النجاح الإخباري - نشرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية تقريرا بينت فيه كيف تمكنت كرواتيا من تحقيق النجاحات حتى وصلت للمركز الثاني في كأس العالم روسيا 2018، ولكن من خلال إلقاء نظرة على أشهر ناد كرواتي، دينامو زغرب، سيتضح كم المشاكل التي تعاني منها كرة القدم الكرواتية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الكرواتيين يعتقدون أن نادي دينامو زغرب حطم أرقام قياسية قبل المباراة النهائية في كأس العالم، بين كرواتيا وفرنسا.

ويلعب حارس مرمى المنتخب الكرواتي، دومينيك ليفاكوفيتش، في صفوف هذا النادي، الذي كون لاعبين كبار ينشطون حاليا في أكبر الأندية الأوروبية، على غرار ماكينة خط الوسط لوكا مودريتش، والمهاجم الخطير ماريو ماندجوكيتش، والمدافعين، ديان لوفرين ودوماغوي فيدا.

وأوردت الصحيفة أن الموسم الكروي الجديد سيبدأ في كرواتيا في نهاية تموز/ يوليو الجاري، ولكن كرة القدم في كرواتيا تختلف تماما عما تبدو عليه كرة القدم في سائر الدول الأوروبية، وتعاني كرة القدم الكرواتية من قلة الجماهير، ونقص عدد الرعاة، وقد أدى ضعف الموارد في الأندية الكرواتية إلى عدم القدرة على رعاية المواهب، حيث تضطر الكثير من الأندية إلى بيع اللاعبين للأندية الأوروبية الكبيرة بحثا عن المال.

وذكرت الصحيفة أن ملعب نادي دينامو زغرب ليس ملكا للنادي، وإنما لحكومة مدينة زغرب، وفي الواقع إن مدرجات الملعب في حالة سيئة للغاية، إذ أن الجزء القديم منها شُيد منذ خمسين سنة، والجزء الجديد منذ عشر سنوات، ولا تنتهي أعمال الإصلاحات مطلقاً في الملعب، الذي لا يسع سوى 36 ألف متفرج فقط، ولكن بالطبع لم تمتلئ تلك المدرجات من قبل، ويبلغ متوسط عدد المشجعين في مباريات الدوري الكرواتي نحو 2750 مشجعا، وتعتبر أرضية الملعب هي أغلى شيء فيه، حيث بلغت تكلفتها مليون يورو.

وأفادت الصحيفة بأن دوري أبطال أوروبا يعتبر أحد أهم مصادر الدخل بالنسبة لنادي دينامو زغرب، ويأمل النادي في التأهل إلى البطولة الأقوى في أوروبا، حتى يتسنى له الحصول على 15 مليون يورو من الويفا، ويضم النادي تشكيلة مختلفة من اللاعبين من جنسيات مختلفة، على غرار التشيكي يان ليكياكس، والفرنسي كيفن ثيوفايل كاثيرين، والسلوفيني بيتر ستويانوفيتش، والبوسني عزت هايروفيتش، والإيراني صادق موهارامي.

وأشارت الصحيفة إلى أن النادي باع لاعبين بقيمة 300 مليون يورو خلال 15 سنة، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت تلك الأموال قد دخلت إلى خزينة النادي بالفعل، وترى جماهير دينامو زغرب أن النادي غارق في بحر من الفساد، ولعل ذلك ما أكده رجل الأعمال الكرواتي ومشجع النادي، ميروسلاف بوزوك، الذي قال إنه يدفع ثمن التذكرة فقط في حال كانت المباراة في بطولة أوروبية وليست محلية، وفي سنة 2011، ألقت سلطات مكافحة الفساد في كرواتيا القبض على مسؤولين كبار في النادي بتهم الفساد، وعرفت وقتها بفضيحة ماميتش.

