نابلس - النجاح الإخباري - ثبت في الصحيحين عن ابن عباسٍ – رضي الله عنهما – قال: "كان رسول الله – ﷺ – أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضان حين يلقاهُ جبريلُ، فإذا لقيه جبريل – عليه السلام – كان أجودُ بالخير من الريح المرسلة" [رواه البخاري:6، ومسلم:2308]. زاد أحمد "لا يُسأل عن شيءٍ إلا أعطاه" [رواه أحمد:3012، وصححه شعيب الأرناؤوط]. قال ابن حجر: "أجود الناس" أي: أكثر الناس جودًا، والجود: الكرم وهو من الصفات المحمودة، وقوله: "أجود بالخير من الريح المرسلة" أي: المطلقة، يعني في الإسراع بالجود أسرع من الريح، وعبَّر بالمرسلة إشارة إلى دوام هبوبها بالرحمة، وإلى عموم النفع بجوده كما تعم الريح المرسلة جميع ما تهب عليه" [فتح الباري:1/ 30].
قال بعض أهل العلم: فضَّل جوده على جود الناس، ثم فضَّل جوده في رمضان على جوده في غيره، ثم فضَّل جوده في ليالي رمضان وعند لقاء جبريل؛ على جوده في سائر أوقات رمضان، ثم شبه بالريح المرسلة في التعميم، والسرعة، قال ابن الملك معللًا: لأن الوقت إذا كان أشرف يكون الجود فيه أفضل" [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح:6/ 444]، يقول ابن عمر – رضي الله عنه -: "ما رأيت أجود ولا أمجد من رسول الله – ﷺ -" [الاستذكار لابن عبد البر:5/ 78].
فيا عبد الله: هذا حال نبيك مع الإنفاق في رمضان، وهو القدوة، والأسوة؛ فكيف حالك أنت؟
قال الشافعيُّ – رحمه الله -: "أحبُّ للرجل الزيادة بالجود في رمضان؛ اقتداءً برسول الله – ﷺ -، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصوم، والصلاة عن مكاسبهم" [الحاوي في فقه الشافعي:3/ 479].
أخي المبارك لا تنس: أن شهر رمضان موسم المتصدقين، وفرصة سانحة للباذلين، والمعطين، وإن الصيام يدعوك إلى إطعام الجائع، وإعطاء المسكين، وإتحاف الفقير.
أيها الصائم: شربة ماء، ومذقة لبن، وحفنة تمر، وقليل من الطعام، والمال، واللباس؛ تسديها إلى محتاج؛ هي طريقك إلى الجنة.
ختامًا: تذكر أيها الصائم أن رمضان يدعوك للبذل والعطاء، ورحمة الفقراء والمساكين، وهي دعوة في ذات الوقت لنفسك لتقرض ربك في الدنيا؛ فيكرم قرضك يوم تلقاه: إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ [التغابن:17]، وتذكر أن الأموال، والكنوز، والقصور مآلها إلى الزوال، والضياع، وليكن حداءك قول رسولك – ﷺ -: ما نقصت صدقة من مال [رواه مسلم:2588].