النجاح الإخباري - وسط حالة من الارتياح مع اقتراب التوقيع على صفقة وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حماس وإسرائيل، تثار العديد من التساؤلات حول السبب وراء عدم توقيع هذا الاتفاق قبل ثمانية أشهر، لا سيما وأن بنوده تقريباً نسخة كربونية عن الاقتراح الذي عرض في مايو 2024.
بالنسبة لبعض المراقبين، فإن الفارق الرئيسي يكمن في وجود رئيس أميركي قادم يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صعوبة في التحايل عليه ومراوغته كما كان يفعل مع سلفه جو بايدن.
- الجحيم لمن؟ -
يقول المعلق السياسي الإسرائيلي تمير موراغ لقناة 14 الإسرائيلية: "دونالد ترامب يمارس "ضغطاً ثقيلاً… ليس فقط على حماس والقطريين، ولكن أيضاً علينا للتوصل إلى اتفاق"، مشيراً إلى محادثاته مع مسؤولين داخل حكومة نتنياهو.
في قناة 12، كان المراسل السياسي يارون أفرهام يتحدث بنبرة مشابهة.
وأوضح أفرهام أن ترامب "مارس ضغوطاً شديدة، وأخبر نتنياهو بوضوح أنه يريد رؤية اتفاق قبل تنصيبه" في 20 يناير، مضيفاً أن مسودة الاقتراح الحالي "هي نفس الاتفاق" الذي قدمته إدارة بايدن في 27 مايو.
وتضمن ذلك الاقتراح وقفاً دائماً لإطلاق النار، يبدأ بتبادل الأسرى، إلى جانب انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة. كما شمل زيادة كبيرة في الدعم الإنساني يتبعها خطة طويلة الأمد لإعادة إعمار القطاع المنكوب.
وما زالت الصورة غير واضحة تماماً حول النفوذ الذي يمارسه ترامب على إسرائيل، إن وُجد، ولكنه في ديسمبر توعّد بأن "الجحيم سينفجر" إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
في حين تم تفسير هذا على نطاق واسع كتهديد ضد حماس، قد تكون هناك أيضًا تداعيات على إسرائيل.
-غزة ليست من أولوية ترامب-
يعتقد بعض المراقبين الإسرائيليين أن نتنياهو والحرب في غزة أصبحا مصدر تشتيت لا يرغب ترامب في التعامل معه — وأن فرص تحقيق صفقة تاريخية كانت أكثر جاذبية بشكل كبير.
يقول يوسي بيلين، الوزير السابق في حكومة العمل الإسرائيلية والشخصية البارزة التي ساهمت في بدء محادثات السلام التي أدت إلى اتفاقيات أوسلو عام 1995، "أعتقد أن لدى ترامب قضايا أخرى على جدول أعماله".
وأشار بيلين في حديثه لقناة "CBC News" إلى أن ترامب ونتنياهو تربطهما "صداقة هشة للغاية"، معتبراً أنهما، رغم اشتراكهما في نزعات استبدادية، ليسا حليفين طبيعيين.
-اتفاق بايدن؟ -
ويوم الاثنين، ظهر الرئيس الأميركي جو بايدن ليُلمح إلى دوره في تحقيق الاختراق الحالي، قائلاً إن الاقتراح الحالي يشبه إلى حد كبير الاقتراح الذي حاول هو وفريقه جعله مقبولاً لدى الطرفين قبل ثمانية أشهر، دون نجاح.
واجه بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن انتقادات شديدة من الفلسطينيين، ومنظمات حقوقية، وحتى بعض عائلات الرهائن، بسبب تنازلات متكررة لنتنياهو.
-انتقادات داخلية ودولية-
ويُلقى باللوم على إدارة بايدن لدعمها الهجمات الإسرائيلية المروعة على المناطق السكنية في غزة وفشلها المتكرر في فرض ما يسمى بالخطوط الحمراء الأميركية. ومن بين ذلك غزو جيش الاحتلال لمدينة رفح جنوب غزة، مما شكل تهديداً لمئات الآلاف من السكان.
-عوامل سياسية داخلية-
لكن إلى جانب الضغوط الدولية، يبدو أن السياسة الداخلية أثرت أيضًا على قرار نتنياهو بالموافقة على الصفقة هذه المرة.
بعد 15 شهراً من القصف المستمر ضد حماس، لا تزال "النصر الكامل" الذي وعد به الزعيم الإسرائيلي بعيد المنال.
ما زالت حماس تطلق الصواريخ على جنوب إسرائيل، وخلال الـ72 ساعة الماضية، فقد الجيش الإسرائيلي تسعة جنود في شمال غزة، وأصيب أكثر من اثني عشر آخرين بجروح خطيرة.
رغم أن الحركة فقدت العديد من قادتها العسكريين، فإن الحركة أظهرت قدرة على الصمود عبر تجنيد آلاف الأعضاء الجدد، كما تقول المصادر الأميركية.
"المزاج كئيب"، قال بيلين، الوزير السابق في الحكومة الإسرائيلية.
ويضيف: "الحكومة تقول، 'نعم، نحن ننتصر'… لكنك لا تستطيع الاستمرار بهذه الحجة لفترة طويلة".
رغم ذلك، لا تزال أصوات قوية داخل ائتلاف نتنياهو الحاكم تدفع باتجاه مواصلة الحرب.
وتباهى وزير الأمن القومي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، بالضغط الذي مارسه على نتنياهو لإفشال اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة، وحث شركاءه في الائتلاف على فعل الشيء نفسه هذه المرة.
-حماس في موقف أضعف-
وتقدر وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية أن ضعف موقف حماس أحد العوامل التي دفعتها أيضاً إلى الموافقة على الصفقة.
على الرغم من نجاح جهودها في التجنيد داخل غزة، إلا أن موقعها الاستراتيجي العام قد تدهور منذ مايو.
فقدت خسرت الحركة زعيمها العسكري وصاحب خطة 7 أكتوبر، يحيى السنوار. كما اغتالت إسرائيل جزءاً كبيراً من قيادة حليفها الرئيسي حزب الله في لبنان.
بالإضافة إلى أن إيران، التي تُعتبر واحدة من أهم داعمي حماس ومزوديها بالمعدات العسكرية، تعرضت أيضاً لضعف نتيجة الهجمات الإسرائيلية وضعف حزب الله.