك ضربة محتملة على سوريا في الساعات القادمة، مشيرا إلى أنها قد تكون ملفقة بين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وبحسبه ستكون هذه الضربة أوسع من الاستهداف السابق لمطار الشعيرات، ولكنه اوضح أمريكا ستبتعد عن ضربة تصل لصدام مع الجانب الروسي.

وكان مطار الشعيرات العسكري التابع لنظام الرئيس السوري تعرض لهجوم صاروخي نفذته مدمرتان للبحرية الأميركية في شرق البحر المتوسط فجر يوم 7 أبريل 2017 باستخدام 59 صاروخ كروز من طراز توماهوك.

وأشار أبو دياب في حديث خاص مع "النجاح الاخباري" إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في كثرة عدد اللاعبين، وعلى رأسهم روسيا وإيران مقابل الحزب الغربي.

وأكد أن الأمور قد تتدحرج لتصل إلى مواجهة اقليمية، بعد الضربة الإسرائيلية الأخيرة لمطار التيفور، لافتا إلى أنها موجعة للحرس الثوري الإيراني.

وكشفت وسائل إعلام إيرانية أن عدد القتلى العسكريين الإيرانيين بالغارة الإسرائيلية التي استهدفت مطار التيفور السوري صباح الاثنين الماضي بلغ 7 عناصر بينهم مهدي دهقان يزدلي، العقيد في القوات الجوية بالحرس الثوري الإيراني والمتخصص في "الدرون" والطائرات المسيرة.

وتساءل أبو دياب: هل يصل الأمر إلى تنفيذ التهديدات الإيرانية بالرد المباشر على إسرائيل، في حال حدثت هجمة أمريكية على دمشق؟، مستدركا أن العملية ستبقى محدودة إذا لم يحدث ذلك، مشيرا إلى أن الهدف منها سيكون ردع النظام السوري وتعدل موازين القوى وليس اسقاطه، حتى يكون هناك إمكانية لتبادل أفضل بين أمريكا وروسيا.

وتوقع أو دياب سيناريوهات عدة في سوريا، بينها دخول إسرائيل لسوريا، مستشهدا بدخول تركيا الى المنطقة في 2012، ثم الشمال السوري في 2016، حتى أصبحت متمكنة في 2018، مشيرا إلى أن هناك تصور لدى البعض قيام إسرائيل بالمنهج نفسه على حدودها الجنوبية بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والأردن وبالتنسيق مع روسيا.

وأوضح أن روسيا لن تقبل بذلك، كونه يتطلب ترتيبات اقليمية وربما غرق إسرائيل في المستنقع السوري.

وحول استعداد إسرائيل لحرب تشمل قوات برية على سوريا، استبعد أبو دياب نظرية الاستعانة بالقوات البرية، إلا بحال ارتباط النزاع في سوريا ولبنان، وتنفيذ ما أراده حسن نصر الله الأمين العالم لـ"حزب الله" بعمل مشترك، مؤكدا أن هذا الاحتمال قد يؤدي إلى خروج الأمور عن السيطرة، والسياريو الأسوأ هو حدوث حرب على عدة جبهات في آن واحد كحرب 1967 و1973.

أما عن استخدام روسيا لحق الفيتو في مجلس الأمن ضد المشروع الأمريكي، بين أبو دياب أنه بعد فشل روسيا مرتين في إقرار ما طرحته وموافقة 12 دولة على المشروع الأمريكي، وأشار إلى أن هذا كاف لتبرير أمريكا ضربتها ضد سوريا، لافتا إلى أن هناك اتفاق بين أمريكا وروسيا في 2013 حول نزع السلاح الكيميائي، الأمر الذي يدفع واشنطن لاعتبار أن روسيا الموالية للنظام السوري لن تتمكن من القيام في عملها لضمان النظام.

وأكد أن تكرار استخدام الكيميائي في سوريا هو المبرر لأمريكا على توجيه الضربة،.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة تمتلك سجلاً في التحرك دون مجلس الأمن، إذ ان جورج بوش الابن الرئيس الأمريكي الأسبق ضرب النظام العراقي وانتهك القانون الدولي.

وحول احتمالية ضرب أمريكا لقصر رأس النظام السوري أو باقة من الأهداف كمقر هيئة الأركان العامة السورية، وتحديد سقف الضربة، أكد أبو دياب أن هذه التوقعات ستبقى ملك متخذ القرار، بناء على اتصالات بين روسيا وأمريكا، مشيرا إلى أن الطرفين لا يوجد لديهم رغبة في الاقتتال بسوريا، مضيفا "لن تضيع روسيا كل مكاسبها التي حصلت عليها في سوريا، واحتمالية ضرب قصر الأسد قد تكون رمزية وإنذار عند تغيبه عنه".

بدوره أفاد الخبير العسكري الروسي في وكالة تاس الروسية "فيكتور ليتوفكين" بأنه من غير المستبعد أن تقوم الولايات الأمريكية باستهداف قصر رأس النظام السوري بشار الأسد إلى جانب عدد من المواقع الهامة من ضمنها مقر هيئة الأركان العامة السورية، إضافة إلى قواعد ومطارات عسكرية سورية، محذراً من أن تعرُّض الجنود الروس للقصف سيؤدي إلى عواقب وخيمة.

وكان رئيس هيئة الأركان في الجيش الروسي "فاليري غيراسيموف" حذَّر الولايات المتحدة من تعرُّض مواطنين روس للقصف الأمريكي، وفي حال تعرضهم لأذى فسيقوم الجيش الروسي باعتراض هذه الصواريخ وقصف مصادرها.

