النجاح الإخباري - في مشهد وحدوي وتحت هدف واحد ورسالة واحدة وفي مناسبة محفورة في أذهان الفلسطينيين (يوم الأرض)، خرجت الجماهير الفلسطينية في إطار سلمي شيباً وشباباً وشيوخاً ونساءً وأطفالاً نحو الحدود الشرقية لقطاع غزة، رافعين علم فلسطين، مطالبين بحقهم في العودة إلى ديارهم التي هُجروا منها قسراً عام 48 من قبل العصابات الصهيونية وبدعم من بريطانيا آنذاك.

ورغم تجهيز اللجنة المنظمة لمسيرة العودة للدعم اللوجستي من باصات لنقل الجماهير إلا أنهم ولحماسيتهم انطلقوا طواعية من ساعات الصباح إلى الخيام المجهزة لهم سيراً على الأقدام.. عائلات بأكملها انتقلت تاركة خلفها منازلها فارغة للمشاركة في هذا الحدث التاريخي غير آبهين بتهديدات الاحتلال التي لم تنقطع على مدار أسبوع كامل من قبل القادة السياسيين والعسكريين لاستهدافهم في حال مشاركتهم.

مشهد تمنى الفلسطينيون أن يتجسد على الأرض منذ سنوات طويلة، فالجميع تحت راية علم فلسطين فيما الرايات الحزبية اختفت ولم يكن لها وجود بالمطلق من بيت حانون شمالاً وحتى رفح جنوباً.

فما أن تتحدث مع أي من الشيوخ والنساء عن سبب مشاركته لتجد منهم من ذرفت عيناه حنيناً وشوقاً لبلدته التي هجر منها وهو طفلاً، فالخيام توشحت بأسماء البلدات التي هجر أهلها منها، فتلك خيمة باسم قرية يبنا واخرى بالمجدل وثالثة يافا وحيفا وعكا وبرير وبربرة وسمسم وهربيا وزرنوقة وغيرها من البلدات، هادفين بإيصال رسالة إلى الاحتلال الذي راهن على أن الكبار يموتون والشباب ينسون، بأن هذه النظرية فاشلة ولن يكتب لها النجاح، وبأن الأبناء لن ينسون ما تربوا عليه.

بعض الأهالي اصطحبوا أبناؤهم حديثي الولادة معهم وعند سؤالهم عن مجازفتهم أجابوا ، نخشى أن لا تتكرر هذه الفرصة ونشعر بالتقصير في عدم تلبية الواجب مستقبلا.

ويأمل الغزيون الذين يعيشون أوضاعاً مأساوية صعبة جراء الحصار البغيض والانقسام ورفض حركة حماس تمكين حكومة الوفاق الوطني للقيم بواجباتها تجاه القطاع المنهار، بل والوصول بالمصالحة إلى طريق مسدود عقب محاولة اغتيال رئيس الوزراء د. رامي الحمدالله في غزة.

إن مشهد التكاثف والوحدة الذي أظهره الغزيين خلال مسيرة العودة متمسكين بحقوقهم وأرضهم يحمل رسالة للاحتلال من جهة بأنهم "لا ولن ينسوا ديارهم وحقوقهم"، وكذلك لحركة حماس "بأن تتنازل من أجل أن يحيوا حياة كريمة وتسليم الحكومة مقاليد السلطة لرفع الحصار وتنفيذ المشاريع التي يحلم بهم الشباب الذين قُتل مستقبلهم .