في الحقيقة، يعتبر رجل الأعمال زدرافكو ماميتش العقل المدبر لنادي دينامو زغرب واتحاد كرواتيا لكرة القدم، وتدير امبراطورية ماميتش كرة القدم في كرواتيا، حيث أبرمت عدة عقود طالتها شبهات اختلاس وغسيل أموال وتهرب ضريبي. وفي السادس من حزيران/ يونيو الماضي، أصدرت محكمة أوسييك شرق كرواتيا حكما ضد الأخوان ماميتش، بتهمة اختلاس 15 مليون يورو من نادي دينامو زغرب، والتهرب الضريبي بمبلغ 1.8 مليون يورو.

ونوهت الصحيفة إلى أن زدرافكو ماميتش استطاع الهرب إلى البوسنة بعد أن حكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات ونصف، وعلى الرغم من أن المحكمة الكرواتية أصدرت مذكرة توقيف بحقه، إلا أن القاضية البوسنية قد رفضت تسليمه، وهنأته خلال الجلسة بفوز كرواتيا بالمركز الثاني في كأس العالم، ومن المفترض أن يمثل ماميتش أمام النيابة الكرواتية مرة أخرى بسبب تهم اختلاس وفساد نحو 20 مليون يورو.

وأبرزت الصحيفة أن نادي دينامو زغرب يعتبر سيد الأندية الكرواتية، ويرأسه حاليا المهاجم الدولي السابق، دافور سوكر، ويضاف الاتحاد الكرواتي إلى منظومة الفساد في كرة القدم الكرواتية، وحسب ما أكده المسؤول السابق في الاتحاد، إيفان بريلكوفيتش، فإنه "يمكن استبدال رئيس كوريا الشمالية ولا يمكن استبدال رئيس الاتحاد مطلقا بسبب التنظيم الهيكلي للاتحاد".

ونقلت الصحيفة عن الناقد الرياضي الكرواتي، يوراي فردولياك، أن "المنتخب نجح على الرغم من انعدام الرؤية والفساد في كرة القدم الكرواتية"، واستطرد فردولياك قائلا إن "الكثير من الجماهير تمنت أن يدلي كل من مودريتش ولوفرين بشهادتيهما أمام المحكمة فيما يتعلق بفساد ماميتش، خاصة أن اسميهما مرتبطان بالكثير من الأموال في صفقات انتقالهما للخارج سنة 2008 و2010، ولكن مودريتش قال أمام المحكمة إنه لا يتذكر شيئا، كما سحب لوفرين أقواله، وقد أكد ذلك ماميتش في الشهادة التي كتبها بيده".

وأردفت الصحيفة أن مودريتش الذي يعتبره الكرواتيون الآن أيقونة كرة القدم في كرواتيا، ليس إلا كاذبا يتستر على منظومة فساد، حسب ما قاله فردولياك، وفي كانون الثاني/ يناير، واجه مودريتش في إسبانيا قضية تهرب ضريبي بحوالي مليون يورو، كما يواجه تهم بحنث اليمين والشهادة الزور في كرواتيا.

ويرى الأستاذ في جامعة زغرب، درازن لاليتش، أن الفصل بين السياسة وكرة القدم هو الحل الوحيد لإنهاء الفساد في الوسط الرياضي الكرواتي، وفي كتابه "كرة القدم والسياسة"، أكد لاليتش أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكرواتي يهيمن على كرة القدم، وقادة الحزب هم مسؤولو اتحاد كرة القدم.

وتجدر الإشارة إلى أن الأب الروحي لكرة القدم الكرواتية، ماميتش، مول الحملة الانتخابية لرئيسة كرواتيا الحالية، كوليندا غرابار كيتاروفيتش، سنة 2014، كما نظم لها العديد من الحفلات الخاصة في منزلها.

وفي الختام، قالت الصحيفة إن المحكمة في أوسييك حكمت على الرئيس التنفيذي لاتحاد كرة القدم الكرواتي، دامير فربانوفيتش، بثلاث سنوات سجن، إلا أن الاتحاد تركه في منصبه، وتعليقا على ذلك، قال لاليتش إن "كأس العالم انتهى، ولكن مستنقع فساد كرة القدم في كرواتيا مازال قائما".