بيت لحم - النجاح الإخباري - يعتز الفلسطيني صلاح أبو علي (45 عامًا) بامتلاك عائلته أقدم وأضخم شجرة زيتون بالعالم، في قرية الولجة بمحافظة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية.

وقدر خبراء إيطاليون عُمر الشجرة بـ3 آلاف عام، بينما قدره خبراء يابانيون بقرابة 5500عام، بحسب "أبو علي".

وتعرف الشجرة في "الولجة" باسم "شجرة البدوي".

منذ نحو عشر سنوات، عينت وزارة الزراعة الفلسطينية "أبو علي" حارسًا على الشجرة.

وهو يمضي يومه في جوار الشجرة، التي باتت مقصدًا لسائحين أجانب ومحليين.

بين الاستيطان والجدار

تقع "شجرة البدوي" على أطراف بلدة الولجة، ويجاورها جدار الفصل العنصري الإسرائيلي.

بنت تل أبيب هذا الجدار (2002: 2012) على أراضي الضفة الغربية؛ بدعوى "منع تنفيذ هجمات فلسطينية ضد الإسرائيليين، ويطلق عليه الفلسطينيون عليه "جدار الفصل العنصري".

ويقول "أبو علي" للأناضول : "لا يبعد الجدار الفاصل عن الشجرة سوى عشرة أمتار، كادت تُدمر بفعل أعمال التجريف والتفجير خلال تشييد الجدار".

ولا يستبعد الحارس أن تكون أعمال التجريف قد قطعت جزءًا من جذور الشجرة.

ويلفت إلى أن الاستيطان وجدار الفصل الإسرائيليين يحاصران القرية من جنباتها كافة؛ مما يهدد الأراضي والمساكن.

ويتابع أن "عُمر الشجرة قُدر بنحو 5500 عام، هذه إشارة إلى أن الوجود العربي الكنعاني في فلسطين قبل دولة الاحتلال (تأسست عام 1948 على أراضٍ فلسطينية محتلة) بآلاف السنين".

وترفض عائلة "أبو علي" بيع الشجرة.

ويقول حارسها: "الحديث ذاته (بيع الأرض) مرفوض، لن نفرط بها"، مضيفا "لنا الشرف أنها تقع في أرضنا".

وتملك العائلة نحو 5 دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع) بجوار الشجرة المعمرة، تُزرع بالزيتون والحبوب.

وجل أراضي "الولجة" تم مصادرتها من جانب السلطات الإسرائيلية لصالح الجدار الفاصل، وتقع إلى الجنوب الغربي من مدينة القدس المحتلة.

وحول "أبو علي" محيط الشجرة إلى حديقة طبيعية، حيث بنى جدرانًا حجرية ومقاعدًا.

وهو يحرص يوميًا على تنظيف محيط الشجرة، ويقول إن علاقته بها تحولت إلى ما يشبه علاقة "الجسد بالروح".

بمثابة كرم زيتون

ارتفاع الشجرة المُعمرة يبلغ حوالي 12 مترًا، وقطرها نحو 25 مترًا، وتغطي مساحة 250 مترًا مربعًا، ويخرج من الشجرة الأم نحو 22 شجرة.

يقول عنها "أبو علي": "الشجرة بمثابة كرم زيتون".

وتنتج الشجرة نحو 500 كيلو جرام (ثمار) سنويًا، لكن المنتج تراجع في السنوات الأخيرة، لقلة مياه الأمطار.

وبينما يعمل على قطف ثمارها، يصف "أيو علي" زيت الشجرة بـ"السمن"، ويعرف ثمارها بـ "الحواري"، وهو من أفضل أنواع الزيتون.

ويعد زيت زيتون بلدة بيت جالا والبلدات القريبة لها (الولجة على أطراف بيت جالا) من أجود أنواع الزيت في فلسطين، ويُباع الكيلو جرام الواحد بنحو 20 دولارًا.

ويختلف سعر كيلو الزيت في الضفة الغربية من محافظة إلى أخرى، ويتراوح بين 10-15 دولارًا، ويعد زيت بيت جالا هو الأغلى.

ويزيد "أبو علي" بقوله: "هناك علاقة خاصة بيني وبين الشجرة، أمضي يومي بجوارها، وأبات بعض الليالي بجوارها".

وتقع الشجرة على بعد عشرات الأمتار من مساكن المواطنين في الولجة.

ويستقبل الحارس عشرات الوفود الأجنبية والفلسطينية.

ويقول: "يوميًا هناك من يزور الشجرة، من فلسطيني الداخل (إسرائيل)، والضفة الغربية، وسياح أجانب".

ويقدم الحارس للزائرين شرحًا عن عمر وميزات الشجرة.

ويتناقل السكان حكايات وأساطير حول الشجرة، التي يعتقدون أن أيدي مباركة زرعتها.

** هدية لأوباما

بدوره، يقول فياض فياض، مدير مجلس زيت الزيتون في فلسطين، إن شجرة "الولجة" هي أقدم شجرة زيتون في العالم، ويقدر عمرها بأكثر من 5 آلاف سنة.

ويشدد فياض، في حديث مع الأناضول، على أن زيتها يعد من أجود أنواع الزيوت؛ لكبر عُمر الشجرة.

ولفت إلى أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قدم إلى الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما (2009: 2017)، قارورة من زيتها هديةً بمناسبة توليه منصبه عام 2009.

وتجاور قرية الولجة مدينة القدس المحتلة، ومن أراضيها يمر القطار الرابط بين القدس ويافا.

وفي القسم الغربي من القربة كان يقع خط "الهدنة"، أو ما يُسمى "الخط الأخضر" إبان عام 1948، أو ما يطلق عليه الفلسطينيون "عام النكبة".

ويوجد في أراضي القرية 22 نبع مياه، تُروى منها المزروعات والأشجار.

وشُيدت الولجة الجديدة بعد عام 1948، حيث هجر سكان القرية مساكنهم، تحت وطأة هجمات نفذتها عصابات مسلحة صهيونية، وشيدوا قريتهم على تل قريب من قريتهم الأم.

وحاليًا يسكن الولجة "الجديدة" نحو 2500 نسمة، على مساحة ألفي دونم من أصل 17 ألف دونم. -