عبد الله عبيد - النجاح الإخباري -  "أيام قلائل كانت تفصله عن حفل زفافه وتحقيق أمنياتنا وإدخال البهجة والفرحة لقلوبنا، غير أن الشهادة سبقتنا إليه وتشظت أحلامنا في رؤيته مكللا بالورود عند شهادته"، بهذه الكلمات بدأ أبو يوسف رحمي "67" عاماً والد الشهيد "محمود" الحديث عن نجله الذي استشهد أمس الجمعة.

ويضيف والد الشهيد لـ"النجاح الإخباري": كان ينتظر الدخول إلى عش الزوجية الشهر المقبل، ولكن فرحتنا لم تتم".

واستشهد الشاب محمود رحمي "33" عاماً، أمس الجمعة برصاص الاحتلال الإسرائيلي، خلال مشاركته في مسيرة العودة على الحدود الشرقية من قطاع غزة.

تمنى الشهادة ونالها

الشهيد رحمي الذي كان من المفترض أن يقيم حفل زفافه الشهر القادم، عاد بالأمس محمولاً على الأكتاف، ليزف شهيداً عند ربه.

" يحكون في بلادنا.. يحكون في شجن، عن صاحبي الذي مضى وعاد في كفن".. كلمات الشاعر محمود دوريش كأنها لسان حال أبو يوسف الذي فقد فلذة كبده، ليتابع حديثه بألم: "كنا نحلم بزواجه، وبدأنا بترتيبات فرحه، لكنه عاد إلينا بالكفن ومحمولاً على الأكتاف".

ويشير إلى أن ابنه محمود كان عاشقاً للشهادة "فمنذ سنوات وهو يتمناها ويخرج في مسيرات على الحدود، وكنت أمنعه في أغلب الأحيان".

والد الشهيد كان يُغالب حرقة دموعه وهو يروي لـ"النجاح" كيف يبتلع الوطن محبيه، وكيف تُغتال الأحلام دونما استئذان، وعن معنى أن يعود الأبناء في كفن: "لقد كان سندي وأفضل أبنائي، ويدي اليمنى، ولا يرفض لي طلباً".

وليكمل قوله: "ذهب الذي كان يرسم الابتسامة على وجههي، ذهب فاكهة البيت وصاحب الظل الخفيف، وتركنا هنا نبكي دماً على فراقه".

عريساً في الجنان

تارة كان يجهز الشهيد محمود لحفل زفافه المقرر الشهر القادم، من خلال تزيين منزله وما يحتاجه الفرح من متطلبات، وتارة كان يجهز للخروج في مسيرات العودة على الحدود الشرقية والتي أحب التواجد فيها".

ليروي لنا والده يوم خروجه واستشهاده قائلاً: "بالرغم من أن محمود كان مبسوطاً وهو يزين البيت ويجهز نفسه بأن يُزف عريساً الشهر المقبل، إلا أن لديه شعور بأن فرحته الكبرى ليست زفافه".

ويضيف: "فرحته الكبرى تكمن في استشهاده وان يزف عريساً بجوار ربه، فهذا ما كان يتمناه وناله"، مشيراً إلى أنه كان ينتظر يوم الجمعة على أحر من الجمر ليخرج في مسيرات يوم الأرض.

وبحسب والده، فإن الشهيد لديه "شُّديدة" يخرج بها على الحدود، وأخذها معه حينما ذهب أمس وعن العصر تلقينا خبر استشهاده".

لينهي حديثه " رحمة الله على محمود والله يرضى عليه، الآن هو في بيت أفضل من بيته وبجوار ربه، وإنشاء الله يكون قد زف عريساً في الجنان".

وعند سؤالنا عن والدة الشهيد، فقد تبين أنها متوفية منذ عشرين عاماً.

وخرج آلاف الفلسطينيين في مسيرات العودة الكبرى، أمس الجمعة، والتي توجهت عن الحدود الشرقية في قطاع غزة، حيث استشهد خلالها 15 شهيداً برصاص الاحتلال، وأصيب أكثر من 1500 جريح.