النجاح الإخباري - تمر عملية الالتهاب بسلسلة من العمليات المعقدة التي ينشأ عنها سيناريو حافل وغني بالأحداث المتعاقبة التي تهدف في المحصلة إلى حماية الجسم من الضرر الذي يُتوقع حدوثه عقب تعرض النسيج إلى مسبب الالتهاب أياً كان.

 

 

وتشير الأبحاث إلى أن وجود مسبب الالتهاب هذا يؤدي إلى إثارة النسيج وإفراز بروتينات وأجسام مناعية، بالإضافة إلى تحرر وسائط كيميائية ذات طابع خاص في النسيج المصاب. ويعقب ذلك مسلسل من الأحداث يبدأ بتوسع الأوعية الدموية المفاجئ، الذي يصاحبه تدفق الدم بكميات كبيرة نحو مسرح الأحداث، وزيادة تسرب هذا الدم عبر مسامات الوعاء الدموي المتوسعة حاملاً معه الخلايا المناعية المختلفة، وهو ما يفسِّر سبب ظهور العضو الملتهب باللون الأحمر، وارتفاع درجة حرارته عند لمسه، وزيادة حجمه، مقارنة بحاله قبل حدوث الالتهاب.

وتؤدي زيادة حجم النسيج الملتهب (أو تورمه كما تسميه المراجع العلمية) إلى الضغط على نهايات الأعصاب المستقرة في منطقة الالتهاب وتحفيزها، ويترافق ذلك مع ظهور الألم الذي تختلف حِدَّته وفقاً لشدة الالتهاب، وما تشهده الساحة من صراع بين طرفَي النزاع. كما أن وراء تفاقم الألم سبباً آخر هو تحرر بعض المواد الكيميائية في الوسط الملتهب، مثل مادة "براديكينين" ومادة "هستامين".

وسرعان ما تتفاعل خلايا الدم المناعية مع مسبب الالتهاب بغية القضاء عليه، والحد من شراسته وتأثيره الضار في نسيج الجسم. وتأتي خلايا الدم البيضاء في رأس قائمة الخلايا المناعية التي تدخل ساحة الالتهاب. ويلي ذلك إفراز مواد كيميائية مختلفة بغية تجنيد مزيد من تلك الخلايا، وجذبها نحو ميدان النزاع.

ولخلايا الدم البيضاء هذه أشكال ووظائف متعددة، منها ما يُسمّى بالخلايا "البالعة" (Phagocytes) التي تحيط بمسبب الالتهاب إحاطة السوار بالمعصم، فتفقده طاقته التخريبية، وقد عُرِفَتْ باسمها هذا لما تمتلكه من خواص التهام البكتريا والميكروبات الأخرى وحطام الخلايا الميتة، نظراً لإفرازها إنزيمات خاصة ومواد حمضية تساعدها في مهماتها المناعيــة في هضم مسببات الالتهاب تلك.