سيناريوهات مفاجئة

ورأى الخبير في الشؤون الأوروبية د. حسام شاكر أن مساحة التوقعات تتسع مع نمط القيادة الأمريكية الحالية، موضحا أن سلوك إدارة ترامب يحتمل مفاجآت عدة لا يمكن التحسّب لها.

ونوه شاكر في تعقيب خاص لـ"النجاح الإخباري" إلى أنه في حال وجهت الولايات المتحدة ضربة في سوريا حقاً فإنّ هذا سيكون على أقل تقدير بهدف تسجيل الحضور الأمريكي في المشهد السوري، خاصة بعد الاصطفاف الذي جسّدته القمة الثلاثية الروسية التركية الإيرانية.

وأشار شاكر إلى أن ضربة كهذه في حدها الأقصى ستكون محاولة لتغيير بعض قواعد اللعبة على الأرض السورية، وهو ما ستحدده طبيعة الضربة إن جاءت بالنظر إلى أهدافها الميدانية وكثافتها أو تكرارها.

وأوضح أن ما ينبغي إدراكه هو أن الضربة لن تكون موجهة في رسالتها السياسية إلى النظام في دمشق بل هي بالأحرى رسالة إلى أطراف أخرى خاصة روسيا.

وتوقع شاكر أن أي محاولة من موسكو لعرقلة هذه الضربة عبر الهيئات الدولية لن تكبح واشنطن، خاصة وأن واقع الاستباحة متعددة الأطراف للميدان السوري وأنّ ضربات روسيا ذاتها في سورية لم تكن بإرادة دولية وإن توفّر لها غطاء شكلي من دمشق.

وقال شاكر إن طالت إحداثيات الضربة أهدافاً غير سورية، كأن تكون لبنانية أو إيرانية على الأرض السورية؛ فإنّ الرسالة ستكون في هذه الحالة موجّهة إلى طهران والضاحية الجنوبية تحديداً.

وأكد أن أي ضربة عسكرية أمريكية في ⁧‫سورية‬⁩ لن تكون في حقيقتها انتقاماً لأبرياء اختنقت أنفاسهم في ⁧‫دوما‬⁩ أو غيرها من البلدات المنكوبة رغم التذرّع بذلك.

وفيما يتعلق بتوقيت الضربة أشار إلى أن ذلك مرتبط بتوازنات النفوذ على الأرض السورية المحترقة وترتيبات الوضع النهائي.

وأوضح أن ‏فظائع ⁧‫دوما‬⁩ والغوطة الشرقية‬⁩ تمنح فرصة متجددة لأطراف في النظام الدولي لأن تُلقي مزيداً من المواعظ الأخلاقية، وأن تمنح الانطباع بالتزام هذه الأطراف بالمبادئ والقيم، رغم ضلوعها بأشكال متعددة في تواطؤات سمحت لهذه الفظائع أن تتواصل عبر سنوات سبع.

الهدف غير إنساني

وأكد أن الأطراف الدولية الأساسية لم تكن جادة خلال سبع سنوات في تحذيرها من اقتراف جرائم حرب بحق المدنيين في سورية، وانتفت الإرادة السياسية لديها لكبح الفتك الجماعي بالسوريين رغم بلاغات القلق والإدانة التي أصدرتها.

واختتم حديثه مع "النجاح الاخباري" مؤكدا أن التواطؤات الدولية هكذا فرضت قواعد لعبة تسمح باقتراف مزيد من الفظائع، لكنّ استعمال الغازات الخانقة هو خط أحمر يتم استعماله كذريعة للتهديد بضربات أو تنفيذها.


المواقع المتوقع استهدافها من ناحية عسكرية

من جهته أوضح الخبير العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات أن احتمال الضربة قائم، ولكن فرص الحرب تتساوى مع فرص التهدئة، مستدركا أنه في الوقت ذاته يوجد مؤشرات خطيرة لضربة قادمة على سوريا أو ايران، حيث أعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب ووزير الدفاع الأمريكي إلغاء زيارته بسبب التطورات في سوريا.

وأشار عريقات لـ"النجاح الإخباري" إلى وجود ادعاءات مزيفة تحاول تثبيت تهمة الكيميائي، لتنفيذ الضربة ضد سوريا، لافتا إلى أن الأمور ما زالت معقدة.

واتفق عريقات مع المحلل أبو دياب في جزئية إعاقة الفيتو للضربة الأمريكية، قائلا "أمريكا ستتخذ القرار المناسب لها بعمل عسكري ضد سوريا".

وأكد أن إسرائيل تدفع الولايات المتحدة وأوروبا للتصعيد العسكري، خاصة بعد عودة الغوطة لسوريا، الأمر الذي شكل قلقا لدى إسرائيل.

يذكر أنه على ضوء الاتهامات الدولية لسوريا باستخدامها الغاز السام في هجوم على "دوما" والذي ادى الى مقتل 48 مدنيا، ثمة ضغوط متزايدة على الولايات المتحدة لتوجيه ضربة قوية للنظام السوري، مشابهة لتلك الضربات التي شنها "الناتو" على البوسنة والهرسك في عام 1995م والتي أدت الى هزيمة الصرب، وذلك بعد فقدان المسلحين المدعومين من بعض دول الخليج معاقلهم واقتراب الجيش السوري من حسم المعارك، بغية اعادة خلط الاوراق من جديد.